ربما تكون تسألت يوماً عن سر هذه الرغبة المُلِحَّة التي تدفعُكَ دائما لمطالعةِ هاتفك الزكيِّ بين الحين و الآخر لمتابعة حساباتكِ علي مواقع التواصل الاجتماعي.
و قد تكون حاولت مِراراً و تكراراً أن تتوقف عن هذا السلوك الذي أصبح جزءاً أَصِيلاً من حياتك فما إن تستيقظ من نومك و حتي تعود مرة أخري لفِراشَك فأنت تُقلب في هاتفك تبحث عن الشئ و اللا شئ .
أصحابك القُدامي قد اجتمعوا و أصحابك الجدد قد اجتمعوا و أقاربك و جيرانك بل العالم بأسْرِه قد اجتمع بين يديك.
فما الذي تنتظر؟!
إعجاب من هذا و تعليق من ذاك و تتبعِ اخبار من يمينٍ و من شمالٍ يطفئ نار فضولك و رغبتك.
و يا لعقلك المسكين الذي أصبح مشتتاً و دخل الدائرة ولا يعرف كيف يخرج منها.
لقد أصبحت أيها المسكين مثل حمامة فريدريك سكينر الذي صنع لها صندوق سمَّاه (صندوق سكينر).
كانت الحمامة داخل الصندوق يأتيها طعامها إذا شَعرت بالجوع عندما تقوم بالضغط علي الزر.. فالطعام متاح في أي وقت و أي حين.
ثم في يوم من الأيام قام سكينر بتغير كمية الطعام و لم يَعد الطعام متاح طوال الوقت فمرة تضغط الحمامة علي الزر تجد الطعام و مرة أخري لا تجد.
فظلت الحمام تضغط علي الزِر باستمرار دون توقف حتي تحصل علي الطعام - المكافأة - الذي قد يأتي أول لا يأتي لقد أدمنت السلوك و إن لم يأتي لها بجديد.
تلك التجربة التي قام بها سكينر هو نفس ما يستخدمه نوادي القمار مع روادها و أيضا ما يستخدمه مواقع التواصل الاجتماعي مع متابعيها.
حيث يعتمد الأمر علي افراز الدوبامين عندما تحصل علي مكافأة (اعجاب أو تعليق) و الإنسان يحب المكافآت و المفاجآت و قد عَرفَ الطريق.
فيُفرز الدوبامين بعد ذلك من تلقاء نفسه لتوقع المكافأة قبل أن يحصل عليها و يُعزز السلوك عندك و تدخل في دائرة الإدمان.
فمتي تفيق إذن والوقت يجري و العمر ينْصرم؟!
فحاول بقدر الإمكان التقليل من دخولك علي هذه المواقع و تحديد وقت معين لدخولك عليها.
و لا تَصْحب هاتفك معك إلي فراشك و حاول الاستمتاع بالأوقات التي تقضيها مع عائلتك و أصدقاءك بعيداً عن هذا الهاتف الذي أخذك من أقرب الناس منك.