سأسميها مريم
اهداء إلى من خاطبتني بأسمي يوما ... د : مريم عفانة
نشر في 13 نونبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بين لحظة واخرى ، اجلس مع ذاتي كلحظة تأمل وانصات ، احب ذاتي ومهتمة بإحتواءها وتوليتها إهتماما إلى جانب إهتماماتي بالآخرين ،
اجلس وفي حضني " دميتي " العروسة القطنية اعز ما املك ،
دميتي التي اقتنيتها منذ الصغر ولازلت محتفظة بها حتى الآن ،
كثيرا ما اتخيلها طفلتي والتي لا تختلف ملامحها عن ملامح دميتي !!
ذات عينين اشبة بأوراق النعناع في خضرتها ،
و وجنتين حمر كحمرة الشفق ،
وبشرة بيضاء كبياض الثلج ،
والتي كلما نظرت إلى عينيها ،
تذكرت عيني إنسانة رسخت في ذاكرتي ،
تركت اثرا طيبا في ذاتي ،
" اثر حب العلم والشغف في رسالة التعليم " ،
بثت في روحي حب العطاء التي كانت تحمله معها كل صباح يوم دراسي ...
عينيها التي حين كانت تنظر لك بهما ، تشعرك بأهمية حضورك وقيمة ذاتك ؛ فقد كانت تمنحك كل التركيز والإنصات لحواسك ...
إنها لغة العين التي غابت عن كثير ممن حملو رسالة التعليم ،
والذين قصرو رسالتهم بين فن الإلقاء والتقييم ، وغفلو الجانب الذاتي لكل طالب ، وكأنه مجرد متلقي فقط ، و مجردا من العواطف والأحاسيس ...
كانت استاذة استثنائية ، تختلف عن مثيلاتها ممن مَــرَّو في سنوات دراستي الجامعية ،
و رغم حضورها في العام الجامعي الأخير ؛ إلا انها تمكنت من فرض وجودها ورسخها في ذاتي !!
" بسمة .... "
هكذا كانت تخاطبني و تخاطب كل منا بإسمه !!
خطابها بأسمي كان يشعرني بأهميتي وتميزي !!
بعد ان كان اسمي مدفون بين ضجة الطلبة وزحمة اسمائهم ، كالمغترب عن وطنه ! ثم عاد إليها فرحا ؛ بعد سنين من العزلة والغربة!
شعرت لأول مرة انني لست مجرد عابرة سبيل ، لست مجرد متلقية تأتي وتذهب !
بل طالبة علم ، و ككيان اتت لتتعلم اليوم ، وتصبح ذات رسالة غدا ،
نعم ... إن مخاطبة المرء بإسمه يصنع فارقا في الذات ، ويزيح حبال التوتر وينشئ جسرا من الألفة و الود ...
كلما اختليت مع ذاتي ، احب تواجد دميتي بأحضاني لتشاركني لحظات التأمل والإنصات ...
دميتي مريم هكذا اسميتها ،
و التي كثيرا ما اشعر انها تشبه طفلتي في المستقبل ، والتي عهدت مع نفسي حين ارزق بها ، بتسميتها مريم ؛ تيمناً بمن خاطبتني بأسمي يوما ، سأخاطب ابنتي بأسمها ، والتي آمل كثيرا ان تكتسب شيئا من صفاتها .
-
بسمةاهوى قراءة كتب الذات وتأمل الصباح وسماع الموسيقى وشرب الشاي
التعليقات
تعبير رائع بسمة ،أستاذتك صنعت الفرق ،ومقالك كان أجمل ما قرأت هاته الليلة
تصبحين على.....مريم
تحية أدبية أحييك بها مريم..ما كتبته في البداية هو من أجمل ما قرأت في مقالك
أحب لغة العيون و أعجب جدا بمن يكتب عن لغة العيون..أليس كذلك؟
رائعة أنت ...بالتوفيق
جميل أن يقابل الإنسان في حياته أشخاصاً رائعين مثل هذه الأستاذة يتركون في أنفس الآخرين أثراً طيباً في هذا الزمن العصيب , و الأجمل أن يكون الإنسان نفسه أحد هؤلاء الرائعين .
أظن أن الأستاذة ستفرح كثيراً إذا قرأت هذه الخاطرة الجميلة .
بالتوفيق في مقالاتك القادمة .