لماذا رفضت الماركسية؟"3" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا رفضت الماركسية؟"3"

سلسلة مقالات فكرية تتضمن قراءة نقدية لكتاب "لماذا رفضت الماركسية" للدكتور مصطفى محمود

  نشر في 22 نونبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أسلوب الكاتب"3"

لم يبدأ الكاتب بداية تقليدية كعادة بعض أقرانه في مجال الفكر والسياسية لاسيما حين يدور مضمون التناول حول المذاهب السياسية والإتجاهات الفكرية والتي لاريب قد يشوب التعبير عنها وصياغتها أدبيا عسر في الفهم لدى المتلقي نظرا لإستخدام كتابها بعض المصطلحات العلمية المتخصصة والمفاهيم التي قد تبدو غامضة وتقتضي تفسير فقد بدأ حديثه بملامح سريعة من تجربته الشخصية مع المذهب الماركسي فبدى أسلوب العرض لدى المتلقي وكأن الكاتب يروي مقتطفات من سيرته الذاتية وعلاقته بهذا الفكر يذكر في ص7(حينا بدأ أكتب في الخمسينات كانت الماركسية هي موضه الشباب الثائر في ذلك الوقت..وكنا نقرأ منشوراتها في نهم فتحرك مثاليتنا بما تعد من فردوس أرضي وعدالة ورخاء وكساء للعامل والفلاح ومحاربة للإقطاع والإستغلال وتحرير للجماهير الكادحة) ..وفي موضع آخر(وكانت موسكو تبدو لنا في ذلك الحين الكعبة الأم لهذا الدين الجديد الذي يشع بالخير والرفاهية لكل من يدور في فلكه).

فليتأمل القارئ مدى إعجاب الكاتب بالشيوعية والإفتتان به بهذا الشكل في المراحل الأولى من حياته إلى الحد الذي شبه فيه المذهب ب"الدين" ليعكس درجة تعلقه الشديد وصلته القوية فقد كان بمثابة العقيدة من شدة تمسكه به وإلتصاقه بفكره ووجدانه إلى أن يقول الكاتب ( وكانت أول صحوة لنا من ذلك الحلم حينما سافرنا إلى الخارج ورأينا الخراب و البؤس والوجوه الكئيبة المتجهمة في المجر..وبحثنا عن الرخاء والرفاهية والحرية والفردوس الأرضي فلم نجد له أثرا) وفي تلك العبارات إستطاع الكاتب أن يحقق عنصر المفاجأة ومن ثم التشويق للقارئ لإستكمال ما بدأ ذكره وللتعرف على أسباب ذلك التحول الغريب والتغير المفاجئ فمن ولع بالمذهب أدى إلى درجه تجسيده بالدين إلى صدمات هائلة أعقبها رفض تام وإنكار هائل ليس فقط لتقديس المذهب بل لذاته ومؤسسيه..يقول الكاتب في ص8(وكانت الصدمة الثانية الأعظم حينما فتح خرشوف ملف ستالين وأعلن على رءوس الأشهاد المظالم التي إرتكبها ستالين والملايين من العمال والفلاحين والمثقفين الذي قتلهم في السجون والمعتقلات وأعدمهم بالرشاشات وألقاهم بالموت في جليد سيبريا وأسلمهم لآلات التعذيب بين يدي الجلاد الرهيب بريا ويومها قالوا لنا إنه التطبيق..الذنب في التطبيق ولكن النظرية بريئة مبرأة من هذا كله) إن تلك العبارات لتنم تلك عن القشة التي قصمت ظهر البعير فبعد أن رسم الكاتب في ذهنه صورة مثالية للشيوعية إستنبطها من شعارات وأقوال تناولتها كتب ومجدات كانت هي عنوان المرحلة التي عاشها في ظل ثورة الشباب وحماسه إلى أن أدرك ما كان عليه من خطأ فدفعه ذلك إلى البحث والإستقصاء لمعرفة الحقيقة كاملة..يقول الكاتب ( واحتاج الأمر مني إلى سنوات من القراءة والدراسة والعكوف على المجدات الاصلية للمذهب لكي أكتشف أن الفساد ليس في التطبيق ولكن الفساد في المذهب نفسه وأن تلك الأفكار الثورية لم تكن أكثر من تحشيد وتحريض ودفع لكتل الجماهير نحو ثأر تاريخي يخرج العالم من ظلم ليلقي به في ظلم أفدح وأشمل وأعم).

