البنيوية اللغوية في نص - لا تنتظري من النافذة

للشاعر - بهاء الطائي

قراءة - صدام غازي محسن

----------------------------------------

---

النص

-

لا تنتظري

من النافذة حركة ما

ثمة رياح خائنة

أمسكت بيد الضوء

وماعادت الرؤيا كيوم أمس

السرير كان يتسع لأكثر من

كتاب

والأرض تتمرغ

في وجوه الصفحات

دون متعة قراءة كاملة

اليوم

واليوم

فقط نشوة الوسادة

صرخت بفرح

هل من تكرار لعيد

مضى .

--

تعريفات

البنيوية لغويا كما أتت في معجم المعاني الجامع هي (( مذهب في العلوم والفلسفة مؤدّاه الاهتمام أولاً بالنظام العام لفكرة أو لعدّة أفكار مرتبطة بعضها ببعض ، وامتد إلى علوم اللغة عامة وعلم الأسلوب خاصّة ويُعرف أحيانًا باسم البنائيّة والتركيبيّة )

وهو تيار فكري ولد في أوربا بداية العشرينيات من القرن المنصرم في مجال اللغة ، برز فريدنان دي سوسير الذي يعد الرائد الأول للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن .

-

الدخول الى تفكيك بنية النص

أتت حركة الريح من خلال النافذة كما قال الشاعر ( لا تنتظري

من النافذة حركة ما ) , فهي كناية عن الأخبارية التحذيرية التي تحمل بعض الأخبار المشوهة . ولو عرَّفنا الريح كما في أغلب كتب الصحاح , تأت تارة الهواء المتحرك , وتارة أخرى الأيام والأخبار أيضا ... وهو ما عني بها الشاعر حين ربطها بالنافذة . فيكمل الشاعر ليقول

ثمة رياح خائنة

أمسكت بيد الضوء

هنا الشاعر وصف الأخبار التي ستأت للمعنية بالتحذير , بأنها أي الأخبار كاذبة او محرفة . فالريح الخائنة أمسكت بيد الضوء , مستعينا بمصطلح الإستطراد أي انحرف عن الموضوع الرئيسي أو الحبكة الأساسية , فلم يقل إن الريح ستكون عاصفة كربط الفكرة بالحدث الأخباري , ولم يقل إن الريح ستكون جافة او باردة بل استطرد وربط الريح الخائنة , بأنها ستمسك بيد الضوء وهو الأمل أو النقاء أو الحقيقة ليستمر الشاعر في سرد الأحداث الآنية .

وماعادت الرؤيا كيوم أمس

السرير كان يتسع لأكثر من كتاب

(( ماعادت الرؤيا كيوم أمس )) ... ما بعد اقتياد الريح الخائنة ممسكة بالضوء من يده أصبح عدم وضوح الرؤيا هو السائد , وهو استرسال الإحاطة اللسانية والصورية ادرك فيها الشاعر كمال ظاهر وباطن الخطوات التي تأت بعد الامساك بيد الضوء , فيكمل (( السرير كان يتسع لأكثر من كتاب )) الكتاب هنا يتسآءل القارئ ماذا عني الشاعر بالكتاب وما هو علاقته كي يربط بالسرير , إستخدم الشاعر لغة اللغة ، اي ما بعد او ما وراء تفسير اللغة حيث كان الكتاب هو الجسد في حركة جمالية بنيوية متزامنة الأحداث متغيرة الوصف .

والأرض تتمرغ

في وجوه الصفحات

دون متعة قراءة كاملة

اليوم

الأرض هي الذاكرة والعقل الباطن بتراكمات الأحداث الماضية واسترجاعها , والصفحات هي الأيام , وبما إن الكتاب كما وصف الشاعر مسبقا كان هو لتشبيه الأجساد فعدت وجوه الصفحات هي الأيام في حكائية متقنة وصفها الشاعر , فكل شيء يدون وكما قيل الأنسان كتاب مفتوح , لكن هذه الأيام بصفحاتها ، أو الكتاب كمجمل فتح اليوم في هذه اللحظة ليؤكد نهاية الجملة (( دون متعة قراءة كاملة )) دون متعة قراءة كاملة لهذا اليوم ليتسآءل في نفس اللحظة ليوم المحبط ويقول

واليوم

فقط

نشوة الوسادة صرخت

بفرح

هل من تكرار لعيد

مضى .

أتى التمني والتساؤل لكن بنبرة محبطة , وربط نفس اليوم المحبط بتمني ضعيف يعتبر ليكون اليوم برؤيتين متغيرتين ... يوم محبط وآخر متمني وخصوصا أن الريح الخائنة أمسكت بالضوء والقراءة أصبحت مملة .

لغة الشعر أتت في ربط الأحداث البنيوية ببعضها البعض استخدمها الشاعر في الخروج عن الوصف المألوف والصور , أو ما وراء لغة اللغة حيث ( ما بعد ) و( ما وراء ) . في تركيب اللغة أجادها الشاعر بعذوبة وبمفردات خالية من الرمزية الجافة , أجاد الشاعر فيها ربط الأحداث الذهنية التي استرجعت من الأنا في ماضيها غير القديم وخلطت بتمني الحاضر أو تساؤله الذي يتساءل خجلا هل يمكن العودة لأحداث ( أعياد مضت ) ؟ ، أي الأفراح الماضية قبل أن تكون قراءة الكتاب بصفحاته مملة .

=====================================

قراءة - صدام غازي محسن