لماذا نكره بعضنا بعضاً - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا نكره بعضنا بعضاً

  نشر في 27 يونيو 2017  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

هو عنوان مثير بلا شك ، و أيضاً هو مستفز لا شك ، و لن يعجب الكثيرين و خاصة الحالمين و أرباب النفاق الإجتماعي و المؤمنين بنظرية المؤامرة و هذا أيضاً لا شك به مطلقاً . إلا أنه سؤال مشروع و ليس من بنات أفكاري ، فقد طُرح السؤال منذ عام 2008 إلا أنه كان متوجهاً نحو جنسية عربيّة واحدة ، و أعني بها هنا أشقائنا المصريين .

الدكتور سعيد اللاوندي طرح سؤالاً مؤلماً حينها بعد أن لاحظ مدى الكراهية التي يكنها المصريون لبعضهم في بلاد الغربة .

و قد بدأ حينها الدكتور سعيد اللاوندي مقاله في المصري اليوم بمقولة شاعر النيل و أمير الشعراء الثاني حافظ ابراهيم ، حين قال:

المصري للمصري كطرفي المقص ما إن يلتقيا حتى يفترقا

هذا السؤال بمرارته لم يكن يعنيني حقيقة لا من قريب و لا حتى من بعيد ، فقد علمتنا الحرب السورية أن نحمد الله على القنبلة التي سقطت على بيت جيراننا و أفنته ، لأنها و بكل بساطة أخطأت بيتنا و منحتنا فرصة أخرى للعيش .

من هنا آلمني أن يُطرح هذا السؤال من جديد في ألمانيا ، و تحديداً في بدايات العام الماضي ، في عز طفرة تدفق لاجئي الشرق الأوسط على وسط و غرب أوربا ، حيث قرأتُ للصحفي الألمانيّ GERARD DRIEHUIS تساؤلهWaarom slachten moslims elkaar af ?

لماذا يذبح المسلمون بعضهم ؟ و قد أرجع دريهوريس ذلك العنف و الكراهية إلى بقايا النزعة القبلية إضافة للصراعات الطائفية التي يعمل على تأجيجها رجال الدين منذ عقود قبل أن

يُصرّح بكل صفاقة أن الانسانية هي اكتشاف غربيّ قح .

هنا لا تملك سيئاً تدافع به عن قومك ، هل ستقول سامحوهم إنهم لا يفقهون ، أم نركن لمقولة هؤلاء لا يمثلون الاسلام ، تلك المقولة التي أصابها التلف من كثرة الاستخدام ، و مجّها قائلها قبل أن يمجّها سامعها .

منذ مدة أرسل لي أحد الأصدقاء كلاماً طُرح في أحد مخيمات استقبال اللاجئين في ألمانيا أيضاً ، استفزني الأمر و أنا أقرأ سؤالاً لم أكن أتوقعه ، لماذا يكره السوريون بعضهم بعضاً ؟

لستُ مُلماً باللغة الألمانية ، و لستُ من معجبيها بصراحة ، إلا أن الحمية قد استيقظت داخلي ، و بدأت أبحث في المواقع الألمانية عن ما أسماه صديقي ( توجهاً عاماً ) هناك .

لفتني بدايةً مقال للصحفي Roks Sander يتحدث عن انذهاله بمدى الكراهية التي لمسها لدى القادمين الجدد .

هنا و كالعادة يُرجع صاحب المقال تلك الكراهية لأسباب دينيّة بحتة ، حيث ينظر القادمون الجدد لمستضيفيهم الألمان نظرة دونيّة شنيعة ، حيث يشبهونهم بالخنازير و يرون أن كل نسائهم عاهرات و رجالهم من النوع المخنث .

طبعا أعذر الأوربي الذي تفاجئه تلك النظرة و التي سرعان ما يستسهل و يلصق التهمة بالفروقات الدينية .

حيث ينبش المواطن الغربي كتب التراث الاسلامي و مقالات علماء الدين الاسلامي ليستشهد بمدى الكراهية التي يوزعها هؤلاء على الجميع ، مبررين ذلك بأن الدين الاسلامي هو دين استعلاء ، كما قال أبو الحسن الندوي في كتابه ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) حيث يكمل الندوي واصفاً العقيدة الاسلامية بأنها : تشعر المسلمين بالتبعة الملقاة على كواهلهم ، تبعة الوصاية على هذه البشرية ، تبعة القيادة في هذه الأرض للقطعان الضالة .

هذه النظرة للأسف لم تمت مع الندوي أو مع من تلاه من مُنظّري الاسلام السياسي ، بل هي نظرة تجذرت في مجتمعاتنا و نقلناها للأسف لمهجرنا هنا .

هنا طبعاً أحسد الغربيّ الذي وجد لنفسه سبباً يبرر له تلك الكراهية ، و أجلس متحسّراً على سوريّ هدمت الحرب بيته و أكلت رزقه و شرّدت أخوته و لحقت به الكراهية إلى مهجره ، و ممن ؟ من بني جلدته الأقربين .

لن أنكر هنا المؤثرات الخارجية التي دفعتنا إلى هذه الحالة المرضية ، و لن أنكر أننا بحاجة ماسة للإعتراف بأننا كلنا مصابين بنوع من البارانويا التي تمنعنا حتى من الاعتراف بذلك ، و لذا أتوقع هنا أن ينبري الحالمون و الطوباويون و محترفوا النفاق الإجتماعيّ لينفوا هذه التهمة ، و سيرددون كالعادة نظريات المؤامرة و شق الصف ، و سيطالبون بعدم نشر الغسيل الوسخ ، و سأستغل هنا الأمر و أسألهم و أسأل نفسي :

لم نقتل بعضنا داخل الوطن من سنين دون طائل ؟

لم نقتل بعضنا و نشمت ببعضنا و نفرح بمآسينا و نستغل بعضنا و نسرق بعضنا ، حتى في المناطق التي تحكمها سلطة واحدة أو فصيل واحد أو حتى لجنة أمنية واحدة ؟

لم يسطع نجم الفاسدين في مجتمعنا و كأنه نجم سماويّ و يُحارب كل صادق ناجح مبدع ؟

لم تسيطر المناطقية على تجمعاتنا في الغربة ؟ و نرمي بالكفر و العمالة كل من أراد لنفسه نجاحاً أو تميّزاً ؟

لم لا زلنا نمارس سياسة المماليك بخوزقة كل صاحب فكر أو اتجاه مُخالف ؟ لم نتهم الغرب بالعدائية و العنصرية و نحن نكره بعض و نحسد بعض و نتزلف للغربيين بشتم بعض ؟

كنتُ أبرّر سابقاً بعوامل القهر السياسي و الاجتماعي ، لكننا ما زلنا نستغل بعضنا في دمشق و حماه و ادلب و الساحل و الرقة و على امتداد الوطن .

نستغل بعضنا في أنطاكية و أضنة و أنقرة و استانبول . نكره بعضنا في القاهرة و الاسكندرية و الخليج .

في أوربا ندّعي أننا متحضرون و نخفي كرهنا للمجتمع الذي نتمنى أن يحتضننا و ننادي بعدم الاندماج به .

نقتل بعضنا منذ وفاة النبي و مقتل علي و أبنائه ، و نُسلّم مدننا للمغول و الصليبيين و لكل غزاة الأرض .

نُردّد منذ مئات السنين أشعار داحس و الغبراء ، و نعتبر الزير و الجساس من أبطالنا القوميين ، و هما من أوغل بدماء العرب و أطلق أهازيج انتصارتهما على جثث أبناء جلدتهما .

دعونا من النفاق الاجتماعي و لنتصارح ، نحن نحب بعض عندما نتواجه وجهاً لوجه فقط ، و نطلق خوازيقنا لتطال كل من يُدر ظهره لنا .

أعلم أنه من المؤلم أن تقرأوا هذا ، و و الله أن كتابته لم تكن أقلّ إيلاماً ، إلا أن تشخيص الحالة هو أول طرق علاجها ، و أقول بكل بساطة و الله لن ينقذنا مما نحن فيه إلا المحبة و لا شيء إلا المحبة .


  • 1

   نشر في 27 يونيو 2017  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا