أسرة سلمى 22- 25 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أسرة سلمى 22- 25

  نشر في 16 شتنبر 2021 .

22

- منذ ساعة وأنت تتكلّم مع ابن عمك، ألم ينتهِ رصيده؟!

- رصيده؟!

اتصل فقطع، أنا الذي اتصلت به.

- وما مشكلته؟

- المشكلة أنّ هؤلاء ما يزالون يعيشون في عهد الجاهليّة، ما يزالون يقدّسون القبيلة ويعتبرون ما يقوله زعيمها وحيا مُنزلا!

- بعضهم درس وتثقّف، مثل ابن خالك عبّاس.

- صحيح بعضهم، ولكن ليس مثل عبّاس، عبّاس ما انفكّ يقسم بسيّد فلان! وإذا ما وجد كسرة خبز في الشارع، قبّلها وجعلها على جبهته ثمّ أكلها لكسب الثواب!

ويمدح رئيس القبيلة في أهازيجه!

وإذا ندبه أحد أشرار القبيلة، مسك عصاه وركض!

الشهادة يا أمّ سعد لا تعني أنّ حاملها مثقّف، هناك من حصلوا على الماجستير والدكتوراه ولم يبرحوا مرحلة الأميّة، فترينهم منقادين لطقوس عقائدية عمياء، ويطيعون أوامر زعيم القبيلة دون تفكير وتحليل.

- لم تقل لي، ماذا أراد ابن عمّك؟

أدري أنّه لم يتّصل ليتفقدك.

أم أنّ الأمر خاصّ؟

- حتّى لو كان الأمر خاصّا، أخبرك به؛ أنا لا أخبّئ عنكِ شيئا.

هل تعرفين صادق بن عُبيد؟

هذا الذي زارنا ذات مرّة وسبح في الحمّام وأنت لم تميّزي الليفة التي دلك بها فرميتِها كلّها في سلّة المهملات؛ هل تذكّرتيه؟

- نعم، ابن عمّك ذو الهيكل الضخم.

- هو ليس ابن عمي، أبوه ابن عمّ أبي.

غازل هذا الجاهل امرأة محصنة عبر الواتساب، فحظرته، ثمّ كرّر غلطته من رقم ثان، فحظرته؛ ولم يتنازل عن غيّه فكتب لها رسالة وسلّمها لها يدا بيد! فتجاهلته؛ ثمّ أمسى يتحرّش بها في الشارع، فأخبرت المرأة زوجها، فطعنه الزوج بسكّين.

- ولكن أتذكّر أنّك أخبرتني بأنّه متزوج ولديه أطفال.

- إنّ داء الفساد والرغبات الشيطانيّة لا يردع جموحها الزواج ولا الأطفال.

- ثمّ ماذا حصل؟

الزوج لم يكتفِ بالطعنة التي تبدو أنّها لم تجرح هذا المجرم جرحا بليغا، ويطالب بغرامة.

وهذا الاتصال جاء للوقوف مع صادق والتبرع له بالمال.

- وهل ستقف معه وتدعمه؟!

- أنت تدرين أنّني تخلّصت من قيد القبيلة منذ عقدين، ولن أقف مع المفسدين الذين سوف يتمادون أكثر إن وجدوا من يقف بجانبهم.

وقد أخبرت ابن عمّي بقراري.

- وهل تفهّمك؟

- لا طبعا، بدأ يتفلسف فقال إنّ الإنسان معرّض للمشاكل، فقد تتعرّض أنت أو أحد أبنائك لمشكلة ما، وعندها لن يقف معك أحد.

أجبته بأنّ القانون سيحميني.

ضحك فقال: أيّ قانون؟!

الحكومة تأخذ رشاويها ثمّ تتنحّى جانبا.

وقال إنّ المشاكل لا يحلّها إلّا زعماء القبائل، والزعيم هو الذي تكفّل بقضيّة صادق. وهو الآن ينتظر المبلغ.

قلت له بأن يبلغ الزعيم سلامي ويقول له إنّ أبا سعد لا يدفع أيّ مبلغ، ويحاول أن يعيش حياة مدنيّة بلا مشاكل.

- حسنا ما فعلت أبا سعد، نحن لسنا أهل فساد، ولا نتجاوز على أحد، نحترم الناس ويحترموننا، وأرجو أن تتخلّص من القبيلة وزعيمها وزمرته المتخلّفين الذين لم يرَ المجتمع الأهوازي منهم أيّ خير، خلاصا نهائيّا.

وأنت رجل مثقّف، والمثقّف يبتغي الخير والإصلاح للمجتمع، فلن تختلق مشاكل تضطرّنا إلى المحاكم ودفع الرشاوي.

- لقد تخلّصت منهم، وتحرّرت من أباطيل قبيلتهم ومن خصائصها المذمومة.

18-6-2021

23

سلمى، سلمى، ...

- نعم، تفضّلي... أهلا وسهلا.

- أريد أن أكلّم الأستاذ فؤادا ليتقبّل ابني يعمل في محلّه.

- ابنك حسين؟!

- نعم حسين، جاءت عطلة الصيف ولا أريده أن يجلس في البيت ويلهو بالجوّال؛ أريده أن يخرج ويتعلّم شيئا.

- فكرة جيّدة، سأكلّم أبا سعد.

- الحقيقة يا سلمى قرّرت أن أرمي عدة عصافير بحجر، حسين عاشر ابنة خاله مدّة وانحاز إلى اللغة الفارسيّة، بدأ يخاطب أخته بالفارسيّة!

فإن حضر مع الأستاذ فؤاد، تخلّق بخلقه وتأثّر بثقافته ولغته.

- إن كان هذا ما تطمحين إليه، فهو هدف نبيل... ولكن لا أستطيع أن أعلن لك الموافقة قبل أن أكلّم أبا سعد.

- عيني سلمى، لا تخيّبي أملي.

- أمّ سعد، سنخرج اليوم عصرا نبحث عن شقّة؛ يقال إنّ سعر الذهب قد يهبط مع سقوط دونالد ترامب.

- وماذا تقترح، أنبيع المسكوكات؟

- لدينا عشرة، أليس كذلك؟

- نعم، عشرة، ضف إليها المبالغ التي أودعناها في البنك.

عشرة في مئة وستين مليونا، تساوي مليارا وست مئة مليون ريال، زائد المبالغ؛ يصبح المجموع مليارين ومئتي مليون.

- بالكاد نستطيع أن نشتري شقّة في عمارات (مسكن مهر).

- هذه التي بنوها في زمن رئاسة محمود أحمدي نجاد؟

- كلّ عمارة خمسة طوابق، وفي كلّ طابق أربع شقق.

- يقال إنّ معظم الذين يسكنون فيها مستوطنون.

- نعم، معظمهم مهاجرون.

- ويقال أيضا إنّ بنيانها هشّ، أتذكر الزلزال الذي ضرب كرمانشاه قبل خمسة أعوام؟

- نعم، كان مقياسه 7.3 ريختر، لكنّه قتل أكثر من خمس مئة شخص كان معظمهم يسكنون في هذه العمارات التي انهارت وتحطّمت بالكامل.

- إذن كيف تقترح أن نشتري شقّة فيها؟

- أمّ سعد، سعر الشقق التي في السوق يتجاوز العشر مليارات ريال إيراني، أي مليار تومان، من أين نأتي بهذا المبلغ الضخم؟!

- تلك أيضا قد تكون هشّة، ألم ترَ جارنا سيّد يعقوب بنى عمارته دون أساس؟!

- المصيبة أنّ معظم المقاولين لا يخشون الله، ولهذا يستخدمون الموادّ الرخيص، ويقلّلون من الإسمنت!

- أبا سعد، اليوم أمّ حسين جاءت لتطلب منك أن تتقبّل ابنها يعمل في محلّك؛ لفترة الصيف فقط.

- لا بأس، فليأت غدا.

24-6-2021

24

مساء الخير.

- مساء النور، أهلا أبا سعد، جئت مبكّرا!

- المحلّ سيظلّ مفتوحا إلى ساعته المقرّرة، حسين يقفله.

جاء أحد الزبائن اليوم يستلم تلفزيونه، سألني عن الأجرة، رأيته يتكلّم بلغة بيضاء فقلت له:

مئتان وخمسون ألف تومان.

قال: الصحيح، مئتان وخمسين!

- مئتان وخمسين؟! نصف مرفوع ونصف منصوب أو مجرور؟! عجيب!

- والمصيبة أنّه كان متمسّكا برأيه!

ثمّ عرفت أنّه ناشط في العالم الافتراضي، يسجّل مقاطع فيديو في الإنستجرام، ويكتب بعض المقالات باللغة العربيّة.

- ألم تدعه إلى صفوف النحو عبر الواتساب لعلّه يتعلّم.

أنا أتابعها منذ سبعة أشهر وتعلّمت الكثير.

- بلى فعلتُ، ولا أظنّه سيستجيب.

معظم الذين يدّعون بالثقافة في شارعنا الأهوازي لا يشعرون بالحاجة إلى القراءة والمراجعة والتحديث في تصوراتهم الذهنيّة حول أمور يجزمون بصحّتها وهي ليست كذلك.

- أبا سعد، تصوّر لو أنّ شخصا ناشطا مشهورا يعرفه الشارع الأهوازي أعلن أنّه يريد أن ينضّم إلى هذه الصفوف الأهوازيّة، ويدعو الآخرين إلى الانضمام، لو أنّه حقّا فعل... لرأيت عشرات المجموعات لا تكفي لاستيعابهم، ولحدثت ثورة تعليميّة في الأهواز.

ولكن هيهات!

- المشكلة يا أمّ سعد هي أنّ الاستنكاف والشعور بالاستغناء عن التعلّم، وأنا أعتبره شعورا زائفا وكاذبا، يمنع الكثير من الناشطين من الالتحاق بمثل هذه الصفوف.

- والقليل منهم الذين ينضمّون إلى الصفوف يريدون أن يتقنوا العربيّة كتابة ونطقا في ليلة وضحاها!

يظنّون أنّهم سيتعلّمون خلال حصّة أو حصّتين أو عشرة!

القمّة يُصعد إليها سُلّما سُلّما، ومَن استمرّ... وصل.

بابا سعد، ناولني جهاز التحكّم لأتابع الأخبار، يقال إنّهم جفّفوا (الهور)، وقلّلوا تدفق المياه إلى النهر ،ومنعوا الناس من زراعة الأرزّ!

- كانت الناس قبل عامين تقف محتجّة ضدّ مصادرة المياه، الآن أمسوا وكأنّهم تعوّدوا على شرب المياه الملوّثة التي تتدفّق من شركات قصب السكّر!

1-7-2021

25

- حبيبتي أمّ سعد، ليلة غد سنذهب إلى حفل زواج سميرة.

- حقّا؟! ولكنّها الكورونا!

- سنستخدم الكمامات، ولن نمكث كثيرا.

- في الأعراس السابقة كنت تبارك لهم بعد الاحتفال!

- هذا العرس يختلف، إنّه احتفال زواج سميرة.

- حسنا، لنذهب إلى السوق اليوم، أريد شراء فستان أبيض لبدور.

- عندما أخبرتها أنّني أريد أن أشترك في حفل زفافها فرحت كثيرا، وكادت أن لا تصدّق!

قلت لها: لكنّنا لن نأتي قبل أن تدعوننا ببطاقة عرس عربيّة؛ وهذه البطاقة أمام عينيك.

- في مجتمعنا، الأشقاء قليلا ما يشتركون في حفل شقيقاتهم، ذهابك للحفل سيكون له صدى في أوساط العوائل.

والمتشدّدون من أبناء أعمامك سوف ينتقدونك بشدّة.

- أريد أن أخالف السيرة التي ورثها البعض من عهد الجاهليّة.

