من مهازل الانتخابات...
مباشر معكم...
هنا الخميسات، بالضبط الجماعة القروية سيدي علال المصدر ( سبت آيت عبو)...
تلقيت دعوة كريمة لحضور حفل عقيقة رفيق ورفيقة الدراسة والنضال... آبيا إلا أن يقتسما فرحة المولودة الجديدة مع العائلة والأصدقاء في البادية، هربا من جحيم اسمنت المدينة وضيق المكان وقلوب ساكنة علب السردين... اختاروا اسما لها من أجمل الأسماء نكاية بواقع خذل حياة شعب بأكمله... انتصار...
انتصار اسم له دلالة كسر القيد وتحرير العقل من جبروت الذل والخنوع... انتصار يرتبط بالإنعتاق والتشبث بأمل يلوح في الأفق البعيد...
أمام منزل بني بمواد محلية من حجارة وطين وقش، نصبت خيمة بيضاء تبرع بها ابن عمه قائد سربة خيل... وسط ظلمة الظل، طلاها سـُخام أسود من كثرة الطبخ تحتها، امتدت إليها أعشاش الرُتـَيـْلاء المسودة بدورها... يغازلها بصوت شيخ وقور بغنائه المرتفع، ليتسلل الشدو إلى أحضان السامعين المدعوين في دفء محبة ورهبة الشوق لحنين الأمجاد والتاريخ عبر مواويل تصدح بها حناجر المرددين بأمازيغية راقية، تقشعر لها زُغيبات الأبدان...
ما هي إلا دقائق معدودة، حتى لاحت أمامنا كوكبة من الناس يتقدمهم مرشح ومرشحة حزب له صيت وباع في المتاجرة بمجلس القرية...
بعد إشارة السلام من يده على مجمع الحضور، الذي توقف عن الطرب والغناء في حالة استفسار عن مجيء أناس دون دعوة. ابتدأت الأعين المتسائلة عن السبب، وشوشة في كل ركن من أركان الخيمة... لم يستسغها صاحب الفرح والمرشح...
انسلت المرشحة إلى ركن منزوي أمام باب المنزل... وضعت شريطا غنائيا شعبيا... لبست لباسا يلامس جسدها الممشوق... أحظرت حزاما بشرائف وعقيق ... حزمت به خصرها... بدأت تتلوى كشعلة شمعة على أنغام الموسيقى شعبية لا تليق بتقاليد المنطقة... خطفت مكبر الصوت من الشيخ المغني. صعدت ظهر طاولة واطئة ومكبر الصوت في يدها مطربة حجيج مرافقيها، واسترسلت:
واخوكم اااه واخوكم البنات واخوكم البنات حط السلاح ومشى يتساراح واخوكم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
ونتوما يا ولاد عبو جدكم شريف عزيز يستاهل ذهب ولويز خبارو في باريز اااااااااااااااه
أو إلى كاااااااااااااااالها إلى كاااااااااااااااالها إلى يكد بها كاااااااااااااااالها إلى كلمتو سماعة قدام الجماعة لا كاااااااااااااااالها
..
يأخذ نائب وكيل اللائحة كأسين فارغتين وينقر بهما على حافة الصينية، بدأ يردد لازمتها داعيا الحاضرين بحركة من رأسه، إلى مواصلة الأغنية التي يحفظ كلماتها عن ظهر قلب...
لم تتمالك المسكينة نفسها من كثرة التصفيق والتشجيع والتكبير بحياة القائد المرشح... فزادت من إيقاع رقصها حتى تكسرت الطاولة المعمرة... وانقلبت أرضا... تحت قهقهات وسخرية الضيوف المعزومين...
انسل معظم المدعوين مستنكرين أفعال الانتخابات، يقسمون بمقاطعة مهرجان الفساد... مباركين للوالد ابنته راجيين لها موفور الصحة وطول العمر في كنف الوالدين...
سعيد تيركيت
الخميسات : سيدي علال المصدر 24 / 08 / 2015