16

أحد الزّملاء أشرف على التّقاعد، وسوف يُحال إلى المعاش، لكنّه لحدّ الآن مستأجر، ولم يشترِ منزلا!

وسيّارته (برايد) مستهلكة.

وفي الأهواز، سيّارة برايد تُعدّ من الدّرجة الثّالثة من حيث الجودة والقوّة والأمان.

وليس لديه أيّ مدّخر!

أين تكمن المشكلة؟!

أن تعمل ثلاثين عاما ولا تستطيع أن تشتري منزلا صغيرا، لا شكّ أنّ هناك خللا في إدارة بيتك.

صحيح أنّ الرواتب ضئيلة، لكنّ علينا أن نتعايش مع الواقع رغم استنكارنا له، ونمدّ أرجلنا على قدر غطائنا كما يقول المثل.

سألته ذات مرة، وكان ذلك قبل أن تأتي البطاقات البنكيّة، وكنّا حينها نستلم الرّاتب كلّه بصكّ؛ سألته:

ماذا تفعل براتبك فيطير كلّه؟!

قال: أضع الرّاتب كلّه فوق الثّلّاجة، فيأخذ كلّ منّا ما يلزمه من نقود دون أيّة مراقبة أو سؤال.

سألته: وإن أسرف أحد الأولاد؟!

خاصّة وأنّهم لم يبلغوا سنّ الرّشد بعدُ؟!

قال: أنا لا أحاسب أحدا.

فعرفت أين تكمن المشكلة.

ربّما كان عليه أن يخصّص لكل فرد من العائلة راتبا يتصرّف به كيفما يشاء، لكنّه ينفق على قدر نقوده.

لو كان قد غيّر في طريقة إدارته الاقتصاديّة قليلا، يقينا كان قد استطاع أن يوفّر قسما من

الرّاتب لشراء بيت صغير، أو حتّى كبير.

(شكرا للّذين يشاركون أعضاء أسرتهم في تعلّم لغتهم العربيّة.)

10-3-2021

17

اليوم اتّصل بي صديقي الدّكتور أبو المنذر، وطلب منّي أن أرافقه إلى نخيلهم في عبّادان.

ورفقة أبي المنذر لا تخلو من الفوائد، فهو متضلّع من علوم اللغة، والنّحو والصّرف.

ورحنا نتحاور حول جمع مفردة السّنة، هل جمعها سنون أم سنين؟

واستشهدنا بالقرآن، ثمّ شرعنا في إعراب بعض الآيات الّتي يختلف حولها بعض العلماء.

إلى أن وصلنا النّخيل، وجدتُ النّخيل هزيلة وطويلة، لا يكاد يبلغ قطر بعضها العشرين سنتيمترا!

فتتخيّل أنّها ستسقط في أوّل هبّة ريح، لكنّها قويّة رغم الهزال، ولا يسقطها الطّوفان؛ بل تثمر كلّ سنة.

مرّ من الطّرف الثّاني لجدول الماء شيخ يسرح بقطيع من الماعز، سألته عن سبب هذا الهزال، وهل هو مرض أصاب النّخيل أو ماذا؟!

فقال: منعوا المياه من هذه النّخيل فترة الحرب كلّها، أكثر من ثماني سنين لم يصلها الماء، ولم تمت!

قاومت وبقيت على قيد الحياة، لكنّها أمست هزيلة.

سبحان الله، ثماني سنين وبقيت شامخة خضراء؟!

تذكّرني هذه النّخيل العربيّة بالإبل، وهي تتحمّل العطش لأكثر من أسبوع في هجير الصّيف!

يبدو أنّ الله أودع القوّة والمقاومة والصّبر في جميع مخلوقاته الّتي أنشأها في هذه الدّيار الحارّة.

بما في ذلك الإنسان، وأخصّ الإنسان الأهوازي، ولهذا تراه يتحمّل الإجحاف ويقاوم، ولا يهاجر من أرضه.

(شكرا لأنّكم عزمتم على تعلّم لغتكم عزما لا رجعة فيه.)

11-3-2021

18

جلّ من لا يمرض، معظمنا يمرض، وأكاد أن أعمّم فأقول كلّنا تعرّضنا لوعكة صحيّة فراجعنا الطّبيب.

يقول أحد الأصدقاء:

دخلت عيادة الطّبيب بعد انتظار طال لأكثر من ساعتين، سألني: ما بك؟

ولم يمهلني لأكمل شرحي فبدأ يكتب الوصفة.

كلفتني عيادته مليون ريال إيراني!

واستغرق الكشف، والأحرى أنّه سؤال وجواب، ثلاث دقائق لا أكثر!

والعجيب أنّ بطاقة التّأمين الصّحي لم تسعفني في المخارج!

الطّبيب ليس لديه عقد مع شركات التّأمين، ولا أدري لماذا؟!

ربّما ليس لديه مزاج ليراجع هذه الشّركات الّتي من عاداتها أنّها تماطل كثيرا عند الدّفع؛ ولهذا يستلم أجرته من المرضى المضطرّين.

ويضيف صديقي:

ثمّ ذهبت إلى الصّيدليّة، فأعطوني كيسا من الأدوية كلّفني مليونا آخر!

وعندما حسبت الأسعار الّتي كانت مكتوبة على الأدوية، وجدت أنّ المبلغ الّذي دفعته أكثر من السّعر!

فسألتهم: ربّما أخطأتم في الحساب، وإلّا كيف يكون المبلغ أكثر من السّعر وأنا لديّ بطاقة تأمين؟!

قالوا: البطاقة خفضت لك الأسعار، لكنّ أجرة تشخيص الأدوية والّتي نسمّيها الأجرة الفنيّة هي الّتي رفعت المبلغ ثانية.

لم أجادلهم، نظرت إلى بطاقة التّأمين الّتي تكلّفني أكثر من ثلاثة ملايين شهريّا نظرة عتب وانصرفت.

لك الله يا فقير، يا من ليست لديك وظيفة ولا راتب.

(شكرا لأنّكم تتعلّمون لغتكم العربيّة لأجل العربيّة ولا تكترثون بالشّهادات.)

14-3-2021

19

الشّارع الّذي يقع جنبنا أطلقت البلديّة عليه اسما غير عربيّ!

وكنت أتمنّى أن نسمّيه شارع المثقّفين، أو شارع المدرّسين، ذلك لأنّه يمتدّ بمحاذاة بيوت المدرّسين.

وقبل ثلاث سنين زرعت البلديّة أشجار المورد وسط هذا الشّارع العريض الّذي فتح طريقا بين أحياء العبّارة وبستان والسيّاب وبين السّوق.

لكنّ الأشجار لم تلبث أن ماتت بسبب ملوحة التّراب الّذي جلبه المقاول من أرض أجاج!

وبدل أن يتدارك المسؤولون الأمر فيغيّروا التّراب، غرسوا السّنة الماضية هذا الشّارع نخيلا. ولم تقاوم فماتت.

واستمرّ هؤلاء وأعضاء مجلس البلديّة يكثرون بالفواتير الّتي يرفعونها إلى الجهات العليا ليستلموا أموالا مقابل تشجير هذا الشّارع فزرعوه للمرّة الثّالثة أشجارا مختلفة فذبلت وانعدمت، وبقي الشّارع كأنّه صحراء قاحلة!

ولا تزال زمرة البلديّة وأعضاء مجلسها يصرّون على بقاء ترابه غير الصّالح ليشتلوه كلّ عام قبيل الاحتفال بانتصار الثّورة الإيرانيّة، ليسرقوا الأموال العامّة ... ولا سائل ولا مسؤول!

أدري أنّ هذه الأموال هي من عائدات النّفط الّذي ينبغي أن يتنعّم به فقراء هذه البلاد، ولكنّها تُسرق فتُهدر ... ولا باليد حيلة!

(شكرا لأنّكم تسعون بجدّ لتكونوا كتّابا تكتبون بلغتكم العربيّة.)

17-3-2021

20

منذ تفشّي الفيروس الصّيني كورونا ونحن ندرّس عبر التّطبيق الافتراضي (شاد).

ومن كلّ صفّ ينشط ربع الطّلّاب أو أقلّ أو أكثر بقليل، وهذه كارثة!

يقول ذوو الطّلّاب الّذين لا يحضرون الدّروس إنّهم غير قادرين على أن يشتروا لأبنائهم جوّالا بسبب الفقر!

ويقول آخرون إنّ الجوّال الّذي يمتلكونه قديم ولا يستجيب لتطبيق شاد.

إنّهم على حقّ، أنا أصدقّهم وأدرك معاناتهم، ففي ظلّ هذه البطالة الممنهجة من يستطيع شراء جوّال؟!

أنا المدرّس اشتريت جوّالي بسعر فاق راتبي الشّهرى عشرين بالمئة!

البارحة راسلني طالب يقول إنّه راح يعمل في المحلّات حتّى استطاع أن يشتري جوّالا يستجيب لتطبيق شاد،

وطلب منّي أن يلتحق بالصّف الافتراضيّ وقد مضى من السّنة الدّراسية ستة أشهر ونصف، ولم يبق إلّا شهر ونيّف.

فماذا سوف يتعلّم هذا الطّالب وقد منعه الفقر من الالتحاق بصفوفنا أوّل السّنة؟!

ومن يتحمّل وزر هؤلاء الفتية المساكين وعددهم ليس قليلا؟!

هؤلاء حُرموا من الدّراسة سنتين، وقد يطول أمد هذا الفيروس المنحوس، فيطول حرمانهم...

وماذا سوف ينتظرهم في المستقبل وهم لا يستطيعون أن يكملوا دراستهم الإعداديّة؟!

من المسؤول سوى الّذين بيدهم مقاليد الحكم وثروات البلد؟!

(شكرا للّذين يعون مكانة اللغة العربيّة وأهمّيتها، فينفقون وقتا لإتقانها يتناسب ومكانتها المميّزة.)

18-3-2021

سعيد مقدم أبو شروق

الأهواز