والنقد لا أخشاه.

بعد عودتهم من الحفل...

- لم يكن أحد يعرفني، وقد عرّفني أبو العريس بأعمامه وشكرني كثيرا.

وسمعت أحدهم يتكلّم حول زكاة أمواله قبل عامين عندما ذهب إلى حجّ بيت الله الحرام.

كان يقول إنّه حوّل مبلغ مئتي مليون ريال في حساب السيّد فرج.

سألته: ولماذا السيّد فرج؟!

وهل السيّد فرج فقير يستحقّ هذا المبلغ كلّه؟!

قال: ليس له، إنّه يوزّعه على الفقراء.

- وهل تظنّه يفعل؟!

السيّد فرج يعيش عيشة الملوك، يأكل أشهى الطعام، يركب أفخر السيّارات، يسافر بالطائرات، أولاده في ترف...

من أين له كلّ هذا؟!

هل يعمل؟! كلّا.

تأتيه المبالغ من البسطاء الذين يؤمنون بالمقولة التي تقول (اتركها في رقبة عالم واطلع سالما)!

حتّى لو رماها هذا العالم في البحر!

- ألم يستأ منك؟!

- بلى، ولكن علينا أن ننوّر عقول هؤلاء.

قلت له: اذهب إلى قرية الجُديدة وسترى الناس هناك كيف يعانون من الفقر وهم محرومون من أبسط مستلزمات الحياة.

سدّد ديونهم في المحلّات واشترِ لهم بعض الموادّ الأساسيّة كالرزّ والسكّر واللحم والدجاج.

تصدّق عليهم بيدك لتنام مرتاح الضمير.

ثمّ كلّمته عن المرأة التي كانت في الخامسة والعشرين من عمرها وتعيش في حجرة دون فناء هي وابنها فقط.

تلك التي حزنتِ لها كثيرا وبكيتِ.

- أيّة امرأة؟! رأينا الكثير من النساء الفقيرات!

تلك التي زوجها كان مدمنا، وتوفّي السنة الماضية إثر تعاطيه جرعة زائدة، وأبوها فقير، وكذلك أخوها.

وكانت تفتقد إلى المكيّف والماء المصفّى والطعام! وقد سدّدنا جميع ديونها.

- تذكرتها.

تلك كانت تستحقّ الصدقات، ولكنّنا يا أبا سعد أخطأنا حين سدّدنا ديون ذلك الكهل الذي يكنّى بأبي صادق.

- وكيف لنا أن نعلم أنّه كان يستعمل النارجيلة؟!

- ويدخّن التبغ التفّاحتين!

- سألنا ثلاثة من جيرانه وقالوا إنّه فقير ومريض ويستحقّ الصدقة.

- فقير ومريض ويدخّن!

الدكّاني حوّل المبلغ ثمّ عرفت أنّ الرجل كان يشتري منه المعسّل!

- حبيبتي أمّ سعد، لا تلومي نفسك كثيرا، معظم الفقراء فقراء الفكر والتدبير أيضا، وكونهم يدخّنون لا يعني أن نحرمهم من الصدقات، لديهم أطفال لا يدخّنون، نساء لا يدخنّ، فما ذنب هؤلاء؟!

- صدقت؛ وقد عاهدني الرجل أن يقلع عن التدخين، وأن يقرأ الكتاب الذي ضممناه إلى أكياس الموادّ الغذائيّة.

أذكر أنّنا تصدّقنا بأكثر من ثلاثين كتابا.

والآن هل تسمح لي أن أنشر صورك في الإنستجرام وأكتب تحتها:

أبو سعد يحضر حفل زفاف شقيقته؟

- انشريها، ليراها الشباب الذين يتّبعون عادات أسلافهم وينعتونها بالعُرف! وما هي إلّا عادات جاهليّة ينبغي على المثقّف أن يكشف قبحها إلى الشارع.

8-7-2021

سعيد مقدم أبو شروق

الأهواز



  • سعيد مقدم أبو شروق
    سعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.
   نشر في 16 شتنبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا