أبناء الدعوة السلفية بين النقد البناء و جلد الذات - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أبناء الدعوة السلفية بين النقد البناء و جلد الذات

  نشر في 25 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

مما لا شك فيه أن "الدعوة السلفية" تمثل حاليا التيار الإسلامى الأبرز و الأكثر تواجدا على أرض الكنانة , و على عكس الشائع عند الكثيرين فالدعوة السلفية حاليا تتعرض لإنتقادات داخلية من شبابها لقياداتها , ولعل سلوك الإنتقاد هذا سلوك جديد فى أوساط الإسلاميين عامة والدعوة السلفية خاصة ذلك أن المكون الأساسى للتيارات السلفية هو لبنة "الشيخ – الطالب" مما لتلك الوحدة البنائية من قدسية خاصة و طاعة و تقدير من الطالب لشيخه , و لقد أستمر الأمر على ذلك المنوال لما يقرب من ثلالثة عقود حتى إندلعت الثورة المصرية و زال التضييق المضروب حول الدعوة السلفية و بدأ قيادات الدعوة السلفية فى تحويل تلك الصورة الدعوية الفردية إلى عمل مؤسسى , تصدر "الشيوخ" العمل الإدارى و إنتقلت مكانة الشيخ معه إلى عمله الإدارى و لكن برز هنا فارق لم يلتفت إليه الكثيرون , فلبنة "الشيخ – الطالب" تعتمد بشكل كبير على الثقة المطلقة فى علم الشيخ ومدى تحصيله للعلوم الشرعية و بالطبع فأغلب من تصدوا لذلك المجال قضوا جل أعمارهم فى تعلم العلوم الشرعية فحازوا بجدارة على إحترام وتقدير وثقة طلابهم , إلا أنه عندما إنتقل الشيوخ إلى مجال العمل الإدارى المؤسسى - دون تدقيق كامل فى مدى كفاءة وتفرغ "الشيخ" للعمل الإدارى - نتج عن ذلك عوار كبير , فبسبب التضيق الأمنى فى مرحلة ما قبل الثورة أصاب الدعوة السلفية ما أصاب باقى الوطن من ضعف فى الكفاءات الإدارية و ندرة فى القيادات المؤسسية وعندما تولى "الشيوخ" العمل الإدارى إعتقد بعضهم أن مجال العمل الإدارى مثله مثل العمل الدعوى لا مجال فيه للإنتقاد و لا الإعتراض, وعلى النقيض إعتقد الشباب أنه لابد من إشراكهم فى كافة القرارات الإدارية مهما كانت و لابد من إنصياع "الشيوخ" للشباب لتصحيح ما يعترى الدعوة السلفية من جوانب نقص بارزة إعتقد الشباب أن سوء الإدارة هى المسئولة الأولى عنها , و بدأت تبرز تسائلات حائرة : لماذا يفترض الشيوخ دائما أن ما لديهم من علم شرعى كفيل بإنجاح دورهم الإدارى؟ لماذا لا يحرص الشيوخ على تحصيل العلوم الأدارية مثلما حصلوا العلوم الشرعية , وإن كانت مسئولياتهم ومشاغلهم تجعل من العسير عليهم توفير وقت لتعلم تلك العلوم و إكتساب تلك المهارات , فلماذا لا يوجهون الشباب لتعلمها ثم يدفعوا إليهم العمل الإدارى ؟ و إن حدث ذلك فهل من الممكن أن ينصاع الشيوخ للقرارت الإدارية الصادرة من الشباب ؟

تسائلات حائرة خالجت أنفس الشباب كما خالجها شعورين متناقضين :

الأول هو التقدير و التوقير التامين لمكانة الشيوخ الذين تعلموا على أيديهم دينهم وسجنوا وعذبوا من أجل إيصال الدين لأولئك الشباب

و الثانى : الرفض و الإمتعاض لبعض القرارات الإدارية و لسوء التخطيط و العشوائية فى إدارة بعض الملفات وعدم إستيعاب الشيوخ لطاقة وحيوية الشباب , وبناء على ذلك إنقسم شباب الدعوة السلفية إلى أربعة أصناف كالتالى :

الأول: ينفذ ما يطلب منه دون إنتقاد لأى قرار إدارى على إعتبار أنه من سوء الأ دب إنتقاد قرار الشيخ الذى تعلم على يديه .

الثانى : يعترض فى صمت على ما يراه قرارت إدارية خاطئة ويتم ترجمة ذلك الإعتراض على هيئة إعراض عن العمل الدعوى بكافة صوره متعذرا بأعذار واهيه .

الثالث: إتخذ لنفسه دور الناقض الفاهم لكل شيىء المتخصص فقط فى التفكير دون العمل , وإذا أتخذ قرار إدارى على غير هواه ينتقده ويرفضه , و بالطبع فهو غير منخرط فى أغلب الأعمال الدعوية ولا يحضر الجلسات الإدارية و الإجتماعات الدورية بحجة سوء الإدارة وعدم قدرتها على استيعاب طاقاته وملكاته

الرابع : ينتقد بأدب ويوضح برفق , يجل الشيوخ ويحبهم لكنه لا ينسى أنهم علموه أن نشر دين الله وصالح الدعوة فوق كل إعتبار لذا فهو يبين ويصلح ويسدد ويقارب على قدر إستطاعته .

أرى أن الرابع هو الأصح طريقا والأصوب مسلكا إلا أن الإشكالية أنه الأقل عددا وهذا يمثل خطر وجودى يهدد كيان الدعوة السلفية , فإذا تقلص النوع الرابع لحساب الثلاثة أنواع الاخرى فهذا يعنى تحول كيان الدعوة السلفية لكيان هلامى أشبه بالبالونة التى يكفى ثقبها دبوس صغير لتنفجر من الداخل فلا تثبت فى فتنه ولا تنشر دعوة ولا يضحى لها أثر واضح بين شرائح المجتمعة خاصة الشباب , وهنا يبرز السؤال كيف يستطيع قيادات الدعوة الحفاظ على ذلك الكيان الذى وهبوا أعمارهم من أجله؟

تكمن إجابة ذلك التسائل فى مدى إتباع قيادات الدعوة السلفية لسبل تصحيح المسار و منها :

1- تأهيل الكوادر القيادية الحالية إداريا فلا يستقيم أن يصبح الشيخ الفلانى مسئول العمل الإدارى لأنه الأقرب و الأكثر ثقة لدى صناع القرار فى الدعوة لما له من باع فى دراسة العلوم الشرعية فليس كل شيخ يصلح مدير .

2- المسارعة فى إستيعاب طاقات الشباب وتقبل النقد و إشراك الشباب فى إتخاذ القرارات .

3- العمل على تأهيل دفعة "قادة " من الشباب بشكل سنوى يتم إعدادهم بشكل خاص لتحمل مسئولية العمل الإدارى فى القطاعات التى تعانى عجز بين وما أكثرها .

و كما أن قيادات الدعوة السلفية عليهم مسئوليات كما أسلفنا , فأيضا الشباب عليهم مسئوليات لا تقل أهمية بل تزيد ومنها :

1- طرد الكسل و التوانى والفتور الذى أصبح ملازما للبعض كأنه يجرى منه مجرى الدم .

2- عدم إنتظار إسناد أعمال دعوية و إجتماعية لهم من قبل القيادات بل عليهم المباردة فالثغور الشاغرة أكثر مما تحصى فكن مبادرا و ضع بصمتك .

3- التأهيل الذاتى و العمل بشكل دائما على تحصيل العلوم الشرعية و الإدارية

4- التأدب فى الإنتقاد و تقدير ما بذله الشيوخ لتأسيس تلك الدعوة والحفلظ عليها فى خضم وطن يموج بالفتن , و لبد من الإنصياع لرأى الشورى فى النهاية و إن كان مخالفا للهوى.

5- إياك و أن تلفظ العمل المؤسسى مهما كانت الأسباب فأى عمل فردى حاليا مهما طال فهو إلى زوال فلا تكن معول هدم تضر دعوتك وكن كالجندى المجهول"التقى الخفى" الذى يعمل فى صمت , و يصلح على قدر إستطاعته واهبا حياته لربه معلقا على صدره عبارة واحدة " وقف لله " .



  • 1

   نشر في 25 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا