يقول الإمام إبن الجوزي رحمه الله"متى أخذت على نفسك من الغاضب أو واجهت ثورته بالقوة أو أجبته بمقتضى فعله كنت كعاقل واجه مجنون أو كمفيق عاتب مغمى عليه فحال الغاضب أن شيطانه قد غلبه وطبعه قد هاج والعقل قد إستتر فالذنب لك إن واجهت الشخص لاغاضب بل أنظر له بعين الرحمة وتلمح تصريف القدر له وتفرج في لعب الطبع به واعلم انه إذا انتبه ندم على ما جرى وعرف لك فضل الصبر ...وأكثر الناس على غير هذا الطريق متى رأوا غضبان قابلوه بما يقول ويعمل وهذا على غير مقتضى الحكمة"
وإليك قارئي العزيز أقول:
لاسلطان للعقل على الغاضب لحظة ثورته ولو كانت له سيادة على ذاته لتفادى ما نتج عن غضبه من عواقب وخيمة لم يكن يرجو حدوثها حيث نفر منه الخلق وخسر قلوبهم وأفسد علاقات طيبة وصلات وثيقة بأناس أفزعهم سوء خلقه وفحش قوله حين استشاط غضبه فلو كان تلمح عواقب ما قد يهم به من فعل لما أقدم على إتخاذ الغضب نهج له في تعامله مع غيره.
هو شخص ضعيف لم يستطع التحكم في مشاعره واستجاب لرغبات نفسه التواقه إلى إشباع شهوة الغضب فأعمت غمار تلك الشهوة بصيرته وأسقطت عنه آدميته فصار كالثور الهائج لا يستطيع أحد إيقافه فمثله كمثل السكران الذي فقد عقله وألِف ما هو فيه من غفلة لحظية وشعر بنشوتها فمشى عابثا لاهيا لا يعبأ بشئ على الإطلاق حتى إذا تيقظ من سكرته تجرع مرارة الندم على ما اقترف في حق نفسه وحق غيره.
فياكل لبيب لقي أذى من غاضب أساء إليه لاتنتصرن لنفسك لتواجه ذلك المسكين بنفس أداته فتضفي شرعية على خلقه السئ ألا وهو الغضب بل تغاضى عما يقول وأعلم أنه ليس بمدرك لفعله حتى إذا هدأت نفسه أتاك واعتذر عما بدر منه وشكر لك حسن خلقك في الصبر عليه ، وتجنب الإساءة إليه لنبل أخلاقك برغم قدرتك على الإقتصاص منه..وعليك أن تعلم أن الغاضب كالأسير حبسته نفسه الأمارة في سجون تلك الشهوة المظلمة وكانت يقظته من آلام ما كُبل به من قيود متأخرة أما أنت فكنت أقوى من شهوة غضبك فجعلت لجام نفسك بيدك وأدرت شهواتها كيفما تشاء.
-
علاء صلاح الرفاعيكاتب إذاعي ومعد برامج بقناة أراك ميديا بالعربي على اليوتيوب ،المنسق الإعلامي لمبادرة دعم المحتوى العربي على الإنترنت برعاية إتحاد أراك "سابقا" ،،، كاتب إذاعي بإذاعة البرنامج العام ،كاتب في موقع مقال كلاود