لاتزال ذاكرتي الفلاشية تحتفظ بنماذج حية لمجموعة من المجربين في مجال الكتابة السردية ؛ ممن أحكمت علي مجساتهم التفاعلية ( عقدة الأنا الفردية المملؤة بفصام التفوق الافتراضي ) . ولعل الفضل في استذكارهم يعود إلى قصة " بائع متجول " للقاص ( جابر محمد جابر ) ؛ التي تحاول أن تحاكي واقع الكثيرين منهم ، حيث يذهب فيها إلى تبديد أوهام التشكيلات الابداعية المفترضة ، من خلال إزالة الهالة المؤسطرة حول ما ينسجونه من " أفكار ورؤى " – بحسب وصف القاص – وفرقعة فقاعاتهم المسوقة لأسطورة التفرد ؛ بمجرد عرضهم لجزء مما يمتهنونه ؛ وبمجرد أفول الضوء عنهم وانفضاض الجمع المدعو من المتمرسين في هذا المجال ، يعود إلى مطالعتنا بلحظة مريرة تتمثل بإزاحة ذلك الوهم الكاذب وإلقائه عند أول حاوية تتمثل بمتسول عجوز - يمثل موت الوهم ؛ والتمركز حول الشفاء منه - وهذه برأيي فنتازية ترفضها كل الجينات النرجسية المشفوعة بومضة التضخم – الجوانية – المتحيونة ثقافيا لديهم .

لقد أفلح القاص في نسجه هنا لمجموعة من الانتقالات الرؤيوية والفنية المعبرة ، والتي سهلت علي – كمتلق بسيط - من الغوص في عوالم خاصة واقتناص هذه الباقة من الهواجس المرتبكة ومكاشفتكم بها .