قسم الله سبحانه وتعالى الرزق بمفهومه الواسع على بني البشر بتوزيع عادل ومنصف فنجد بلاد حباها الله بأرض خصبة وانهار جارية وأخرى منحت مهارات لدى افرادها ووفرة في اليد العاملة واخرون يعيشون فوق صحراء قاحلة شحيحة المياه استودع الله في ارضهم ثروات طبيعية اوصلتهم الافاق. وهكذا تتعدد وتتنوع الارزاق لحكمة الاهية ليتخذ بعضنا بعضا سخريا وتستمر الحياة وتعمر الارض وقد علم كل أناس مشربهم.

الحضارم نسبة لحضرموت البلد الذي يقبع في جنوب الجزيرة العربية برعوا أهله في المجال التجاري بشكل ملفت وتميزوا به ويصلون فيه لحد الظاهرة وما يبهر انهم يمتهنون التجارة من الصفر عصاميين بالمعنى الحقيقي للعصامية وما يلبثوا ان يكونوا امبراطوريات تجارية ضخمة والاسماء كثيرة لن اذكرها كي لا تعد من قبيل الدعاية لهم.

وتربطني بالكثير منهم علاقات وارتباطات واعرفهم عن قرب فلم يتخرجوا من كليات تجارية معروفة بل ان اغلبهم بالكاد يقرا ويكتب وكأن اسرار التجارة وفنونها ولدت معهم فعقولهم حسابية بالسليقة ولديهم صبر وجلد عجيب ما يمتلكوه من خبرات تراكمية في الحقل التجاري يعد كنز ثمين لا يستهان به ولو وجد من يسطره في كتب لأصبح قواعد اقتصادية تدرس في الجامعات وتتفوق بمراحل على ما ينظر به الأكاديميين والمتخصصين في الاقتصاد. وسأورد بعض من اقوالهم وبلهجتهم العامية البسيطة :

(إذا ارت ان تدكن ركن) والمقصود اختيار الاركان كأفضل المواقع لأنشاء المحلات التجارية الناجحة.

(إذا غلبوك بالفلوس اغلبهم بالجلوس) هذا توجيه لمن يتعرض لمنافسة مالية شديدة ممن يشاركه نفس النشاط فعليه ان اراد مجارات المنافسين زيادة ساعات العمل في أيام العطلات والاجازات.

(من ذرع بسلعته بارت) المعنى ان كثرة الترويج للسلعة وعرضها بإستمرار بشكل مبالغ فيه ينقص من قيمتها.

القواعد التطبيقية التجارية التي يمتلكوها ويمارسوها  في متاجرهم ويعدوها قانون لا بد من الالمام به لمن يريد مزاولة مهنة التجارة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها. بقي لي اخي القارئ ان اذكر بشيء مدهش عن هؤلاء القوم ويدعو للغرابة بحق موجود في هذا الشعب ولا يوجد له تفسير مقنع الا الان وهو ان نجاحاتهم وتفوقهم لا يكون في بلدهم الاصلي بل في الدول التي يهاجروا اليها سوآءا كانت أقطارعربية مجاورة او اجنبية كدول شرق اسيا اما في موطنهم الاصلي فيعانون من شظف العيش وقلة ذات اليد. وسبحان الله ان لله في خلقه شؤون.