ما هي اسباب انتشار العنف في المجتمع الفلسطيني وطرق علاجه بقلم: الكاتب الفلسطيني : عبدالرحمن عدوي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ما هي اسباب انتشار العنف في المجتمع الفلسطيني وطرق علاجه بقلم: الكاتب الفلسطيني : عبدالرحمن عدوي

العنف , انواعه, اسبابه, طرق العلاج

  نشر في 14 يوليوز 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

مقدمه:

تشير استخدامات مختلفة بأن العنف هومصطلح يشير إلى تدمير الأشياء والجمادات (مثل تدمير الممتلكات). ويستخدم العنف في جميع أنحاء العالم كأداة للتأثير على الآخرين، كما أنه يعتبر من الأمور التي تحظى باهتمام القانون والثقافة حيث يسعى كلاهما إلى قمع ظاهرة العنف ومنع تفشيها. ومن الممكن أن يتخذ العنف صورًا كثيرة تبدو في أي مكان على وجه الأرض، بدايةًً من مجرد الضرب بين شخصين والذي قد يسفر عن إيذاء بدني وانتهاءً بالحرب والإبادة الجماعية التي يموت فيها ملايين الأفراد.

تعريف العنف :

العنف بشكل عام :هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو إرغام الفرد على إتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى

وجدير بالذكر أن العنف لا يقتصر على العنف البدني فحسب.

أسباب العنف

بشكل عام هو

القسوة في الطباع: فهناك أشخاص قساة في طباعهم. يتعاملون باستمرار بقسوة. فاذا ازدادت حدة القسوة عندهم، فإنها تتحول إلى عنف. وهذه القسوة في الطبع قد ترجع إلى ظروف اجتماعية حادة أدت بهم إلى استخدام القسوة. وربما يكونون قد حصلوا عليها عن طريق الوراثة

2- وقد يكون السبب في العنف تعب في الأعصاب: وهذا التعب ربما يكون قد نتج عن الإرهاق. والمعروف أن الإنسان في حالة الارهاق وتعب الأعصاب، لا يكون قادرًا على الاحتمال، فيرد بشدة. واذا زاد الضغط عليه، يتصرف بعنف...

3- وقد يكون السبب في العنف هو قلة الحيلة أو إخفاء الضعف بالعنف كما ذكرنا من قبل.

4- وقد يكون سبب العنف هو مرض عصبى أو مرض عقلى: ومعروف أن بعض الأمراض العقلية وكذلك العصبية يصحبها عنف.

ولعل من المدرسة الإيطالية علماء يقولون إن كل مجرم هو إنسان مريض. وهكذا يبحثون عن المرض الذي كان دافعًا إلى الجريمة... ولكن ذلك كله لا يمنع أن هناك مجرمين يقومون بأعمال عنفهم وهم في حالة عقلية تامة. وإلا زالت المسئولية عن غالبية الجرائم!

5- وأحيانا يكون الخوف من اكتشاف الجريمة سببًا آخر للعنف: كسارق اقتحم بيتًا لغرض السرقة فقط، وليس القتل في نيته إطلاقًا. ولكنه قد يضطر إلى ذلك اذا ما اكتشف أحد أمره، فيقتله لئلا يخبر عنه. أو كعصابة تقتل – لنفس السبب – بعض الذين يعرفون أسرارها، حتى لو كانوا من أعضائها، خوفًا من أن يكشفوا هذه الأسرار، خيانة منهم، أو حتى ظروف ضاغطة.

مثال آخر: شخص يظن أن آخر يتأمر عليه، فيقتله خوفًا من تآمره.

6- وقد يكون سبب العنف: الغرور أو الاعتزاز بالقوة: ففى الغرور يسئ الشخص ما لديه من قوة وامكانيات. كمن يضرب الآخرين ليشعرهم بأنه أقوى منهم، وأنه يستطيع قهرهم متى أراد. ويحدث هذا أحيانًا مع بعض المراهقين، ومع بعض الطغاة، ومع بعض العصابات في إخضاع أفراد العصابة لسلطة قائدها...!

7- وربما يكون سبب العنف هو الحقد: فالذى يحقد على آخرين، قد ينفس عن حقده بالعنف! كشخص يحقد على آخر ظانًا أنه ينافسه في الميراث، أو أنه يسعى لكي يحل محله في مركزه، فيستخدم معه العنف...!

وقد تدفع الغيرة أو الحسد إلى مثل هذا أيضًا...أو قد يكون السبب في العنف هو ردّ العنف بالعنف...

8- وقد يكون سبب العنف هو الاضطهاد الدينى:

كما قال السيد المسيح (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) لتلاميذه عما سوف يلقونه من مؤامرات اليهود وقسوة الرومان: "تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله"...! وهنا امتزج الاضطهاد بالفهم الخاطئ. مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.

ومن أمثلة الفهم الخاطئ الذي يؤدى إلى لون آخر من الإضطهاد أو من العنف: من يقتل وفي مفهومه أنه يمحو عارًا للأسرة، أو أنه ينتقم لدمائها...

أشكال العنف :

1 - العنف الجسدي

بالنسبة للعنف الجسدي لا يوجد هناك اختلاف كبير ومتباين في التعريفات التي كتبت على أيدي الباحثين حيث أن الوضوح في العنف الجسدي لا يؤدي إلى أي لبس في هذا التعريف، وهنا تعريفاً شاملاً لعدد من التعريفات. العنف الجسدي: هو استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد اتجاه الآخرين من اجل إيذائهم وإلحاق أضرار جسمية لهم وهذا ما يدعى ( Inflicted-Injury ) لي عضو أو عوجه، وذلك كوسيلة عقاب غير شرعية مما يؤدي إلى الآلام وأوجاع ومعاناة نفسية جراء تلك الأضرار كما ويعرض صحة الطفل للأخطار.

من الأمثلة على استخدام العنف الجسدي - الحرق أو الكي بالنار، رفسات بالأرجل، خنق، ضرب بالأيدي أو الأدوات، لي لأعضاء الجسم، دفع الشخص، لطمات، وركلات ( لوجسي، 1991؛ ميكلوبكس؛ لفشيتس، 1995؛ زوعبي، 1995).

2- العنف النفسي

العنف النفسي قد يتم من خلال عمل أو الامتناع عن القيام بعمل وهذا وفق مقاييس مجتمعيه ومعرفة علمية للضرر النفسي، وقد تحدث تلك الأفعال على يد شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون القوة والسيطرة لجعل طفل متضرر(مؤذى) مما يؤثر على وظائفه السلوكية، الوجدانية، الذهنية، والجسدية، كما ويضم هذا التعريف وتعاريف أخرى قائمة بأفعال تعتبر عنف نفسي مثل:- رفض وعدم قبول للفرد، إهانة، تخويف، تهديد، عزلة، استغلال، برود عاطفي، صراخ، سلوكيات تلاعبيه وغير واضحة، تذنيب الطفل كمتهم، لامبالاة وعدم الاكتراث بالطفل ( زوعبي، 1995؛ لوجسي، 1991)، كما تضيف ( حزان، 1999 ) إلى ما سبق أن فرض الآراء على الآخرين بالقوة هو أيضا نوع من أنواع العنف النفسي.

3- الإهمال الإهمال يعرف على انه عدم تلبية رغبات طفل الأساسية لفترة مستمرة من الزمن( ميكلوبتس؛ لفشيتس، 1995)، ويصنف (الزعبي، 1995) الإهمال إلى فئتين:

أ) إهمال مقصود

ب) إهمال غير مقصود

4-الاستغلال الجنسي

" هو إتصال جنسي بين طفل لبالغ من أجل إرضاء رغبات جنسية عند الأخير مستخدماً القوة والسيطرة عليه " ( لوجسي، 1991؛ ميكلوبتس؛ لفشيتس، 1995). "التنكيل أو الاستغلال الجنسي يعرف على انه دخول بالغين ( Adults ) وأولاد غير ناضجين جنسياً وغير واعين لطبيعة العلاقة الجنسية وماهية تلك الفعاليات الجنسية بعلاقة جنسية، كما انهم لا يستطيعون إعطاء موافقتهم لتلك العلاقة والهدف هو إشباع المتطلبات والرغبات الجنسية لدى المعتدي" ، وإذا ما حدث داخل إطار العائلة من خلال أشخاص محرمين على الطفل فيعتبر خرق ونقد للطابو المجتمعي حول وظائف العائلة ويسمى سفاح القربى او ( قتل الروح ) حسب المفاهيم النفسية وذلك لأن المعتدي يفترض عادة أن يكون حامي للطفل ويناقض ذلك بأني كون المعتدي عليه والمستغل لضعفه وصغره، يكون عادة من هو مفروض أن يكون حامي للطفل، ويعرف سفاح القربى حسب القانون على انه " ملامسة جنسية مع قاصر أو قاصرة على يد أحد أفراد العائلة" ( لوجسي، 1991 ).

