24-09-2017
يمكنك أن تنتقد السيدة فيروز، فأنت على الرحب والسعة. كل ما ستقوله حين تنتقد فيروز سيضيف قيمة عالية لمكانتك حيث أنت والجميع سيعترف بك فجأة. نقدك الجارح واللاذع بحقها سيجعلك مثقفًا لامعًا في مجالات الفن العريق والموسيقى العالمية. لا بأس.. يمكنك أن تنتقد فيروز، فهي ليست قديسة، ولا ملاكًا ولا آلهة، كما أنها ليست معصومة عن الخطأ وجميعنا على علم بأن الكمال لله القدير وحده. يمكنك الاستهزاء بها، فليس لديها مجموعات من المعجبين على مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل معك شخصيًا وتهنئتك أو للدفاع عنها أو للرد على إهانتك بإهانات متبادلة، ولأن جمهورها في أقاصي الأرض لم يصله رأيك بعد. إن السيدة فيروز لا تملك “ريتويت” و “لايك” لتدعم رأيك الحر على صفحتها، ولا على صفحات ساخرة من هنا وهناك، وربما هي أيضًا لا تهتم بتلك الألوان والعلامات الزرقاء التي تزين صفحات فيسبوك وتوتير وغيرهم من مواقع، فعندما بدأت فيروز مشوارها الفنّي، كنّا نحن لم نولد بعد ولم يكن لشبكات الانترنت العظيمة التي تصل معارضتك على الألبوم من خلالها إلينا أي أثر؛ فإن وجودها غير المرئي اليوم يكمن في تاريخها الفنّي الراسخ في ذاكرتنا وصوتها الممتد صباحًا ومساءً إلى قلوبنا، واسمها القابع في وجداننا الذي يفتخر به كل عربي. لا بأس أن تعبر عن حبك لها بمزيد من الاستهزاء، لا عليك، فاكثِر من الجراح والاستهزاء بها وبمن يحبها، ثم قُل لنا بأنك تنتقد لأنك الغيور عليها وتحبها أكثر من جميع المتذوقين للفن على هذه الكرة الأرضية. لا بأس..سنصدقك. إنها فيروز التي غنت لبنان والشام وبترا ومصر والكويت ومكة والقدس، التي لم ولن يهزمها الوقت، والتي كلما ضاعت أوطانًا، عادت هي بصوتها وبسلامها إليها. إنها التي لم تزل تغني وتبني أجيالاً على قيم الأصالة، هي من رافقت مآسينا وأفراحنا وعلمتنا كيف يَهزِم الحب كل الأحقاد. تعود إلى محبيها اليوم من بعد عطاء دام لأكثر من سبعين عامًا، تقدم لنا اليوم مجددًا حبًا بلا مقابل ورشفة من الحنان لأرواحنا، تهدينا الأغنية البسيطة والهادئة بصوتها الملائكي. عاجزون نحن عن شكرها على كل ما تقدمه لنا من فن لا يشبه غيره، مانحة السلام مع الذات ومحبة لا يلتمسها إلاّ من حقًا يحب السيدة فيروز فنًا واحترامًا ومقامًا. أما أنت أيها الناقد، لا عليك، يمكنك أن تهديها ورودًا متربصة بالأشواك. لا بأس، فإن كنت تحب فيروز عبر عن حبك وعن عدم حبك أيضًا كما تشاء، فهذا لن ينتقص من عظمتها ولا من تعبها، وعليك أن تتأكد بأن صوتها لن ينطفئ يومًا. نعم، يمكنك أن تنتقد فيروز، فيصبح اسمك أكثر شهرة وهذا من حقك أن تلاحق أحلامك، يمكنك أن تنتقدها وتصبح حديث البلاد والأمة العربية فهذا قد يكسبك ثقة بنفسك، كما يمكنك أن تنتقدها وستصلك آلاف المجاملات الوهمية وستشعر حتمًا بالرضا عن نفسك، هنيئًا لك إن كانت كلماتك هي حريتك! ولكن لا شيء سيبقى أقوى من الحقيقة، إنها حقيقة “السيدة فيروز” التي لن يجرؤ الباطل على تحطيمها ولا حتى الوقوف أمامها. لك كل الكلمات لتنتقدها، ولفيروز كل الكون، ولنا نحن فيروز..
-
غادة مخولكاتبة لبنانية _ محررة
نشر في 24 شتنبر
2017 .
التعليقات
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
فاطمة بولعنان
منذ 3 أسبوع
fawzi mosbah
منذ 1 شهر
من المستفيد من النّزاع القائم بين المغرب والجزائر؟
رشيد مصباح(فوزي)كاتب جزائرئإذا أردت معرفة المجرم الحقيقى فابحث عن المستفيد من الجريمة.يبدو أن هذه المقولة هي المعيار الحقيقي لمعرفة من المستفيد من النّزاع القائم بين بلدين مثل المغرب والجزائر.إنهاء الاحتلال الصّليبي ثمنه لم يكن مجرّد أرواح تم تقديمها على الأكف
مريم الجزائري
منذ 1 شهر
جلال الرويسي
منذ 2 شهر
نظام إدارة المخزون والمبيعات
يعتبر نظام إدارة المخزون والمبيعات (Inventory and Sales Management System) أحد الأنظمة و الأدوات الرئيسية التي تساهم في تحسين أداء الأعمال وتسهيل العمليات اليومية في الشركات Business Operations. يقوم هذا النظام بتنظيم و ترتيب العمليات المتعلقة بإدارة المخزون وعمليات البيع،Logiciel de gestion de stock au en Afrique et Maroc
Le Maroc, en tant que plaque tournante économique de l'Afrique du Nord, voit de plus en plus d'entreprises adopter des stratégies avancées de numérisation, gestion d'entreprise et gestion de stock de produits de distribution pour rester compétitives sur le marché
Rabah Islam
منذ 6 شهر