4
التقت سلمى اليوم بجارتها أمّ إيناس، سُعِدَت برؤيتها، فهما لم تلتقيا منذ أكثر من شهرين.
كانتا تزورانِ بعضهما كلّ أسبوع؛ تجلسانِ في البيت وتحتسيانِ الشّاي أو العصير، أو قد تأكلانِ الفاكهة.
ومنذ تفشّي فيروس كورونا انقطعت الزّيارات، وأمست سلمى ترى جارتها بالصّدفة، أو قد تتّصل بها هاتفيّا.
تقول أمّ إيناس إنّها لا تستخدم تطبيق واتساب، وتفضّل الإنستجرام.
أمّا سلمى فليس لديها إنستجرام، ولهذا فإنّهما لا تتواصلانِ عبر مجموعات التّواصل كثيرا.
كانت سلمى في عجلة من أمرها، فودّعت جارتها وذهبت.
5
- أين أنت يا أبا سعد؟!
- أنا هنا، تفضّلي، بوُحي بما لديكِ.
- يا رجلُ، إلى متى أبقى على هذا الجوّالِ القديم؟!
- وما مشكلتُه؟
- لا يستوعب تطبيقَ الإنستجرام، ولا يدعم شبكة الجيل الرّابع.
كلّ الجارات ونساء الأقارب يستخدمن الإنستجرام إلّا أنا.
- سأشتري لكِ جوّالا بعد أن أسحب نقودنا من البورصة.
- لم أرَ من هذه البورصة خيرا، وقد حذّرتك أن لا تدع النّقود في هذه الشّركات المشبوهة.
- ولكنّ الّذين سبقونا كسبوا الكثير!
- ذلك الكسب كان فخّا، ألم تفقد الأسهم ثلثي اعتبارها؟!
فأين الكسبُ بعد هذا السّقوط الرّهيب؟!
- صبرا صبرا يا سلمى، ستُفرجُ إن شاء الله. وسأشتري لك جوّالا متطوّرا مع ذاكرة 128 جيجا.
6
كانت الثّلاجة قد خلت من الموادّ الغذائيّة، لم تجد سلمى فيها إلّا بقايا طماطم وباذنجانتين، شوت الباذنجانتين وقطعت الطماطم ووضعتها على المائدة.
وبعد أن تغدّوا وذهب الولدان إلى غرفتهما، دار الحوار التّالي بينها وبين زوجها:
- فؤادُ، إلى متى نبقى على هذه الحالة؟!
- فؤاد! أين ذهبت الكنية؟! أين أبو سعد؟!
منذ خمسة أعوام وأنتِ لم تناديني باسمي، هل تتذكّرين؟! منذ ولادة سعد.
- يا حبيبي، وما الفرق؟!
- الكنية تدلّ على الاحترام والتّوقير يا أمّ سعد.
- هذا بين الغرباء، أمّا نحن فزوجة وزوجها.
- أرى أنّني بدأت أفقد هيبتي في البيت بسبب البطالة!
- يا عزيزي، لا تحمل ما يبدر منّي على محمل الاستخفاف، فأنت زوجي الّذي أحبّ وأجِلّ.
ولكن هل تدري؟ لقد أنسيتني ما كان في بالي من اقتراح.
سعيد مقدم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.