المثقف العربي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المثقف العربي

  نشر في 30 يونيو 2016 .

المثقف هو ذلك الإنسان الواعي الورع الفطن المتعلم القائد الشجاع لا يخشى قول الحق حتى إن قتله. المثقف هو قائد للعامة و مستشار للخاصة وخريطة للتائه و جواب للسائل، يسبق مصالح الأمة مصالحه و لا يتوانى في الدفاع عن المظلوم و الوقوف في وجه الظالم و التضحية في سبيل الحق.

لكن اليوم، في مجتمعاتنا الإسلامية عامة و المجتمعات العربية خاصة نلاحظ فتور المثقف عن أداء الواجب المنوط به ، فمثقفونا اليوم لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية و لا يِؤرقهم إلا إرضاء السلاطين الملوك و الرؤساء الظالمون لشعوبهم و المعتدون على حريتهم .المثقف اليوم لا يخجل من استغلال المواطنين البسطاء و استعمالهم لتحقيق مآربه و جمع غنائمه و اقتطاع نصيبه من ثروة الأوطان التي بنيت و استقلت على جثث البسطاء المظلومين المغلوبين على أمرهم .

المثقف اليوم استقل من وظائفه في مجتمعه و أمته ، فتخلى عن القيادة ذرأ للمشاكل و تخلى عن الكتابة دفعا للحساب و تخلى عن توجيه المواطنين البسطاء للحق و انتقاد السلطان الجائر ، الملك الظالم و الرئيس الخائن هروبا من مواجهة الحاكم مها كان اسمه و مهما كانت رتبته خوفا من بطشه .متى كان المثقف يخشى على نفسه و يسكت عن الحق ،متى كان المثقف يهرب من الحق و يصفق للباطل و حتى إن سكت عن الباطل فهو كالمصفق له ، من ينتقد الظلم و الجور و يقف في وجه الباطل و الفساد إن تخلى المثقف عن وظيفته السامية و دوره الفعال في بناء الأمم و المجتمعات .

أقف حائرا مندهشا و مكذبا لما أرى طلبة الطب يتذمرون من معاملة الأساتذة لهم و ظلم الإدارة ، لا يحركون ساكنا مهما أذلوهم و احتقروهم ،فهم لا يعرفون غير الانتقاد و التذمر ،فمن ينتظرون؟ من يرفع عنهم الظلم الذي هم فيه ؟ومن ينصفهم و هم لب المجتمع و قلب الأمة و لم يحركوا ساكنا و تنصلوا من مسؤولياتهم ؟

لا أدري هل أبكي أم أضحك لأني لم أعد أفرق بين حزني و فرحي ،كيف لا و صديقي محاميا و يخبرني كل يوم كل ساعة عن معاملة القضاة لهم ،كيف لقاضي أن يمنع محاميا من الكلام و يحط من قدره أمام الملء و لا يحرك المحامي ساكنا ، إذا سمح جدار الأمة في حقه و حق من يحتمي به فمن يا ترى يدافع عنا اليوم و غدا. لا أعلم هل انتحر أم أبقى أشاهد الذل و العار، كيف لنائب و ممثل للشعب في قبة البرلمان أن يسكت عن الحق و يسمح لرئس البرلمان أن يهينه و يسكته و هو نائب مثله و ليس له سلطة عليه ، ألا يعلم النائب المهان أنه بسكوته عن الإهانةة فقد أهان من وضعوا ثقتهم فيه و هم عدة ألاف من البسطاء ، بمن نستعين إن كان من أوكلنا لهم حفظ كرامتنا و نقل أصواتنا هم نفسهم ليست لهم كرامة .

تتعدد صور تنصل المثقفين اليوم من أدوارهم و وظائفهم في مجتمعاتهم و أممهم ،لا نعلم هل هم جاهلون لدورهم أم هم خائفون من أدوارهم ،لا يمكن لنا -المجتمعات العربية الإسلامية- التقدم و التطور في ظل تنصل مثقفينا من مسؤولياتهم و تخليهم عن دورهم في المجتمع .كيف لا و كل التقدم الحاصل في العالم الغربي قاده مثقفوهم من علماء فلاسفة كتاب و أدباء، أطباء صيادلة و محامون، كيف نتقدم والصحفي يخاف من الحقيقة و الأديب يخاف من تصوير الحياة و البأس على حقيقتهما ؟كيف نتقدم و المحامي يسمح في حق يدافع عنه و الفيلسوف يخشى نقد رجل الدين له ؟ كيف نتقدم و العالم يشوه الحقيقة و يظلل متقصيها ؟ كيف نتقدم و رجل الدين لا ينتقد الظلم و لا الفساد و كأن الإسلام ما هو إلا دين عبادات و ليس دين معاملات ؟ كيف نتقدم و الطبيب تخلى عن ضميره و رأفته و تحول للوحش لا يهمه غير الربح و المال أين أخلاقه و إنسانيته .

لا نهضة في غياب المثقفين و لا تقدم في تنصلهم من المسؤولية ،فمتى يتحملون مسؤولياتهم و يؤدون وظائفهم في مجتمعاتهم على أكمل وجه، للنهوض بها و السير بخطى ثابة نحو المجد و الازدهار ؟ التاريخ لا يرحم فكل مثقف تنصل من أدواره ستكرهه حتى مزبلة التاريخ .

- علي رحيلي-



  • 1

  • Rehili Ali
    أنا طالب جامعي و اختصاصي الصيدلة مهتم كثيرا بالفكر الفلسفة السياسة و الأدب
   نشر في 30 يونيو 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا