بعد أن أثبتت لي ولاءك على مدار الأيام السابقة، قررت أن أكتب مقالتي قبل الأخيرة عنك أنت. أعرف أن الأسئلة كثيرة من حولك، ولكنني قررت أن أبحث معك عن إجابة أهمهم، هل يمكننا العيش على سطح القمر؟

بالطبع لن يكون العيش على القمر سهلًا، تخيل أن يعيش أحدهم فوقك! يا ولد هاها.. كفى ودعنا نتكلم بجدية. ناهيك عن الطقس السئ ولنفكر في الأسوأ.. الإشعاع الكوني؛ على عكس الارض، لا يمتلك القمر غلافًا جويًا ولا مجالًا مغناطيسيًّا، تخبرنا الأبحاث أن الشخص على سطح القمر قد يتلقى حوالي ٤٠٠ ضعف الكمية الآمنة المحددة من الإشعاع الأيوني الثقيل. إن لم تتخيل فهي تكفي لموتك في خلال عشر ساعات حتى وإن كنت ترتدي بذلة فضاء.

ولكن رغم ذلك، كانت تنتوي وكالة الفضاء الأوروبية تأسيس أول مخيم على القمر هذا العام، والذي لم يأخذ انتباه الشركات الخاصة فقط، بل ستشارك به بعض الدول الكبرى مثل روسيا وأمريكا والصين، وخلال عقود قليلة متوقع أن يكون للقمر مجالًا للتعدين ومحطات أبحاث.. سأشرح لك.

بمساعدة الروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد، سنقوم ببناء ملاجئ داخل الكهوف —والتي شكلتها قنوات الحمم البركانية للقمر في الماضي— فوق سطحه. ولكن ماذا لو أراد الإنسان أن يعيش هناك؟ انقل كل أمتعتك أولًا وتعالى سأجيبك

لتعيش هناك سيحتاج نمو النبات إلى تربة دفينة وهواء غني بغاز ثاني أكسيد الكربون، والذي رغمًا عن ندرته، يمكن تصنيعه من مواد معاد تدويرها. كما يمكن توفير محطة لمعالجة المياة بواسطة الثلج المستخرج من المناطق القطبية. بالإضافة إلى أنه يتعين عليا استيراد أو تصنيع البكتيريا والڤيروسات الصديقة اللازمة لأجهزتنا المناعية، والشيء الغريب الآخر هو أنك ستحتاج للتمرين يوميًا بشكل مستمر للحفاظ على كتلتك؛ حيث أن جاذبية القمر تعادل فقط سدس جاذبية الأرض.

قد تظن أن العملية متعبة وليست لها أي فائدة، ولكن دعني أخبرك أن بعثات أبولو التابعة لوكالة ناسا لم تستكشف إلا جزء صغير من القمر، والذي ساعدنا كثيرًا في تحقيق اكتشافات عدة ومعرفة الكثير عن تاريخ نظامنا الشمسي. غير أن سطح القمر غني بالمعادن مثل السيليكون والألمونيون والماغنيسيوم مما يخلق إمكانية إقتصادية كبيرة للتعدين كما أخبرتك.

ربما زرناه من قبل، ولكننا الآن أقرب من أي وقتٍ مضى، أيًا يكن أنصحك أن تتهيأ جيدًا؛ ليس فقط لأنه من المتوقع أن يتمكن الإنسان من العيش على القمر قريبًا، ولكن أيضًا لقراءة لمقالتي الأخيرة بالسلسلة غدًا.