كافة اشكال العنف اعلاه هي متواجده في المجتمع الفلسطيني ولكن باشكال متفاوته وان اهم اشكال العنف التي نرغب بالشرح عنها اكثر من غيرها هي العنف الاسري والعنف الجسدي والعنف ضد المرأه والعنف السياسي بسبب تواجد الاحتلال .

وبعد ان عرفنا ما هو العنف واسبابه واساليبه وانواعه بشكل عام , فان ما يهمنا في هذا المقال هو التركيز على ظاهرة العنف في مجتمعنا الفلسطيني :

يعرف العنف في العلوم الاجتماعيه , بأن

الظاهرة الاجتماعية هي فعل اجتماعي يمارسه جموع من البشر، أو يتعرضون له أو يعانون منه ومن نتائجه‏. ‏فإذا كانت الظاهرة سلبية فهي تتحول لمشكلة بحد ذاتها ومن ثم تقود لمشكلات اجتماعية مما يؤدي الى وجود خلل في كل أو بعض مجالات المجتمع.

أما الثقافة فقد عرفها علماء الاجتماع بأنها نتاج التجربة التاريخية للبشر من المعلومات والمعتقدات والفنون والأحكام الخلقية والقوانين والعادات والرموز والأفكار والقيم والمعايير الاجتماعية والثقافة المادية التي يكتسبها الإنسان كفرد في المجتمع من خلال التعلم التنشئة الاجتماعية أو ما يعرف " التطبيع الاجتماعي". كما ويعرفها بعض علماء الاجتماع بأنها كل ما ابتدعه الإنسان فهي "عالم الإنسان". أما ثقافة الفرد فتشير إلى المعيار الذي يستند إليه في حكمه على ذاته وعلى ومجتمعه، وهي التي تعبر عن انتمائه إلى جماعته ومجتمعه وتراثه وهويته القومية والوطنية، وبالتالي يمكننا القول أن مجموع ثقافات الأفراد تشير إلى ثقافة المجتمع ككل.

في المجتمع الفلسطيني، وحتى وقت قريب كانت الصراعات والشجارات العائلية " الطوش" تعتبر أحداثا استثنائية وقليلة الحدوث، ولم تكن تشكل ظاهرة عامة أو ثقافة مجتمعية، صحيح انه ليس هنالك ابحاثا ودراسات موسعة حول الموضوع تسعى لإجراء مقارنات بين نسب انتشارها عبر ألازمنه المختلفة . إلا انه ومن خلال متابعة التقارير ونشرات الانباء المحلية يلاحظ في الآونة الأخيرة أنها أصبحت تتحول إلى ظاهرة يومية، فلا يكاد يمر يوما الا وتحمل الاخبار وتنقل وسائل الاعلام خبرا عن خلاف عائلي حاد " طوشة" ادت الى اصابة او قتل شخص او اشخاص. ومن المعلوم تماما ان وسائل الاعلام لا تتناقل كل الاحداث انما الاكثر لفتا للأنتباه وربما الاكثر قسوة ودموية، او تلك التي تستدعي وصول الشرطة، اما الاحداث الاخرى والتي ربما يكون عددها اكبر بكثير فيتم تداركها ومعالجتها او ربما طبطبتها من قبل الجيران والمحيطين .

وبالاستناد إلى بعض الإحصائيات الصادرة عن الشرطة الفلسطينية في تقريرها الأخير والذي يفيد بأنها- أي الشرطة- قد تعاملت مع 974 شجار منذ بداية شهر رمضان الماضي وحتى نهايته في مختلف مدن الضفة الغربية " اي ان الشجارات التي حدثت في قطاع غزة لم يتم تدوينها بسبب الانقسام" مما يعني ان هنالك 974 عائلة قد تشاجرت مع 974 عائلة اخرى على الاقل، علما انه وفي الكثير من الشجارات تتداخل الامور وتصبح أكثر من عائلة جزء من الشجار. ومن المهم الاشارة هنا وبسبب الطابع القبلي والعشائري للمجتمع الفلسطيني فان الشجار يمتد في كثير من الاحيان إلى العشيرة " الحمولة" ولا يقتصر فقط على الأسرة القريبة ذات الستة أو العشر أفراد. مما يدل إلى أن الرقم الوارد أعلاه حول عدد الشجارات هو رقم مرتفع جدا ويشير إلى ارتفاع في معدلات العنف داخل المجتمع الفلسطيني بشكل عام. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فقد اتخذت العديد من الشجارات وخاصة في الآونة الأخيرة، منحى عنيف وقد تبين ذلك من خلال ما نتج عنها من أعداد " القتلى والجرحى" ومن خلال الأدوات المستخدمة فيها فلم تعد تقتصر على الايدي والقبضات، انما وصلت الى استخدام الأسلحة البيضاء أحيانا والأسلحة النارية أحيانا أخرى مما يشير إلى أن العنف لم يعد يقتصر على ممارسات فردية شاذة وخارجة عن المعايير المجتمعية أنما تحول إلى ظاهرة آخذة في الانتشار.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الذي يجعل العنف يتحول من ظاهرة فردية منبوذة وشاذة إلى ظاهرة مجتمعية والى ثقافة عامة ؟

انها تتحول الى ثقافة عامة عندما تبدأ الاسرة بتقبلها، وتعليمها لابنائها وكأنها سلوك ايجابي وسليم يجب العمل به وتبنيه، كأن يقول الاب لابنه الصغير الذي يعود للبيت بعد ان اعتدى عليه ابن الجيران في الحاره، خذ عصا واذهب وكسر راس ابن الجيران، او ان يوبخه ويمكن ان يضربه لانه لم يرد الصاع صاعين لابن الجيران. ليس ذلك فقط بل يتعد الامر ذلك بكثير كأن يحصل شجار ما بين شابين او اكثر مما يؤدي الى اصابه بليغة لدى احد الطرفين فيسمع افراد عائلة الشخص المصاب بالامر ويبدأ التحشيد واثارة العواطف، كأن يقول بعض افراد العائلة كيف يمكن لأحد ان يعتدي علينا ونحن العائلة او القبيلة الكبيرة ذات الشأن الكبير، ويجب ان نربي به البلد او الحارة او القرية، وهذا ما يؤسس ويؤصل لتربية وثقافة مجتمعية تتبنى العنف وتدافع عنه بل وتعتبره مقوما أساسيا من مقومات وجودها .

بالمقابل ما الذي يدفع الافراد الى الميل اكثر باتجاه تبني العنف وزيادة عدد وأشكال الشجارات الأسرية؟

وهنا نشير الى أن بعض الدراسات المختصة بسلوك الأشخاص اللذين يلجئون للعنف في حل مشكلاتهم انهم أنفسهم ينحدرون من أسر مفككة، او فقيرة ومهمشة، أو من أسر تعاني من التمييز، كما وتلعب البطالة دورا كبير كمسبب في ممارسة للعنف . نعم المجتمع الفلسطيني ليس خارجا عن تلك الحالة العامة، ولكن هنالك أسباب أضافية تتسبب في زيادة الاحتقان وتنامي العنف، وبدء تحوله الى ثقافة عامة قد تستشري في المجتمع وبدرجة أكبر مما هي عليه. فانعدام الاستقرار والاستقلال السياسي واستمرار الاحتلال لفترة تزيد عن 67 عاما بسياساته التي تسعى لحرمان الشعب الفلسطيني من ابسط الحقوق الإنسانية ومن تلبية الاحتياجات الأساسية مما يسهم في رفع مستوى الشعور بالإحباط الذي يتحول وبسبب تراكمه إلى عنف إما اتجاه الآخرين أو اتجاه الذات ، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فالاحتلال الإسرائيلي يمارس وبشكل منظم وممنهج سياسات تقود الى تشجيع وتأجيج العنف المجتمعي، وتأصيل ثقافة الانتماء للعشيرة والقبيلة وإثارة النزعات العصبية.

اما السلطة الفلسطينيه فهي ايضا تتحمل جزء كبيرا من عوامل زيادة حجم العنف المجتمعي، وخاصة فيما يتعلق بالصلاحية السياسية المنقوصة جدا على الارض الفلسطينية، فهي غير كاملة السيادة على الارض الفلسطينية، فان حصل شجار بين عائلتين في احدى القرى او البلدات الفلسطينية المسماة المناطق سي " تلك الخاضعة للسلطة الكاملة للاحتلال حسب اتفاقية اوسلو" فان الجهاز الشرطي الفلسطيني بحاجة الى تنسيق مع قوات الاحتلال حتى تتمكن من الدخول الى تلك المناطق وفض الشجار، وهذا يعني التأخر وعدم الوصول في الوقت المناسب من جهة، ومن جهة ثانية وهي الاهم ان المواطن يدرك هذه الحقيقة وان سيادة القانون ليس متاحة بسهولة وبالتالي يجب ان يعتمد على طرقه الخاصة في حل صراعاته وشجاراته، وهذا يساهم في نشر ثقافة العنف وتقبلها.

اما الآلية التي يتم التعاطي بها من الناحية الامنية والقضائية مع نتائج الشجارات فربما تتحمل وزرا كبيرا في نشر وتأصيل لجوء المواطن لأستخدام العنف كوسيلة اساسية في حل اشكالاته، بعد ان يحدث الشجار وتصل قوات الشرطة، قد تتمكن من فض الشجار واعتقال بعضا ممن شاركوا به، والبعض الاخر يختفي عن الانظار، ويبدأ التدخل العشائري من اجل الوصول الى عطوة او هدنة، قد لا يقبل احد الطرفين في الوصول الى اتفاق اعتقادا منه ان الحق الى جانبه، وتقوم الشرطة باعتقال الطرفين كوسيلة للضغط عليهما من اجل الوصول الى اتفاق عشائري، وبعد الاتفاق غالبا ما يتم الافراج عن الطرفين دون مراعاة من هو الطرف المعتدي، ودون تحويله للقضاء ومحاسبته سواء على الحق العام او الحق الشخصي، فان سيادة القانون لا يمكن لها ان تتجذر الا بايفاء الناس حقوقهم وليس عبر انصاف الحلول و تقبيل الرأس وشرب فنجانا من القهوة العربية.

بكل تأكيد هنالك العديد من القضايا والاسباب التي تساهم في نشر ثقافة العنف، وهي تحتاج الى مساحة اكبر حجما واتساعا من مقالة، ربما نحن بحاجة لإجراء دراسات ميدانية معمقة من أجل التزود بالبيانات الموضوعية التي تسهم في إلقاء مزيدا من الضوء على هذه الظاهرة ومدى انتشارها وأسبابها وطرق علاجها. ونحتاج إلى مزيد من العمل على مستوى الوعي المجتمعي اتجاه تحول العنف في المجتمع الفلسطيني إلى ظاهرة وثقافة عامة وعدم تحول المجتمع الى قبول ثقافة لا تصالح

الأساليب والأدوات والخطوات التي يمكن استعمالها من أجل مقاومة ظاهرة العنف والحد منها في مجتمعنا الفلسطيني

إن عملية مقاومة العنف، وإجراء التغيير هي عملية تتطلب الشمولية والتكامل والموارد والتخطيط والخطوات العملية قصيرة الأمد وبعيدة الأمد. ليس هنالك حلًا سحريًا أو مركبًا واحدًا يشكل مفتاحًا ورافعة إذا وضع مجهود للتأثير عليه، من الممكن أن تنتهي أو تنقرض الموجه العاتية من العنف، بل يجب العمل في مجالات متعددة وبأساليب واستراتيجيات متكاملة سواء على المستوى العام أو مستوى الحالات العينية، لذلك نقترح صيغة وعدة أفكار ترتكز على ركيزتين، الأولى تواجه العنف وتقلل منه والثانية تعمل على بناء مجتمع آمن وسليم ومستقر كجزء من مشروع كبير لإحداث نهضة شاملة. في ما يلي بعض الأفكار والاقتراحات العملية للتقليل من العنف في مجتمعنا الفلسطيني :

العمل على انهاء الاحتلال وبذل كافة الوسائل والطرق سواء كانت فلسطينيه أوعربيه أوعالميه لان الاحتلال هو اساس المشكله في نشر البطاله والاحباط ونشر الجريمه بكافة اشكالها مما يؤثر سلبا على كافة افراد الشعب الفلسطيني .

1. كما يجب العمل على ترسيخ ثقافة الحوار والتواصل والتسامح والحرية والمشاركة وكرامة الانسان على مستوى الفرد والأسرة والمدرسة والمؤسسة والبلدة والمجتمع.

2. يجب استنكار ورفض بشكل فاعل مظاهر وأشكال العنف المجتمعي وتطوير وسائل احتجاج.

3. تأسيس أطار مجتمعي في كل بلدة يضم كافة القوى المؤثرة في القرية من مربين وأعضاء السلطة المحلية، رجال الدين، أخصائيين وشخصيات، واعتبار هذا الإطار وظيفته وضع تصور محلي لمواجهة العنف وبناء المجتمع الآمن. مجمل الأطر المحلية تتأطر في إطار حركة اجتماعية واسعة في المجتمع الفلسطيني ، تعمل على مقاومة العنف وبناء مجتمع آمن ونشر القيم الإيجابية مستخدمة وسائل الاتصال والتواصل الألكترونية والمكتوبة.

4. يجب تعميق التعاون بين الجهاز التربوي، المجلس المحلي، رجال الدين، الشرطة والمجتمع من أجل تفادي أحداث العنف وفي حصولها التدخل السريع لمنعها أو الحد من انتشارها أو معالجتها.

5. يترتب على القيادات المحلية والقطرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية أن تشكل نموذجًا للمحاكاة في المستوى الخلقي ووكلاء لعملية التغيير.

6. يجب على الشرطة أخذ مسؤوليتها بجدية في كل ما يتعلق بقضايا العنف، وأن تعمل على منع انتشار السلاح والمخدرات والمسكرات.

7. يجب على الحكومة وضع خطة شاملة ممولة وتشمل لوائح زمنية بالتنسيق مع المجتمع وقيادته من أجل تحسين الوضع الاقتصادي وخصوصًا إيجاد أماكن عمل، تخفيض نسبة البطالة وضمان الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

8. يجب محاسبة ومعاقبة من يعتدي من أجل ردع المجتمع، ومن ثم إعادة تأهيل من يستعمل العنف وإجراء عملية تنشئة مجددة ليكون إنسانًا صالحًا في المجتمع.

9. على السلطة الفلسطينيه المحلية المبادرة لإصدار بيانات ومجلات ومعلومات وفعاليات لمقاومة العنف وتفعيل الحياة الثقافية بما في ذلك المراكز الجماهيرية وإقامة نوادٍ للشباب والملاعب الرياضية، وأماكن للمشي. كما يترتب على أقسام الرفاه الاجتماعي في السلطة المحلية وضع برنامج عملي لحماية النساء والاطفال المعنفين وإجراء محاضرات ومؤتمرات وندوات وفعاليات حاراتية، وعلى مستوى البلد لزيادة الوعي، كما يترتب على رجال الدين والمجتمع أخذ دور تعبوي وتوعوي.

10. يترتب على الباحثين في العلوم الاجتماعية والإنسانية إجراء دراسات وأبحاث مجتمعية لبحث ظاهرة العنف، أسبابها، نتائجها وأساليب التعاطي معها، ومن ثم التفكير في كيفية استثمار مشاعر القهر والاضطهاد بشكل إيجابي وبنّاء. والخروج من حالة الهوان واللامبالاة ودراسة حالات أخرى في العالم.

11. إن من اهم النقاط الملحة هي إجراء نقاش جدي حول منظومة القيم وأساليب وطرق التعامل والتعاطي مع العولمة والحداثة. ومن أجل إحداث تغيير جماهيري يجب العمل على ثلاثة مركّبات:

أ‌- الدمج بين تقوية الهوية والإنتماء الوطني (الوعي) ب- تقوية الجسد (أطر وأماكن الرياضة والإستجمام) ج- الفكر (أطر تربوية لا منهجية).

12. يجب الملاءمة ما بين دور البيت والمدرسة في عملية تربية الأطفال والشباب، ووضع برنامج واضح للتربية والتنشئة على القيم. فعلى سبيل المثال في دول أمريكا اللاتينية أخذت الامهات المسؤولية ودورًا مركزيًا للحدّ من ظواهر العنف التي كان يشارك أبناؤهن فيها.

لقد حاولنا من خلال هذه المقالة إجراء قراءة سريعة لأسباب ظاهرة العنف المقلقة بفلسطين ، وتحليل بعض نتائجها، واقتراح بعض الأفكار للتعاطي معها، آملين أن تساهم هذه الأفكار في دفع الحراك الاجتماعي وحث متّخذي القرار وكل من موقعه أن يأخذ دورًا من أجل تجاوز هذه الأزمة والعيش حياة آمنة وسليمة تسودها الطمأنينة والإنتاج وتحقيق الذات وتماسك المجتمع الفلسطيني وتطوره ..


بقلم : عبدالرحمن عدوي ** فلسطين



   نشر في 14 يوليوز 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

Jamil Abdallah منذ 8 سنة
المقال عن انتشار العنف الفلسطيني من واقع المجتمع الفلسطيني
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا