من مذكراتي: 2017 أسميته عام العودة الى الله - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من مذكراتي: 2017 أسميته عام العودة الى الله

أسميته عام العودة الى الله

  نشر في 30 ديسمبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

كان ذاك  هو عنوان أروع مقال قرأته في حياتي، للكاتبة الصحفية زينات ابراهيم بعد انقضاء عام  من أصعب وأقسى الأعوام  وأكثرها دموية وفظاظة وهو عام 2003 .. كانت الكاتبة تبكي مصاب الامة العربية في العراق، كانت تبكي عاصمة الرشيد والمنصور، كانت تبكي بغداد الفتية التي أضاعت زهرة شبابها، إما قادة لم يقسم لهم نصيب من الحكمة يستعينون به على صون بلادهم وحماية مقدرات شعوبهم أو قوى دولية طاغية أسمت نفسها  العالم المتحضر " وهى ابعد ما يكون عن الرقي والتحضر وحضارة الانسان. 

كانت سنوات عمري انا تعد على اصابع اليد، كنت فى عامي الثالث عشر أخطو  أولى خطواتي فى عمر  المراهقات، ولم افتأ أزين جدائل شعري بالورود . ذاك الورد الذي كان يزين روحي وعطره يملأ أركان قلبي. كنت أنا ونظرائي نتلمس خطانا نحو مستقبل ظنناه امنا ومزهرا وما إن وصل لمسامعنا الاحتلال الانجلو أميركي لعاصمة الشموخ العربي بغداد، حتى كادت قلوبنا تنشق من هول ما سمعنا ورأينا .. أهذه هى المدينة التى كنا نطالع تاريخها وجمالها فى كتب المدرسة، أهذه هي المدينة التي كانت منارة للحضارة والثقافة والفن، حتى أن الغزاة من المغول اتخذوا من مجلداتها وكتبها قواربا يعبرون بها نهر الفرات.

لم أكن وقتها كصغيرة فى العمر ، و كمواطنة من دولة شقيقة امتلك غير الدعاء والقلم الذي اعانني فقط ان أسكب لهيب قلبي ولوعة سكنت فؤادي فى صفحات وأوراق .

 لم أكن انا وحدي، كان العالم كله يصرخ لأجل العراق .. يومها لم يتبادر لذهني ولو هنيهة أنه وبعد مرور 13 عاما سأكتب من جديد، وأبث للسماء وللورق لهيب قلبي مجددا وحرارة آهاتي وأنا أبكي وطنا عربيا، بعرض الكون ترهلت ملامحه وثقلت خطاه واشتعل رأسه شيبا من هول ما يقاسيه دواليك .

 وطن تحول لساحات نزال ومعارك وصراعات لا تعرف الهوادة أو السكون .. اختلط الدم العربي، فما عدت قادرا أن تفرق بين سوري أو يمني أو عراقي، فكل الجثث تتشابه، سقط القاتل والقتيل راقدين جنبا الى جنب. لكن النوم بسلام كان جائزة السماء للشهداء ممن قضوا نحبهم وممن صدقوا ماعاهدوا الله عليه وأما من اعتدى وآثر ان يسلك سبل الشياطين فكانت الجحيم هي مأواه ومثواه. 

قرأت كلمات رصينة تزينت بعنوان " عام العودة الى الله "  منذ سنين وقد اعتصرني الألم على بلادى وحتى من نجى من رحى القتل  والدمار . وقع تحت وطأة الفساد السياسي ونهب أقوات الشعوب واغتيال الاحلام فى مهدها. 

والحق انني لست بصدد تقريع هذا العالم " المتحضر"  من الامريكان ومن على شاكلتهم ممن ارادوا تفريغ العراق من " أسلحة الدمار الشامل " أو تخليصها من انظمتها المستبدة الشمولية كما يزعمون. فالمنشغل بالبحث في بواطن الأمور أو بالغوص للامساك بخيوط المؤامرة سيدرك ان العراق  كانت الشوكة التى وقفت فى حلق المارد الامريكي. وأنهم عقدوا العزم على كسر هذه الشوكة مهما كلفهم الأمر حتى يتسنى لهم تنفيذ مخططات ما عرف بالشرق الاوسط الكبير .

عندما كنت اقرأ هذه الأطروحات حينها، لم أكن لاتخيل انني سأعيشها كحقيقة أراها رأى العين. أعوام قليلة مضت على عجل منذ ذاك العدوان، حتى جاء القدر الاسود الذى  كان يتربص النوازل بسوريا، والتى اقتضي حظها العاثر أن تكون تلك القطعة الثمينة على رقعة استراتيجية الطاقة باعتبارها الدولة الممر فكانت هذه المنحة  الجغرافية بمثابة الطامة الكبرى التي جلبت على سوريا الويلات والقوارع وأهوالا أشبه بأهوال يوم القيامة.

