[ إن الله قد خلق النجوم الجميلة ليحرضنا على النظر إلى الأعلى .. ]
نجيب محفوظ
أسأل نفسي كثيرا هل فعلا أن الله خلق النجوم الجميلة ليحرضنا على النظر إلى أعلى ؟
هل كان ذلك لكي ننظر إليه وندعوه ؟
أم خلقها لكي نبحث عنه في الأعلى ؟
أم خلقها لكي يذكرنا بأنه حين تضيق بنا الحياة وننظر إلى القمر والنجوم فإنها تذكرنا بأن هناك خالق له ما في السموات والأرض؟
وهل نحن في حاجة لكي نتذكر ذلك ؟
ثم هناك شئ لا أفهمه لماذا ننظر إلى الأعلى في لحظات خشوعنا وإيماننا النادرة والقليلة ؟
طالما الله موجود في كل مكان وكل زمان فهو معي في خلواتي ونذواتي ومعي في عزلتي وأزماتي ؟
لماذا النظر إلى الأعلى ؟
هل نبحث عنه في السماء أم لعلنا نراه ذات مرة خلسة أثناء مراقبته لنا ؟
كلنا يبحث عن الله في كل مكان وزمان ، نبحث عنه في عيون الناس وأخلاقهم وتصرفاتهم ، نبحث عنه في السماء والأرض ؟
نعلم بوجوده ونعلم برؤيته لنا ولكننا مع ذلك نبحث عنه نريد سؤاله ورحمته ومغفرته .
نسير في طريقنا إليه على ضوء رحمة الأنبياء والتابعين
مشى رجلا ذات مرة في زمان كثرت فيه المفاسد والفسق وأصبح الدين تجارة وعادة يمارسها الناس دون إيمان حقيقي ، مضى في طريقه ،غريبا في شكله وأحواله
تبدو عليه علامات الجنون و الغرابة
يسأل الناس عن الله ، يكلم الناس بأنه يبحث عن الله ألم تجدوه ؟
فيقذفونه الناس بالسباب والأفظع الشتائم ومنهم من يضربه ويرمونه بالجنون والكفر .
وما زال يخبرهم بأنه يبحث عن الله وسيظل يبحث عنه حتى يجده وهم في أذيته وضؤبه مستمرون .
حتى يأتي شيخا من مكان بعيد يمر بهم فيجدهم يضربونه فيسأل الرجل عن سبب ضرب الناس له ؟
فيخبره الرجل بأنه يبحث عن الله؟
فيجيبه الشيخ بأن الله في بيته وإذا أردت رؤيته فليأتي معه لرؤيته ، ويتعجب الناس من تصرفات الشيخ الذي لا تبدو عليه ملامح الجنون .
وبعد عدة أيام يظهر الرجل المجنون على حد قول الناس ومعه الشيخ الغامض وقد هدأت ثائرة الرجل المجنون ومضى بكل هدوء وخشوع .
فيسأل الناس الشيخ ماذا فعل مع هذا المجنون
فيقول لهم لقد وجد الله وهدأت ثائرته
فينظرون إليه بشك
فيخبرهم أنه إصطحب الرجل معه لبيته وأكرمه وأطعمه وعامله معاملة طيبة وخصص له مكانا يبيت فيه ، فطمأن قلبه .
لقد وجد الله في تصرفات الرجل وتقواه وأخلاقه
وجد الله في البر والتقوى وحسن المعاملة
وجد الله في قلب الرجل ورحمته بالغير
فتوقف عن البحث عنه ؟
لم يضربه كما فعل الناس لم يتهمه بالكفر أو الجنون ولكنه جعله يؤمن بوجود الله من تصرفاته .
هكذا تجدون الله
إبحثوا عن الله في أنفسكم وأقوالكم وأفعالكم
إبحثوا عنه في داخلكم
إبحثوا عنه لعلكم تجدوه .