ناوله قرطاسا ،لوحا،ريشة ،دواة...ناوله حب رسم معاني الحياة ،فقه ألوان الحيوان.امدد أمامه بساطا وادع فطرته تناجي سجية السجود.لعل كلماتها تحفر صعيد صممكم ،تقرؤكم شيئا مما لم يعْلمه انسان.

انسان... ! ذاك الذي خلقته في أحسن تقويم، نسيجه ابتدأ من علق ،فيتكور حتى تتعاضد خلاياه فيصير ذا لسان مُرتَّلا .أهذا نهج فتى يقال له ابراهيم الخليل؟. أنطق الحجر وهوى بيديه الصغيرتين على آلهة من جماد يتسآل عن قدرة جبارة تحرك الكون بأسره،كي يعبد ويلقى خالقها.يتدبر مشيئته وينظر في ملكوته مسبحا...

ناوله قلما وعلمه ذكرا،فترى العين جمال المبدع .أنشئه كي يحضى حضوة ظل عرش الرحمان. خذ بناصيته واحذر أن تسفع سفعا بزلات رؤياكم الكاذبة.

أفسدت أيها المدهن جُنين الفتى وافترشت له الأرض بالدماء.أضحى مايبصره غثيثا صديدا متقرحا.ما أمر طعم الحقد في حلق الصبي... !غذا من طيور الظلام يلعق جراح جسد أمته، يشحذ مخالبه يبقر بطون أحزانها وخزاياها...

فبماذا وعدته؟ بماذا كافأته؟ وبماذا حشوت وجدانه؟... الفتى لم يبلغ الحلم بعد،حتى يتذوق لذة الإحتلام وينساق لاهثا مجتهدا لمعانقة ووطء الجواري الحسان.ربما ادخرت له ذلك حتى يبلغ أشده ، فتسقيه الردى...

اللون الكحلي وشاحه يسربل قامته ، المدية الحادة معشوقته ،وصوت البارود أحلى معزوفته .فإذا ما شكى وبكى نائحا فأي صدر عطوف، ويد تربت على كتفه وتكفكف دمعه...

فتى السام الشام في عينيك بات يبابا خرابا،طيب شرابك لارائحة له سوى طعم الموت. اغتلت من قاموس نداءاتك:ياعم...أو يا خال.

هذا ما قصدته فعلا ياقاتل البراءة . أن تبيد الأخلاق من جذورها وتدنس مكارمها جملة وتفصيلا .