عصابات الموت التى اتخذت من الدين ساترا يوارى سوءاتها وفظاعاتها ولم تفلح حيلتهم فى ستر فضائحهم وجرائمهم القذرة تسللت عبر الشقوق وأخذت تزلزل الامنين فى أوطانهم ..

 يصارخون جهرا برغبتهم فى ان تسود دولة الاسلام وهم يقتلون وهل الاسلام . يشرب الدم المسلم بلا ودنى حياء وو حمرة خجل ، نظراتهم عابسة باسرة . يفكرون ويقدرون.. قاتلهم الله وينما كانوا وجزاهم سقر بما حاكوه لنا من ليالي الموت وساحات الحرب وبرك الدم وآهات الثكالى.. سحقوا بسمات الأطفال، وحولوا بلادنا الى مآتم وجنائز، ومن لم يمت بغدرهم ورصاصهم، مات كمدا وهو يبكي حبيبا يشيعه الى مثواه الاخير .

كانت الاستاذة زينات متشائمة الى حد ما وهي تصف أحوالنا حتى انها اعتبرت ان قيم العدالة والرحمة والانسانية، تم تشييعها الى مثواها الاخير. والحمد لله أني لا أشاطرها نفس الشعور وإلا لما كان عندي قليل من الامل اقتات به واستعين به على ما بقي من العمر وأضيء به شموعا وسط هذا الظلام القابع فى شوارع وطننا العربي .

13 عاما مرت كوميض البرق ولست ادرى كيف حاك ابليس وجنوده هذه المخططات وكيف بانهزامنا وانكسارنا خضعنا لها.

يارب هذه الايام التى ينعتونها بزهرة ايام حياتى وعنفوان شبابي اريدها أفضل واحلى.. اريد ان تعيش بلادي الربيع كفانا خريفا وصقيعا يارب. يارب ساعدنى وساعد كل من أراد ان يوقف نزيف الدم العربي. أعرف اننا فرطنا فى حمل الامانة واني اعوذ بك من ان تصب جام غضبك علينا بذنبنا.. ضاقت علينا الارض بما رحبت وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وزلزلنا زلزالا شديدا. يارب أعرف ان نكء الجراح لن يفيد وانه يتعين ان نواجه اقدارنا بشجاعة، يارب ان كتبت علينا الموت فى بلادنا فاكتب لنا مع الموت شهادة  وإن قدرت لنا الحياة فاكتب لنا أن نحيا بعزة وكرامة.

يارب اعد لي وجيلي قيد الامل، قيد الحلم والتفاؤل فلا يكفي ان نكون على قيد الحياة. واجعل يارب عام 2017 عام العودة اليك رغبة ورهبة منك وطمعا في رحمتك ورضوانك ورضاك.

ان هذا العام اسميته " عام العودة الى الله " لاننا بحاجة لنور يخرج من مشكاتك حتى نتلمس طريقا نحو وطننا الذي اضاع وضل الطريق.  اسميته عام العودة الى الله لاني منك، وحين اعود اليك ساعود لنفسي حتما وسيعود لى كل مافقدت ورغبت فاقبل عودتي وعودة كل طارق لبابك يا رجاء  المستغيث. 




  • 3

   نشر في 30 ديسمبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

محمود حسين منذ 7 سنة
اللهم ماحفظ مصر وسوريا والعراق واليمن وليبا وجميع الوطن العربي وجميع المسلمين اللهم ماجعل عام 2017 عام السلام وعام الامن والامان لجميع بلادنا العربية اللهم مألف بين قلوبهم اللهم ماحفظ دماء المسلمين امين
بارك الله فيك بمقالك الذي حرك براكين
يااستاذة درية علي مقالك وحلك لمشكلتنا العربية وفعلا لا حل الا الرجوع الي الله
0
محمود حسين منذ 7 سنة
اللهم ماحفظ مصر وسوريا والعراق واليمن وليبا وجميع الوطن العربي وجميع المسلمين اللهم ماجعل عام 2017 عام السلام وعام الامن والامان لجميع بلادنا العربية اللهم مألف بين قلوبهم اللهم ماحفظ دماء المسلمين امين
بارك الله فيك بمقالك الذي حرك براكين
يااستاذة درية علي مقالك وحلك لمشكلتنا العربية وفعلا لا حل الا الرجوع الي الله
0
Dorreya Mahran
اشكرك جزيل الشكر على كلماتك العذبة .. اسعدنى مرورك يافندم وحياك الله

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا