أهلاً .. في بداية الأمر اعتقد بأن الكثير قد يتفق معي في أن ممارسة رياضة المشي قد تزيد من الحس الفلسفي والتأملي في الكون والموجودات حتى أنك أحياناً يصل بك الأمر لأن تتأمل نفسك تتأملها وتنظر إليها من بعيد وكأنك شخص آخر !

في أحد صباحات هذا الأسبوع وأنا أمارس هذه الرياضة طرأ على بالي أمر وهو أنني أدّعي بأني من الناس الذين يشعرون بفرحة غامرة وسعادة عارمة بعد اكتسابهم لمعلومة جديدة أو تعلمهم لمهارة جديدة

الحقيقة لا يمكنني أن أٌشبه هذا الشعور إلا بلذة الطيران عند الطائر تشعر بأن روحه تسمو وهو يحوم في الجو !

هذه اللذة جعلتني اتسائل ماهو سرّ هذا الشعور نعم هو شعور داخلي قد لا يظهر علينا وقد نعجز عن وصفه بالكلية ولكن قد نٌقربه من خلال الأمثلة،

نعود إلى السؤال وهو أنهٌ لماذا نشعر بسعادة عندما نكتسب معلومة جديدة أو مهارة جديدة ووصل بي الأمر إلى رؤية لا أجزم ولا أدّعي صحتها ولكن لعلها تٌمثل جزء من الحقيقة وراء هذا الشعور،

سابقاً منذ أن عرفنا دور التعليم كنا نسمع بمصطلح ( لذة العلم ) هذا الأمر كٌنا نفتقد معناه في المدارس والجامعات ونحن نتعلم فيها ولم نكن نعرف معنى لذة العلم حينها !

ولعلنا كٌنا لا نٌدرك معناه لأن العلوم التي كٌنا نتعلمها في المدارس والجامعات كانت تٌفرض علينا وأنا من خلال ذلك توصلت إلى أن لذة العلم لا تأتي من العلوم التي تٌفرض علينا في دور التعليم أو قسراً من الحياة فنكون بذلك نتعلمها مرغمين ليس لدينا خيار في رفضها !

هذه اللذة لا يستشعرها المرء إلا من خلال العلوم التي هو يذهب إليها بإرادته ورغبته يذهب إليها لا تذهب إليه

نحن برغبتنا وإرادتنا واختيارنا نريد أن نتعلم هذا العلم وهذه المهارة وبالتالي هذا ما يجعلنا نٌزيل الشك والتعجب من العلماء الذين كانوا يقطعون مسافات طويلة بالأشهر والسنوات حتى يكتسبون علوم جديدة، هذه العلوم قد لا تزيدهم بشكل يظهر عليهم وقد لا ترفع منازلهم في الدنيا وإنما هذا الأمر قد نٌعلل سببه في اللذة التي كانوا يستشعرونها جرّاء هذه العلوم !

سابقاً كنت أقول ماالفائدة في أن تتعلم أمر أنت لن تستفيد منه !

لا نختلف حول اتفاقنا في أن هناك الكثير من العلوم تعلمها وغير تعلمها واحد،

إن تعلمتها لن ترتفعك وإن جهلتها لن تٌخفضك هي معرفة من أجل المعرفة فقط ولكن هذه المعرفة هي التي نكسب من وراءها الشعور بلذة العلم والمرء يدفع بنفسه إليها حتى لا يفتقد هذا الشعور الرائع !

لا أريد الإطالة أكثر ولكن ما أردت قوله هو أن لذة العلم لن نستشعرها إلا من خلال العلوم التي نتعلمها حباً فيها ورغبةً دفعنا إليها خيارنا الشخصي تجاهها

من خلال ذلك نحن نكتسب شعور رائع مليء بالفرح والسعادة والسمو حتى أننا أحياناً نجد أن كثيراً من الناس يسخر ويتهكم منّا لأننا نتعلم هذه العلوم لأنهٌ يرى بأنهٌ لا فائدة سنجنيها من وراءها هدر للوقت والجهد فقط ولكن نحن في قرارة أنفسنا على قناعة بأن هناك لذة لهذه العلوم التي لن ترفعنا كما يقولون ولكنها ترفع من نسبة الشعور باللذة في دواخلنا.