فيلم (ماورد) هو فيلم جميل مليء بالحقيقة استطاع أن ينجح في تحليل الهوية العربية وتجربتها الثقافية والمعرفية من خلال شخصيات مرمزة وحكاية هي أقرب إلى الفنتازيا ..فالبلدة الساحرة بطبيعتها حيث يقبع الجمال في أنقى صوره في الورد والعطر والأنثى (شخصية نوارة ) يتناوب على أطفال هذه البلدة ثلاثة مدرسون يمثل كل منهم مرحلة معينة في تاريخ المجتمع العربي بدءا" من مرحلة المعرفة الدينية السطحية المبنية على الخرافات والدوغمائية ،من خلال شخصية الشيخ الذي انتهى نهاية قاسية تليق بالأفكار الذي كان يتبناها بعد أن يقدم الجمال الضعيف نفسه له أملا" بالخلاص من شروره ..بعد موت الشيخ ستجد الأجيال العربية نفسها بين يدي مصدر معرفي جديد وثقافة مستوردة هي ثقافة الاستعمار من خلال شخصية الأستاذ الجديد الذي جاء إلى البلدة مع زوجته الفرنسية حاملا معه كاميرا وثقافة لا تشبه ثقافة البلدة وأخذ يراقب البشر من برجه العاجي كما لو أنه يرصد عالما" من البرابرة أو يغويه هذا العالم البسيط الذي هو بالنسبة له مكان للمتعة واستغلال للجمال الذي أباح نفسه له ..فنجده ينام مع نوارة رمز الجمال في البلدة وتهرب زوجته الفرنسية بزيت الورد لصنع عطورها الفرنسية ولم تتخلص تلك الهوية من مستغليها  وممن لهم مصلحة في إبقاء جهلها لتأتي الخطابات السياسية الواحدية الاشتراكية والقومية التي تهلك الجيل بمبادئ العدالة والمساواة والانضباط وبالخطابات العاطفية وهي تحلم بالجمال الحقيقي(نوارة) والجميل أنه في كل ثقافة تمر على هذه الهوية كان العنف ضروريا" ومباحا" إما باسم الدين او باسم التطور والتشبه بالغرب أو باسم العدالة والمساواة وبناء جيل قويلمواجهة الامبريالية ..قد يبدو أن شخصية محمود شخصية ربما لم تتمرد لكنها كانت مدركة نوعا" ما للخطأ الذي يحدث وكانت دوما" تحلم بالورد وتدرك أهمية الالتفات له أما الجمال الوحيد اليائس المنهك نوارة كان شقيقها الأخرس _وما هو  ليس إلا إسقاطا" جميلا" _كان يحاول إخفاء زلات شقيقته ويحافظ على بقاء هذا الجمال ناصعا" ،لكنه ونتيجة خطأ وفي لحظة غضب ينهي هذا الجمال في الجرن المملوء بماء الورد ،وعندها حتى لن يكترث بمحمود الذي يمثل الإنسان المدرك للجمال ..سوف يموت هذا الجمال لأنه لم يفهمه جيدا" أي أحد ..لكن في النهاية ستمزق النسوة أثوابها السود وسوف يحتفلن بوعيهن الجديد فقد تعلمن كيف يدركن قيمة هذا الجمال ولن تفرطن به .