التغيير وفق أبعاد ثلاثية....
"متى يستقيم الظل والغصن أعوج"
نشر في 24 ديسمبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
هو مثل عربي والقصد منه أن المفاهيم الخاطئة تصنع بضرورة أحوالا سيئة.
وبالنظر إلى واقع وطننا الحبيب الجزائر فكلنا نتفق على أن حاضرنا ليس بحجم إمكانياتنا البشرية والمادية وليس كذلك بمستوى تطلعاتنا على الرغم من نتائج إيجابية تحققت، ولكن يبقى حلم النهضة لبلد المليون ونصف مليون شهيد هو الهدف الأسمى للإنعتاق الإقتصادي والثقافي بعد الإستقلال السياسي.
وللمساهمة في دراسة الواقع وأسبابه فربما كانت العوامل الفكرية انتجت قناعات على مستوى الفرد رجلا أو امرأة انعكست على المسيرة الجماعية للأمة،وهذه العوامل تتمثل في الأبعاد التالية:
1/عدم الإرتقاء إلى مستوى الرتبة.
قال الله تعالى:"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة... "
الآية 30-سورة البقرة-
خلق الله الإنسان ليكون مستخلفا في الأرض ،مالكا لما فيها ،فاعلا مؤثرا فيها بمشيئة الله وسخر له ما يسمح بإبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين وفقا لإستعداداته.
وهي إذن منزلة عظيمة وهو التكريم الذي شاءه له خالقه الكريم.
وعليه فعلى كل رجل وامرأة أن يكونا في المستوى هذا التشريف لغاية إعمار الأرض وفعل الخيرات بعد أداء العبادات، وحذار أن تكون حياتنا عبث ولهو وننسى الخلافة التي نفقد بعدها البوصلة التي نعرف من خلالها طريق النجاح.
2/عدم الإرتقاء إلى مستوى التكليف:
ولو سألنا فرضا أي مواطن ومواطنة عن المسؤولية ومن هو المسؤول ،فإن الإجابة ستكون أنه رئيس الجمهورية أو الحكومة أو الوزير أو الوالي ورئيس البلدية أو مدير المؤسسة كالشركة أو المستشفى.
ومن هذا المنطلق فمسؤولية نجاح البلد أو المؤسسة أو فشلها مرتبط بشخص واحد وهو المسؤول ذو المنصب العالي.
ولمعرفة صواب هذا الطرح نلتفت لحديث نبوي جاء فيه :عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ،والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ،والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته" متفق عليه.
وانطلاقا من هذا الهدي النبوي فالكل مسؤول رجل وامرأة عن النجاح إن توفر الإخلاص والتضحية والإتقان والمثابرة والكل مسؤول عن الفشل بالكسل والهوان وعدم الجدية والإتكالية.
لأن اعتبار الرؤساء على اختلاف مراتبهم المذكورة آنفا مسؤولون وأن باقي الشعب غير معني بالمسؤولية، يُفقد الفرد سواء كان مواطنا أو موظفا أو عاملا الإحساس بالإنتماء للبلد أو المؤسسة سواء كانت مصنعا أو مستشفى ويفقد معها كذلك الإحساس بالرغبة لنجاحها وتطورها ومن هنا لا يهمه فشلها وانهيارها.
3/عدم الإرتقاء إلى مستوى حمل الأمانة:
قال الله تعالى:"إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" الآية 72 من سورة الأحزاب.
وعن الشيخ محمد الغزالي رحمه الله قال:
(قد نفهم الأمانة على أنها الوديعة فقط ،أما أن المنصب أمانة ولايجوز استغلاله لمآرب خاصة،ولايجوز الإخلال به وبأعبائه).
وهكذا حسبنا الأمانة شيء مادي ثمين وجب إرجاعه لأصحابه وإن كان هذا الأمر ضروريا فإنه يبقى جزئية من مفهوم الأمانة أما مفهومها العام فهو الإصلاح الدائم بالفكر والعمل والإلتزام بمنهج الحق والتضحية من أجل الأهداف السامية ومواصلة رسالة الأنبياء سلام الله عليهم.
الخلاصة:
إن تصحيح المفاهيم الخاطئة مقدمة لتصحيح الأفعال الخاطئة وعند ذلك نكون عرفنا الطريق صوب التغيير الإيجابي المؤدي إلى النهضة والتطور.
بقلم: علي بركات.
-
وريد الحياةجمعية وريد الحياة الإجتماعية