... واحلم أن موجةً زرقــاءَ جاءَت تطرقُ باب بيتك؛ افتحْ لها، وابتسمْ إذا أمكنك الابتسامُ دون تكلف، لكن إيَّاكَ أن ترتكبَ حماقةَ دعوتها للدخــول.
أمسك بيدها وخذهـا إلى البحــر..
خذها إلى البحر، واتـرك بابَ بيتك مشرعــا للسارقين، لا تهتم فكل اللصوص يعرفون بيتَك، وكلهم يلعنونه؛ كلما حاولَ أحدهم أن يسرقك؛ لا يجد إلا ما أسميتَه أنتَ قصائـدا، لو ترى حسرتَهم حين يقلبون دفاتـرك البالية بلا جدوى! أحدهم كان مغتاظـا من متاعك الذي لا يصلح لشيء، تعثَّر بنصٍّ لم يكتمل، وعوض أن يلعنَ الظلام لعنَك!
خذها إلى البحر.. وتجنَّب الشوارع المكتظة بالعابرين، فالعابرون كسارقيك لا يعبؤون بالقصائد ولا بالمـوج الأزرق
سرْ بها عبر أزقة المدينة الضيقة، دعها تصافح الأطفال، دعها تغسل الحزن عن أعينهم
ولو ارتـأتْ أن تلاعبهم قليلا؛ فكن صبورا.. وانتظرها..
لا تشغل بالك بأمـر بيتك المشرَع بابُه للسارقين.. لقد يئسَ السارقون من بيتك! لو سمعتهم؛ يوصي بعضُهم بعضا: إياكم وبيتَ الشَّاعر، لن تجدواْ فيه إلا الأخيلةَ البلهاءَ والدفاتــر!
خذ بيدها، وسر بها نحو البحر؛ دعها تتكِئُ برأسها على كتفك.. دعْ جدائلها الزرقاء تنسكب فيك، وافتح لملحها جراحَك.
خذها إلى البحــر.. فإذا أتيتُماه؛ أطلق يدَها، وراقبها تبتعد حتى يشربها الأفق.
يا صديقي لم تخلقْ الأمواجُ الزرقـاء كي تصاحب البشر!
فاحفظ لونَها، ملحَها، عبيرَها، بردَها، واحفظْ شكلَ الوقت حين كانت فيك..
خذها إلى البحر .. وانسَ أخيلتك البلهاء عن متاعك الثمين في بيتك؛
لقد يئسَ الوقتُ من هواجِسك، كما يئسَ السَّارقون من بيتك.