مبدئيا إني في هذا المقال لست بصدد شئ سوى الإستنكار، و الإستنكار فقط، لدي بعض الأسئلة التي لا أريد عليها إجابة، فأحيانا تكون الأسئلة أكثر فاعلية من الإجابات، و أحيانا تكون الأسئلة في حد ذاتها إجابات، فأنا لا أطرح الأسئلة هنا بغرض الاستفهام و لكن بغرض إستنكار واقع قد يراه البعض تهكما.
من المعلوم أن الانتخابات الرئاسية للجاليات المصرية المقيمة بالخارج قد بدأت فاعليتها في 16 مارس الجاري و إستمرت لمدة ثلاثة أيام متتالية، رصدت فيهم وسائل الإعلام المختلفة المصريين أثناء الإدلاء بأصواتهم في القنصليات و السفارات المصرية في مختلف دول العالم، و كما هو معلوم أيضا أن الإنتخابات الرئاسية داخل مصر إنتهت فاعليتها يوم 28 مارس و إستمرت لمدة ثلاثة أيام أيضا، و من هنا أريد أن أتسأل:
هل الإنتخابات الرئاسية المصرية 2018 هي أول انتخابات رئاسية في التاريخ !
أم أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تمتلك صناديق إقتراع !
أم أن المصريين هم الشعب الوحيد الذي يمتلك تلك القوى الخارقة التي تمكنه من أن يمسك بيده اليمنى او اليسرى قلم و يضع علامة "صح" أمام صورة مرشح رئاسي مطبوعة على إستمارة إنتخابية و يلقي بالإستمارة بعد ذلك في صندوق بلاستيكي شفاف !
أليس من المفترض أن الإنتخابات الرئاسية هي إستحقاق سياسي طبيعي تمارسه جميع شعوب العالم ! فلماذا إذا مظاهر الاحتفال المبالغ فيها من قبل المصريين أمام اللجان الانتخابية داخل و خارج مصر ! فما هو الحدث الجلل في ذهاب مواطن لإنتخاب رئيس !
أم أن أجواء العرس الانتخابي المصري بطبيعتها تتشابه مع أجواء العرس البلدي و أنا التي تجهل ذلك !
و إن كانت مظاهر الاحتفال تلك كما يدعي البعض هي مجرد فرحة طبيعية مرتبطة بإقامة الإنتخابات أثناء تطهير سيناء من الإرهاب، خصوصا و أن المرشح الذي يحملون صوره و من المؤكد فوزه إرتبط إسمه إعلاميا بمكافحة الإرهاب، و أصبح فوزه يعني القضاء على الارهاب و رأينا ذلك في عبارات من نوع "نعم للسيسي تعني لا للارهاب" و غيرها من العبارات التي تؤدي لنفس المعنى، إن كان الأمر كذلك فليس هناك أيضا ما يدعو لمثل تلك المظاهر الإحتفالية لأن العملية التي انطلقت لتطهير سيناء لم تنتهي بعد، فإذا إفترضنا أننا نريد الإحتفال بالقضاء على الارهاب يجب أن يأتي ذلك بعد إنتهاء عملية التطهير و التخلص نهائيا من الإرهاب، فأهل المريض الذي يخضع لعملية جراحية لا يحتفلون أثناء إجراء العملية و لكن يحتفلون بالشفاء بعد إنتهاء الجراحة، أما وقت ما قبل الإنتهاء فيجب أن يتصف بالوقار و الهدوء و الترقب، فلماذا إذا مظاهر الاحتفال المريبة و الغير مبررة أثناء حدث معتاد يحدث بصفة دائمة في كل دول العالم بشكل طبيعي !
فما الذي يميز الإنتخابات الرئاسية المصرية عن غيرها من العمليات الإنتخابية في كل أنحاء العالم ! هل هي انتخابات بالشيكولاتة !
إن مبالغة المصريين في تقدير المواقف، و عدم موضوعيتهم في التفاعل مع الأحداث السياسية الداخلية، و منطقة الأمور بمعايير غير منطقية أمر غير مطمئن، إن تغافل المصريين عن بعض الحقائق و عدم إدراكهم أن الحقائق أيا كانت أسبابها و نتائجها و مدى سلبيتها ستفرض نفسها مهما تم تغافلها لأنها تحمل قوة و مشىروعية الحقيقة أمر غير مطمئن، إن عدم قدرة المصريين علي الربط بين الأحداث و إدراكها بشكل متكامل أمر غير مطمئن، فترك مصير أمة يسير وفقا لأهواء شعب يعاني كل تلك الأمراض هو في واقع الامر كارثة، و على أقل تقدير إن لم تصبح العواقب كارثية فهي لن تكون جيدة أيضا.
التعليقات
بداية موفقة , في إنتظار كتاباتك القادمة .