ثمة نوعين من القراءة، النوع الأول هو قراءة الواقع والأحداث والمتغيرات وهذا المعنى العام للقراءة، والنوع الثاني وهو قراءة النصوص المكتوبة كالكتب والمقالات وغيرها. وهذا هو النوع المقصود هنا والذي نحدد بصدد الحديث عنه. 

ويندرج تحت هذا النوع الثاني عدة أنواع فرعية أخرى للقراءة كالقراءة التحليلية والقراءة السريعة والقراءة المتعمقة وقراءة الإطلاع والثقافة والإلمام العام وغيرها من الأنواع الأخرى مثل القراءة للاستمتاع والقراءة العملية الغرض منها التطبيق العملي في الواقع وكل هذه الأنواع تختلف باختلاف غرض وأهداف القارئ وظروفه والسياق الخاص به.

 ولكن ما أود التركيز عليه في هذا المقال هو القراءة الواعية والتي لها مردود إيجابي على عقلية وفكر القارئ وتنمية التفكير النقدي عنده وتطوير قدرته على قراءة الواقع وزيادة معدل الذكاء العاطفي والاجتماعي فضلا عن الذكاء المنطقي والعقلي، بالإضافة إلى خلق شخصية مستنيرة العقل والقلب..

وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن الفكر العميق ليس كافيا وليس هو الهدف الأسمى والنتيجة الأنفع من القراءة.. ولكن المطلوب هو تحقيق الفكر المستنير.. 

ولتحقيق الاستنارة لابد من مشاركة العقل والقلب والضمير والروح في عملية القراءة وتنمية روح البحث عن الحقيقة وليس المفاخرة بالمعلومات والأفكار المجردة العميقة.. وهذا هو التعريف الجوهري للمثقف وهو الباحث عن الحقيقة والمتطلع إلى اليقين بضمير حي وعقلية متجردة بدون انحياز أو رغبة في التسلط بالعلم والتعالي بالمعرفة والاستعراض المعلوماتي. 

وقبل الختام.. فيجب الإشارة إلى أن القراءة الواعية لا ترتبط بالضرورة بنوعية ومجال وكم المقروء صغيرا كان أم كبيرا كثيرا أم قليلا.. فسواء كان المحتوى معقدا أم بسيطا، أو كان مجال القراءة علميا وثقافيا وفكريا أم أدبيا وروائيا.. فالعائد الإيجابي والحقيقي متوقف على هدف القارئ ونيته وضميره " وإنما الأعمال بالنيات. وإنما لكل إمرئ ما نوى"....