حديثي عن فساد الأوطان قد يبدو مملاً ،

فقد سئمه كثيرون !..

ولأنكم سمعتموه مني قبل ذلك ..

وهو بطبيعة الحال ليس بجديد

فقد جربت أن أُمارس حياتي دون أن أفكر بوجودة

أو أكتب عنه ..

قد يكون سئِم من أن ينطق بأسمه كاذبون ..

منهم - أنا - طبعاً ،

لذلك سأتركه يرتاح مني .. على الأقل !

أستطيع أن أبدو أمامكم ك "مثقف"

وهم أيضاً بكُل بساطة ..

سأبتعد عن (هم) سأركز في - أنا - ..

أستطيع أن أنال من التصفيق ما تُحمرّ له الأيدي ..

والأمر ليس بتلك الصعوبة ،

قد تستطيعون تجربته بسهولة !

سأحدثكم بأني أستيقظ صباحاً .. أشرب القهوة

وأقرأ جرائدنا الزاخرة ..

وأضع بعض الكلمات العامية ..

سأُحدثكم عن رؤيتي لحل قضية الدول العربية المحتله

ومشكلة تشتتنا ومشكلة الإرهاب

وعن أفكاري في استثمار أراضي الصحراء ، وعقولنا !!

أستطيع أن أحُدثكم عما قاله - "سارتر" ..

وبعضاً من حِكم - "دافينشي" ..

وعن مقطع من إحدىٰ مسرحيات - "شكسبير"

وعن النُكتة التي ضحك منها - "تشرشل" ..

وعن وصية - "روزفلت" وهو على فراش البيت الأبيض !

وعن أهم ما بناه المهندس - "رافاييل" في العصور الوسطى

وعن فلسفة - "مكيافيللي" .. وبلاغة - "بارت" و - "دان براون" ..

هل أحدثكم بالإنجليزية !

وأخبركم عن أمريكا وما فيها ،

وعن مُتعة قيادة السيارة على طريق - "ليسبرج" .. حيث أشجار القيقب العالية !

وروعة الرغوة الخاصة بكأس الكابيتشينو وأنت تستمتع به صباحاً في أحد الشقق في - "ويست بروك" ..

وعن روعة خليج - "شيسبيك" ومناظره الخلابة

وعن زيارتي لجزيرة - "والبُس" .. ورائحة الموت هناك !

أستطيع أن أفعل كل ذلك مدعماً بلكنة أمريكية .. كتلك التي يتكلم بها المارينز !!

الأمر ليس معقداً .. فالشريط الإخباري لأي قناة كفيل بأن يحقنني بأخبار تحتاج لأسبوع كي أقولها ..

قليلاً من الكذب لأخبركم أيضاً أني أشرب القهوة ،

وكمية أعلى قليلاً منه لتعرفوا أني أستطيع الكلام بالإنجليزية مثل - "اللبلب"

وقراءة لإحدى الروايات الأمريكية المترجمة للعربية تخبرني بكل الأماكن أعلاه ،

وفيلم أكشن أمريكي أحفظ منه بعض الجمل الحوارية

، وبعض المساعدة من الأستاذ -"جوجل" لمعرفة الشخصيات أعلاه .. وبعض الأمور الأخرى

ثم إني .. ( مثقف ) !

ماذا بعد ذلك .. ؟!

لا شئ ..

تُجرب كل ما يُمكن أن تفعله في هذه الحياة كل صباح

تجتاح الحياة ب - "ميركافا" لا يوقفها أي لغم !

تستيقظ - تلتهم الأنفاس .. لتقول أني ربُما ما زلتُ حياً ..

وتؤكد للدنيا أنك س-" تتسافل " بالقدر الذي تمنحه إياكَ روحك

فلن تغيب الشمس إلا حمراء فاقع لونها من الحياء !!

تأكُل حتى التُخمة ،

تشرب ماء أو كوكاكولا / بيبسي !!

تسمع أخباراً .. تودع أصحاباً وأقارب ..

على الدوام .. وأشياء أخرى ،

ونوم ،

كآبة وملل .. فقد اقترفت في هذه الحياة كل ما فيها

وأسمع عن أناساً يعتنقون ديناً - مثلي - اسمه الإسلام ،

يبدؤون .. حيث ينتهي تقرير القنوات الأخبارية ..

وينتهوا .. حينما يبدأ " مأمون وشركاة " على mbc !

وفي الفترة المغلقة بين البداية والنهاية .. نرتكب شيئاً يُسمى (حياة)

تتلخص في القدرة على تضييع أكبر قدر منها

وإجبار العداد التنازُلي للموت على أن يتناقص .. بالقوة !

مؤكِداً لنفسك أنك أتفه من أن تكون شيئاً يُذكر

أو بشكل أبسط .. أنك "لا شئ" !

ولأنك تستمتع بتعزية نفسك بموت ضميرك ،

تهمس لروحك " وهو غيري عَمل أيه ؟!" ..

.. لو كان الأمر بيدي

لأختفيت عن أهلي مائة سنة ضوئية ،

ثم أعتذر لهم عن غيابي ،

بذهابي لشراء وعاء للدمع وذنوبي المكسوة بالمبررات !! ..

اللهم أغفر لي ولهم إذا انتهت الحياة ..