في عيدك الميمون .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

في عيدك الميمون ..

  نشر في 11 مارس 2018 .

تحتفل منظمة الأمم المتحدة في كل بقعة من العالم بالثامن مارس من كل عام بما يسمى "اليوم العالمي للمرأة"، ويصاحب هذه الاحتفالية غالبا عدد من الأنشطة والفعاليات، التي تبرز ما يعتبر إنجازا في مجال "حقوق المرأة " فهل حقا أنصفت المرأة ونالت ما تستحقه من تكريم وحقوق؟ أم أن المسألة كلها لا تعدو أن تكون مجرد شعارات براقة، ابتدعوها وأرادوا بها أن تضفي لمسة إنسانية على معاملتهم الجافية للمرأة، التي أساؤوا إليها طول الحياة، وجعلوا منها أداة لإشباع الشهوات، وإرواء النزوات، إسكاتا لصوت الضمير المؤنب، بسبب ما ارتكبوه في حقها من فضائح وفظائع، فهذه المناسبة كأنما أريد بها إيهام المرأة بانتصارها على الرجل القاهر لها والمتسلط عليها.

تلك وضعية قد تصدق على المرأة والرجل في أوروبا، أما في الإسلام فهما بمثابة الشقين المكونين للنفس الإنسانية، لهما نفس الواجبات والحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلا في بعض الجوانب الجزئية، إذ يقر الإسلام بوجود اختلافات بيولوجية وفسيولوجية ونفسية بين الرجل والمرأة، وهذه الاختلافات هي بحسب التفسير الصحيح، أساس لتكامل دور المرأة والجل في والأسرة والمجتمع، وليس مدعاة للصراع بينهما.

إن هذه الاحتفالات السنوية لن تستطيع أن تخفف من معاناة المرأة، ولن تحل المشكلات العديدة التي تواجهها؛ بقدر ما تتسبب في تضليل المرأة المسلمة وتحريضها على التمرد على دينها وثقافتها وأعرافها وتقاليدها، ذلك لأن إنهاء معاناة المرأة مرهون بعودتها إلى وظيفتها وفطرتها التي فطرها الخالق عليها؛ لذلك فإن اليوم العالمي للمرأة ينبغي أن يوظف في البلاد الإسلامية كفرصة للتفكير الجدي في ترقية المرأة المسلمة في إطارها الحضاري الطبيعي.

فالمرأة المسلمة اليوم، ليست بحاجة إلى مدافعين عن حقوقها، بقدر ما هي بحاجة إلى فهم منطلقات تلك الحقوق وتبعاتها، وأوجه ممارستها، في إطار إنساني اجتماعي، تشعر فيه بإيجابية دورها، في ظلّ مركزية أسرتها.

هل نقيم الدنيا ونقعدها لمجرد اعتقادنا أن الغربيات يتضامن معنا؟ كيف للمرأة الغربية أن تعلمنا معنى التحضر؟ أم ترانا صدقنا أنفسنا بأننا مضطهدات من أعظم وأسمى شرع للإنسانية كلها، كيف لنا أن نسيء الظن بديننا الإسلامي الحنيف، ونتنكر له، وهو الذي أعطى للمرأة حقوقها، وجعلها جوهرة مكنونة مصونة، وفي إطاره الحضاري صارت المسلمة عالمة، وطبيبة، ومهندسة، ودكتورة، وقاضية...لماذا نحاسب الإسلام ونضعه في قفص الاتهام؟

تمنيت أن تحتفلي أختاه بعيد نجاحك وتفوقك في دراستك، وبتفوقك الدائم في مكان عملك، في بيتك المميز، الذي ينبض كل مكان فيه بلمساتك، مع زوجك، مع أبناءك، في تربتك الزكية، وحياتك الهادفة، مع أهلك ...مع جيرانك، مع أقاربك...

لا أن تحتفلي بمناسبة أرادوها لتعميق الخلاف بينك وبين أخيك الرجل، توهينا لمجتمعاتنا المسلمة، وتعطيلا لها عن السير قدما في درب الحضارة، لقد آن لك ولنا، أن نصنع حياتنا بأنفسنا، لئن تخويل الآخرين هذا الحق هو إقرار منا لهم بإفلاسنا وعجزنا المطلق...

و ظننا كذلك انها ستكون محطة تحمل إلينا شعورا جميلا بالحرية، و تأكيدا بتحقيق الذات، و لو لهنيهة من الزمن، أردناها وقفة لها معنى مع دور العجزة، مع الأطفال الأيتام، دورها كمربية في الحضانة، و صوتا عاليا منددا بكل جرائم العنف و الفساد من اختطاف، و اغتصاب، و ضرب مبرح، و تنصير، غير أنني بكل أسف لا أستطيع أن أصف لكم شعوري المرير، لما آلت إليه هذه المناسبة من انحطاط بفعل الممارسات الخاطئة، التي خرجت بها عن إطارها الذي رسمته لها الإنسانية المتحضرة الراقية، لتتحول بها إلى مناسبة ليس لها معنى ...بحيث تعطي معنى واحدا و هو: أن مرحلة النضج الفكري مازالت بعيدة، و لم تصل إليها المرأة عندنا بعد ...و بكل أسف هي كتلك السنفونية الميلودرامية تعزف على وتر الحقوق و الحريات و نسيت الطرح الأساسي، الذي يبنى على مرجعية حضارية و فكرية واضحة المعالم.

ما أحوجنا أن ننظر إلى المرأة عندنا في الإطار الحضاري الخاص بنا و نقيم أداءها و منجزاتها وفقا له، لا وفقا لما يريده الغرب منها، إن المرأة العربية لا يمكن لها أن تغدو كالمرأة الغربية مهما حاولت لأن ثقافتها الإسلامية قد حددت لها معالم شخصيتها و أثرت حتى في لا شعورها، و قديما قال الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه:"... إن هذه الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، و لا يمكن أن تكون فرنسا حتى لو أرادت..." و المرأة العربية في الجزائر خصوصا و في البلاد العربية عموما باعتبارها مكونا من مكونات الأمة يأبى عليها طبعها الذي جبلت عليه أن تذوب في غيرها من الأمم، فلم نخدعها و نخادع أنفسنا؟ ثم ماذا جنت و جنينا معها من الإصرار على التشبه بالآخر ؟ أليس الأولى والأحق أن نعيدها إلى إطارها الحضاري...؟ لعلها إن عادت إليه وتمكنت من التصرف على سجيتها كانت أكثر إبداعا وأشد تألقا...



  • 4

  • أمال السائحي
    لقد صدق من قال "ان القلم أمانة" لنحيي به الفضائل، ونميت به الرذائل، ونغرس مبادئ الحق، والخير، والجمال...
   نشر في 11 مارس 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
للاسف ،صار التقليد اعمى ،طريقة لباس غريبة ،قصات شعر غريبة ،اعياد غريبة ،طريقة كلام غريبة ، الا من رحم ربي،فعلا الاسلام كرم المرأة،عكس ما يروج له اعداؤه،مقال رائع ،دام قلمك سيدتي الكريمة.
2
أمال السائحي
صدقت أختي الكريمة سلسبيل، شكرا لمرورك الطيب وتعليقك الأطيب
عمرو يسري منذ 6 سنة
عيد المرأة يذكّري بعيد الأم , يهمل الأبناء أمهم طوال العام ثم يجلبون لها الهدايا في ذلك اليوم و يظنون أنهم بذلك قد أدّوا حقها . و صدقتي في قولك سيدتي فالمرأة تحتاج لما هو أكثر من إحتفالات فارغة , تحتاج أنها تعرف حقوقها و تدافع عنها و تتشارك مع الرجل في المسئوليات لا أن تتصارع معه .
و للأسف صار بعض الفاسدين يستغلون شعار ( حقوق المرأة ) لتحقيق أهدافهم الشخصية التي تتعارض مع حقوق المرأة الحقيقية .
مقال رائع كعادتك , في إنتظار كتاباتك القادمة .
3
أمال السائحي
ليس البعض استاذ عمرو الكثير من الناس كغثاء السيل فهم في ذوبان تام، اصلا لا يعرفون معنى ((اليوم العالمي للمرأة)) لماذا كان هذا اليوم؟ ولصالح من؟ أو ((عيد الأم)) ولكنهم تُبّع ...شكرا لك على تقييم المقال وهذا يسعدني دائما.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا