العقوق الصامت - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العقوق الصامت

  نشر في 20 يوليوز 2017 .

كثير من الناس تجدهم يتحدثون عن ظاهرة "العقوق الصامت"، الذي جرع الأسرة غصة و ألما و تعبا...و ملأ قلب الأبوين حسرة على ضياع ما قدموه من جهد و تعب لتربية أطفالهم، الذين ما إن شبوا حتى جعلوا أبويهم خدما لهم ...و كيف لا و هم قد باتوا يقضون لهم طلباتهم اليومية، من شراء حاجيات البيت، و من أمور أخرى تخص البيت في التنظيف أو الترتيب، إلى غير ذلك من متطلبات الحياة.

قد أستغرب من قول قائل:" يؤلمني جداً منظر أم تجاوزت الأربعين أو الخمسين أو الستين، و هي تعكف على خدمة ابنتها العشرينية، موفورة الصحة و العافية أو خدمة حفدتها الصغار...

يؤلمني جداً أن أرى أباً تجاوز الأربعين أو الخمسين أو الستين، يحمل ما يحمل من آلام المفاصل و الظهر، يخدم ابنه الشاب العشريني أو الثلاثيني، الذي لا يفتأ يزمجر و يطالب بحقوقه، و أبوه هو من يقوم بشراء مقاضي البيت بدلاً عنه... بينما هو منصرف إلى لهوه، أو غارق في أحلام اليقظة و هو يشاهد التلفاز، نعم هذه الأمور كلها أصبحت ظاهرة ظهور الشمس للعيان في رابعة النهار، و بات ذلك السلوك سلوكا جاريا مألوفا و معتادا، لا يثير تعجبا، و لا يستوجب استنكارا، إنها الأنانية البغيظة...

و لكننا إذا عدنا أدراجنا إلى النقطة الفاصلة و أعني بها نقطة البداية، و هي التي ترتكز علىها طريقة التربية في الصغر، نجد أن ذلك الأب أو تلك الأم، لم يستوعبا جيدا قيمة تلك اللحظات ...و لم يحسنوا توظيفها في تعويد أبنائهم على تحمل المسؤولية، و القيام بالواجب، فانطبق عليهما المثل العربي الجاري: " يداكا أوكتا و فوك نفخ" فهما اليوم يدفعون ضريبة التفريط بالأمس في القيام بواجبهما، حيث لم تكن تربيتهم لأبنائهم في حمل المسؤولية في المستوى المطلوب ...فهم جزء من المشكلة التي يعانون منها اليوم.

يقول الدكتور جاسم المطوع الخبير في التربية الأسرية في مقالة لهتحت عنوان: («9» أساليب تعلم ابنك تحمل المسؤولية) يقول:"فبعضهم يبدأ من عمر سبع سنوات و بعضهم يبدأ من سن المراهقة و الصواب أن يبدأ من عمر ثلاث سنوات، فهذا هو العمر المناسب لتعلم تحمل المسؤولية لأنه سن التعويد و التدريب للطفل، فلو علمناه حمل حذائه و وضعه في مكان مخصص فإنه سيتحمل مسؤولية حذائه كل يوم، و لو علمناه ترتيب غرفته فإنه سيتحمل مسؤوليتها كذلك، و بعض الآباء يظنون أن من محبتهم لأبنائهم أنهم يتحملون كل مسؤولياتهم، و لا يعلمون أنهم بهذا التصرف يفسدونهم و لا يربونهم".

فإني أعرف أما استمرت في مذاكرة ابنتها حتي المرحلة الجامعية، و تسهر أحيانا لعمل واجباتها و هي نائمة، و أعرف أبا أولاده أطول منه و ما زال يحمل لهم حقيبتهم المدرسية كل صباح، و قصص كثيرة يعبر بها الوالدان عن حبهم بطريقة خاطئة، تفسد الأبناء، و تميت عندهم روح تحمل المسؤولية".

و يضيف قائلا:" فعندما يتحمل الطفل مسؤولية نفسه و إخوانه و أهله و المجتمع، فإنه سيكون مبادرا و معينا و كريما و مستقيما، و عندما يلغي أي اعتبار للناس أو للمجتمع أو للخالق، فإنه يتصرف بطريقة أنانية و سلبية، لأنه لا يهمه إلا نفسه فلا يتحمل أي مسؤولية.

اذن القضية اليوم هي تصحيح المفاهيم فيما يخص تربيتنا لأبنائنا، لأنهم هم رجال و نساء المستقبل، هم أمل هذه الأمة، فإذا كانوا فاقدين لهذه المعايير الحميدة، فماذا عسانا ننتظر منهم...

و لابد أن نتذكر دائماً أن آيات البر بالوالدين جاءت عامة ثم مخصصة للوالدين عند كبر سنهما، لما يحدث لهما من ضعف و تغيرات نفسية و جسدية، لا يمكن أن يستوعبها الشباب غالباً، لذلك جاء التذكير.

قال تعالى: ((إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولاً كريماً)).


  • 2

  • أمال السائحي
    لقد صدق من قال "ان القلم أمانة" لنحيي به الفضائل، ونميت به الرذائل، ونغرس مبادئ الحق، والخير، والجمال...
   نشر في 20 يوليوز 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا