تأليف: روزماري كالابوراكال
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو
تتوقع الأمم المتحدة نمو معدل السكان في المدن من 55% إلى 70% بحلول عام 2050 بينما يقدر الإتحاد الأوروبي النسبة ب 84% باستخدام تقنية البيانات الجغرافية المكانية.
تنمو المدن بسرعة مذهلة فقد توسعت مدينة لاجوس في نيجيريا بمقدار 100 ضعف خلال جيلين من 200000 نسمة إلى 20 مليون نسمة. وإذا استمر الحال على هذا المنوال ستصبح لاجوس عام 2100 أكبر مدينة في العالم بعدد سكان يقارب 85 مليون وربما 100 مليون شخص. وبالمقارنة تأوي المدن العملاقة في عالمنا اليوم 10 مليون ساكن في المعدل.
يتغير المظهر الحضري بسرعة كبيرة محدثاً آثاراً هامة على السياسات وبدلاً من تمركزها في أوربا الغربية والأمريكيتين ستتركز الزيادات المستقبلية الحضرية في أفريقيا وآسيا. سيزداد عدد المسنين في المدن وستأوي أعداداً أكبر من المهاجرين.
وباختصار ستعتمد التنمية المستدامة والقضاء على الفقر على ما سيحدث في المدن.
ينجذب الناس للمدن لما توفره من فرص ولذلك يكون التحضر جيداً في هذا الإطار. ولكن زيادة التحضر قد يؤذي وبالفعل يحدث ضرراً كبيراً عندما يتم بسرعة وفوضوية وبلا قيود.
وسنناقش هنا جزءاً يسيراً من القضايا التي نلوكها ونحن نتأمل التحضر المستدام:
العالم يسخن يوماً إثر يوم. مر علينا هذا العام أشد فصول الصيف حرارة على مر التاريخ. ويشكل التغير المناخي خطراً ماحقاً على الحياة في المدن وبلغت المعاناة أوجها بين الأشد فقراً والأكثر هشاشة ممن لم يكن لهم أي دور في إحداث تلك الفوضى في المقام الأول.
لقد تضاعفت التطرفات السلبية ودفعتنا لاتخاذ نظرة مالسوية للإحتياجات الأساسية . لم يعد الهواء النقي متوفراً لكافة سكان 14 مدينة في الهند من بين المدن ال20 الأكثر تلوثاً في نوعية الهواء. وتواجه مدن عديدة منظور"يوم المياه صفر" من كيب تاون إلى مكسيكو سيتي وبيجين وبنجلور وجاكرتا وساو بالو حيث يتجاوز الطلب على المياه معدل النمو السكاني. وتلوث جبال من القمامة الناتجة عن الإستهلاك الفوضوي وغير المستدام الهواء والماء والتربة.
ومع تزايد تجمع السكان والفقر في المدن ترتفع هشاشة التعرض للإمراض والكوارث. يهدد التخطيط الحضري الضعيف وغير المنظم حياة السكان والموارد الإقتصادية والإجتماعية والبيئية. ويأخذني هذا المقال عن مشاكل الصرف الصحي في داكا إلى تجربتي في العيش في كوشي خلال فترات الأمطار الموسمية. وكتب زميلي مانديب داليوال ببراعة مقالاً عن ضحايا حوادث السير بسبب البنية التحتية الطرقية غير الملائمة وعن سكان العشوائيات الذين يعانون بسبب الإسكان السيء ونقص المياه والنظافة والمهاجرين المحرومين من الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات بسبب وضعهم القانوني.
ومن منا ينكر عدم المساواة التي تطفو إلى السطح وتفور في الأطر الحضرية؟ علاوة على التفاوت في الدخل يقلقني الإنتشار الواسع للتمييز بين الجنسين والقضايا الحضرية. تواجه النساء تحديات فريدة لمؤهلاتهن تحول دون الإستفادة من الفرص التي تقدمها المدن من التمويل والتوظيف وسبل العيش ووسائل المواصلات الآمنة والأماكن العامة والعنف إلى المشاركة في الحياة العامة وسوق العمل. وفي مراكز القيادة تتدنى النسبة كثيراً وعلى المستوى العالمي لم تشكل النساء سوى 5% من عمدة المدن و20% من المستشارين.
يتغير مستقبل العمل ومواطن العيش مع التطورات في التقانة بسرعة عبر المدن. وقد تغير أنواع العمل والمهارات المطلوبة " على مستوى لم يحدث منذ انتقال قوة العمل من الزراعة في بدايات القرن العشرين في الولايات المتحدة وأوروبا". وماذا نقول عن القطاع غير الرسمي الذي يشكل 44% من التوظيف الحضري؟
( ويبلغ ذلك القطاع 80% في بعض المدن) وكما أشارت مارثا شن "يعاني عمال الحضر غير الرسميين من بيئة تنظيمية معادية لا تصنفهم كعاملين قانونيين؟
جمع المنتدى السياسي الرفيع المستوى في الشهر الماضي دول العالم لمناقشة أدائنا بمعايير التقدم الكلي نحو أهداف التنمية المستدامة واتخذ نظرة قاسية نحو الهدف الحضري :لجعل المدن مستدامة وشاملة ومرنة.
ونشرت الأمم المتحدة تقريراً مهماً بهذا الخصوص قدم تحليلاً إيقاعياً عن الروابط بين أهداف التنمية المستدامة والأهداف الأخرى بعنوان" المناطق الحضرية هي الأوتار التي تربط أهداف التنمية المستدامة."
ويعني ذلك التزامنا بمجموعة تداخلية لا تنفصم من أهداف التنمية المستدامة والتي تحتاج تبحراً أعمق على المستوى القومي. تؤسس إستراتيجية التحضر المستدام للأمم المتحدة قضايا السياسات الأساسية وتركز على الإستدامة والشمولية والمرونة. وننتقل الآن نحو إنجاز ملف أقوى من العمل يصنع الرابطة بين الزعامة الوطنية والمحلية ويوفر نصح السياسات المتكاملة والدعم البرمجي للتحضر والإستدامة. وهنا بعض العناصر التي نقوم باستكشافها:
-توسيع التشاركية : تعمل أجندة التحضر الجديد لعام 2016 كمخطط رائع لبناء مدن مستدامة بيئياً تكون محركات للنجاح ومراكز للرفاه الإجتماعي والثقافي التي تحمي البيئة. ونعمل مع مبادرة الأمم المتحدة هابيتات لتفعيل خبرتهم في مساعدة المدن لتصبح شاملة وقائدة للنمو الإقتصادي والتنمية الإجتماعية.
ستكون شبكات المدن والحكومات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني أكثر حسماً لتفعيل عمل مشترك ومعرفة وافية تعين على تطوير السياسات والمقدرات والمعارف الناجحة حول العالم.
-يجب توجيه رادارنا لحلول جديدة مبتكرة لمواجهة تحديات مثل إدارة الفضلات والطاقة والحركية والتكامل الإجتماعي والمختبرات الحية الحضرية لتحسين الحكم والتمويل المحلي الحضري. وقد تكون سمارت سيتيسير جزء متنامي من مثل ذلك الحل لتعزيز فعالية شبكات توزيع الطاقة الكهربائية والنقل وإدارة المياه ومقدرات الحكومات المحلية وتمكين مشاركة المواطن وتوفير الخدمات الأساسية بشكل ناجع. ويتم استكشاف مناهج ذكية لحصر العشوائيات وسكانها لتحسين نقل الخدمات والمشاركة ودعم الإقتصاد غير الرسمي.
-تبني توجه أكثر مباشرة ومنهجية على المستوى تحت الوطني لتطبيق دعم أهداف التنمية المستدامة. ركزنا معظم عملنا على المستوى الوطني في البداية وحان الوقت للغوص عميقاً في التعقيدات المحلية خاصة في المدن المنتقاة. ويتطلب ذلك إمكانيات للانخراط في أفعال متنوعة في المناطق المحلية المختلفة وتحديد الجماعات السكانية المهمشة والمساعدة على تطبيق حلول متطورة ومتكاملة عبر منافذ تمويل جديدة. ويجب أن نسخر قوة المعلومات الكبرى: إذ ينتج العالم اليوم كل يومين مجموع البيانات التي انتجها البشر منذ فجر البشرية لغاية عام 2003 مما يعني فرصاً غير مسبوقة لفهم المدن والمساعدة على تخطيط التغيير في المستقبل.
-دعم اهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي إعلامياً.
وأفخر بأن منزلي الثاني،مدينة نيويورك، كانت أول مدينة في العالم تقدم " مراجعة محلية طوعية" لتقدمها في تموز الماضي. وهي مبنية على غرار المراجعات الوطنية الطوعية التي تشكل جزء من منظومة متابعة أهداف التنمية المستدامة. ويرى تقريرها الرابطة بين أهداف التنمية المستدامة ورؤية المدينة لخلق المدينة الأكثر عدلاً في أمريكا. المدينة الشاملة" توفر المكان لكل فرد" والعادلة بيئياً والصريحة في زعامة المناخ. وتشير سيتي اليانس إلى رواد في المناهج المحلية لمراقبة التقدم ابتداء من مونيتيرو وهي أداة على الإنترنت تجمع البيانات لمؤشرات تنمية مستدامة مثل مكسيكو سيتي إلى ماروندا للمرونة الحضرية في كورديد في اندونيسيا والتي تمكن سكان العشوائيات من تطوير الخطط وحصر الهشاشات وتعلم مؤشرات التنمية المستدامة الوطنية وخطط العمل.
-مراجعة مناطق البرمجة الأساسية عبر العدسات الحضرية مثل:
-تحسين الحكم والمدن الذكية ومناقشة التخطيط والإدارة والتمويل واللامركزية السياسية والمالية.
-رؤية المهاجرين واللاجئين حيث يعيش معظم المهاجرين في المدن. والعمل مع المدن لتقديم الخدمات العامة الأساسية على نحو أفضل لسكانها مع أن المدن لا تستطيع المشاركة في المفاوضات غير الرسمية حول الهجرة ما لم تدعوها الحكومة الوطنية للقيام بذلك.
-مراجعة الحماية الإجتماعية والسياسات الحضرية الأخرى عبر نهج مستمر مدى الحياة وخاصة المتعلق بالشيخوخة (بحلول عام 2020 سيتجاوز عدد المسنين الذين تجاوزا الستين من العمر عدد الأطفال الأقل من خمسة سنوات للمرة الأولى على المستوى العالمي)
يجب أن تقوم المدن باتخاذ الإجراءات المناسبة للتمكن من مناقشة بنية السكان المستقبلية والمسالك الإجتماعية والإقتصادية للقيام بانتقال سلس.
-دعم الروابط بين الحضر والريف واستقراء أنماط الإنتاج والتجارة والهجرة بين الحضر والمناطق نصف الحضرية والريفية.
ويعني ذلك التركيز على المدن الثانوية والثالثية التي تدعم الأسواق وسلاسل التوريد والإدارة وتعمل كمراكز للإبداع والتعلم والثقافة وتطوير الأعمال.
-انتهاج مسلك أكثر تنظيماً في معالجة المرونة والخطر الحضري ومراجعة العدد الكبير من المخاطر الإقتصادية والبيئية والإجتماعية المتداخلة. ويجب أن نتبنى ادراك أكثر منهجية لتلك المخاطر وتأثيرها على مجموعات السكان المحددة وطريقة معالجتها.
وهناك الكثير أمامنا والأكثر بمعايير المنطقة المجهولة وكما قال جون كينيدي "نتجاهل مدننا ونفاقم الخطر علينا لأن تجاهلها يعني تجاهل العالم.
المصدر:
http://shape2030.responsiblebusiness.com/2018/09/07/my-kind-of-town-the-quest-for-sustainable-cities/
-
إبراهيم عبدالله العلومهندس زراعي. مترجم.