على الرغم من نجاح بعض مؤسسات الدولة العميقة فى إقصاء حزب النور عن صدارة البرلمان المصرى إلا أن أداء نوابه القليلين أدهش المتابعيين و المحللين السياسين , فحزب النور - كما يعرف الجميع - تعرض لحملة إعلامية شرسة مدعومة بمحاولات مستميته من جهات نافذة لإقصائه , و نجح المخطط المخزى فى خروج حزب النور من الإنتخابات البرلمانية بإثنتى عشر مقعد فقط لاغير وهو مالا يمثل عشر حجمه بين صفوف المصريين , وتاولت التدخلات الأمنية و الإعلامية الفجة لرسم خريطة وهمية للقوى السياسية و تشكيل البرلمان وفق حسابات غير ممثلة بأى حال للواقع وفى النهاية نتج برلمان مشوه غير معبر عن الشعب ففقد مصداقيته و ظهيره الشعبى , برلمان تصدرته أحزاب كرتونية و شخصيات مثيرة للجدل ليس لها أى رصيد فعلى فى الشارع المصرى , و وسط أجواء الأحباط والهزيمة النفسية التى يعانى منها أغلب المصريين - بعدما تبددت امالهم فى برلمان قوى يمثلهم - برزت تجارب مبهرة حق لنا أن نسلط الضوء عليها , ولعل أبرز تلك التجارب تجربة دائرة العامرية فى الاسكندرية , تلك الدائرة المهملة دائما المنسية بإستمرار , الغارقة فى أوحال الفساد و الإفساد , شهدت العامرية معركة إنتخابية حامية الوطيس بين رجال المال السياسى و رجال الكفاءة , و أختار أغلب مواطنى العامرية الصنف الثانى فنجح د.أحمد خليل و أ أحمد الشريف عن حزب النور و نجح أيضا نائب ثالث - مدعوم من قائمة فى حب مصر - لا أذكر اسمه و ربما أهالى العامرية أيضا لا يذكرون اسمه , و منذ ثلاثة شهور فقط لاغير إنطلق خليل والشريف ليصلحوا أطلال الفساد و الإهمال الذى تأن منه العامرية عبر عشرات السنوات , فنجحوا فى إصدار قرار من رئيس الوزراء بالبدء فى خطوات تحويل العامرية إلى مدينة و كذلك نجحوا فى إقناه رئاسة الوزراء بإرسال وفد خاص لحل مشكلات الصرف الصحى الذى طالما أشتكى منه أبناء العامرية مر الشكوى , وكذلك نجحا فى حل مشكلة سقوط أعمدة الإنارة بـ "عزبة التفتيش" , و نظما قوافل طبية جابت أنحاء الدائرة وساهمت فى علاج العديد من المواطنين , كما حصلا على موافقة رئيس الوزراء على وقف إنشاء طريق يضر أهالى أربع قرى , كما كانا وسط المواطنين فى أزمة السيول المعروفة فساهما فى توفير معدات لشفط المياة التى كادت أن تغرف البيوت وكذلك بذلا أقصى ما فى وسعهما لإصلاح المرافق التى تضررت بسبب السيول , و ساهما فى إنشاء المبنى الإداري لمركز شباب "طيبة" بالنهضة , و نظما حملة لمحو الامية , و حاليا يعملان بالتعاون مع مجلس الوزراء على البدء فى عدة مشاريع حيوية و هامة للغاية منها : إنشاء بنك للدم فى مستشفى العامرية العام , إعادة افتتاح نقطة شرطة قرية 1 بمنطقة بنجر السكر, إنشاء كبارى مشاه على الطريق الصحراوى, إنشاء وحدة جوازات خاصة بأهل العامرية وبرج العرب , إنشاء شبكة رى متطور لتطوير منظومة الرى بالدائرة .

عندما أتأمل فى حال دوائر أغلب محافظات الجمهورية أستشعر أن دائرة العامرية لا تنتمى لهذا الكيان المترهل ولا لذلك الوطن الذى تكالب عليه أعدائه من الداخل والخارج , أستشعر اننى أرى "دولة العامرية الشقيقة " التى أتمنى أن تحظى مدننا بنواب مثل نائبيهم , فالوطن يحتاج لأمثال هؤلاء , فقد طال الظلام و ان للفجر أن يشرق كما أشرق "جمهورية العامرية الشقيقة ".

كل ما سلف ذكره من إنجازات فى العامرية هى حصيلة 3 شهور فقط لا غير من إثنين فقط من نواب حزب النور , و الأعجب من ذلك هو أنهم لم ينشغلا بدوريهما الخدمى عن دوريهما التشريعى والرقابى فتجدهما مشاركين بقوة و فاعلية فى مناقشات القوانين كما تجدهما يتنقلان داخليا بين المحافظات - كما فعل أ أحمد الشريف- لمعرفة مشاكل المواطنين ومحاولة حلها , وخارجيا بين الدول - كما فعل د أحمد خليل – لعرض وجه نظر البرلمان المصرى فى العديد من القضايا الهامة لكسب الدعم الخارجى لوطن يأن تحت وطأة أزمة إقتصادية وسياسية خانقة , إنهما بلا شك نموذج مشرف لعضو البرلمان الذى طالما إنتظره المصريون دون جدوى , فسامحكم الله يا من حرمتم الشعب المصرى من نواب النور.