كنت قد ذكرت أن لإختزل الكاتب لتجربته مع المذهب عيب وميزة وكان العيب أن هذا العرض قد لا يفي بإحتياجات قارئ ظن بمجرد قراءة عنوان الكتاب أن الأمر سيكون أشبه بقراءة لسيرة الكاتب الذاتية مثلا...اما الميزة وهي براعة الكاتب في عرض تلك التجربة التي إستغرقت سنوات طوال في هذا الإيجاز الذي لم يخل فيه بالمعنى الذي يريد ترسيخه والرسالة التي يرغب في إيصالها لقارئه وهذا الإيجاز المتزن لا يتقنه الكثيرون إلا من إمتلك موهبة ربانية تتح له ذلك فبرغم طول الفترة التي إستغرقها د.مصطفى محمود في البحث والإستغراق في الكتب والمجلدات الاصلية للشيوعية والتي تعدت ربع قرن إلا أنه قد أوجز ذاك كله في كلمات معبرة وعبارات ذات دلالة مؤثرة...أما عن إستخدام الإستشهادات فلم يكتف الكاتب بطرح رؤيته المجردة للشيوعية عبر إسهاب طويل أو سرد تاريخي ممل بل قام ذكر إستشهادات دلل بها على صدق كلامه وحجج تثبت قوة برهانه إستطاع خلالها إقناع القارئ بمجال لا يدع الشك بما يريده تحقيقه.

 ذكر الكاتب في ص9 حول موقف الشيوعية من الأديان ( ولايرى ماركس أثرا لأي عوامل أو قوى غيبية أو إرادة إلهية وراء هذه العوامل المادية تؤثر في التاريخ..وما الله في نظر ماركس إلا الصنم الذي أقامته البرجوازية لتخدع به العامة...إلخ) وقد دلل الكاتب على ذلك بذكر أقوال قادة وزعماء الشيوعية أنفسهم في ص22( "يقول لينين إننا لا نؤمن بالله ونحن نعرف كل المعرفة أن أرباب الكنيسة والإقطاعيين والبرجوازيين لا يخاطبوننا بإسم الله إلا إستغلالا.."يقول إنجلز الفكر لم يخلق المادة وإنما المادة هي التي خلقت الفكر".."يقول ستالين العالم يتطور تبعا لقوانين المادة وهو ليس بحاجة إلى أي عقل كلي.."يقول المانفستو الشيوعي الدستور والأخلاق والدين خدعة برجوازية تتستر من ورائها البرجوازية من أجل مطامعها).

تعالى الله عن هذا الكفر فناقله ليس من أهله وحين أراد أن ينكر مبدأ أن الأغلبية الساحقة من منطلق أن الشيوعية تقوم على حشد كتل الجماهير العريضة من عمال وفلاحين بخطابات رنانة وشعارات زائفة وأماني لم يكن لها واقع عملي فذكر في ص26 ( إن الإسلام لايتملق الكثرة ولا يحرك كتل الفلاحين ليضرب بها الملاك ولايحرك كتل العمال ليضرب بها الطلبة وأصحاب الأعمال ولا يداهن الأغلبية عن جهل ..قال تعالى (أكثر الناس لا يعلمون)"سورة يوسف، قال تعالى ( أكثر الناس لا يؤمنون) "سورة غافر"

قال تعالى(لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون) "سورة يس"

قال تعالى ( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون) "سورة المؤمنون"

وغيرها من الآيات التي تذم حال هذه الأغلبية ولا تعني كثرتها أو ضخامة عددها أنها على الحق دوما.

وفي الفصل الأخير من الكتاب أورد  الكاتب وقائع بالأرقام والإحصائيات عن آثار تواجد الشيوعية وإنتشارها في بضع دول فيذكر في ص78 (مسلسل القتل الدائر الآن في يناير 1986 في اليمن الجنوبية ليس غريبا فمن قبل كان هناك مسلسل آخر للقتل بين الأخوة الماركسيين في أفغانستان وتصفيات دموية بين الرفاق انتصر فيها الرفيق بابراك كارميل على إخوته ثم على نفسه ثم على بلده) ،وفي موضع آخر (جاءنا الحساب الختامي للماركسية من الصين يقول بالأرقام أن هناك عجزا في الميزان التجاري بلغ 3161 مليون دولار بسبب إزدياد الواردات على الصادرات وسمعنا من داخل بكين ومن الحزب الشيوعي الحاكم من يقف ويقول أن الماركسية فكر رجعي معوق وأن الثورة الثقافية أيام ماوتسي تونج كانت تخريبا للإقتصاد وتخريبا للثقافة الصينية) ويذكر أيضا (وقرأنا وتابعنا المسلسلة الدامية لمحاكمة وإدانة ماو ورأينا الحكم الصيني يتجه إلى الإنفتاح ويطلب الخبرة الأمريكية والتكنولوجيا الأمريكية ورأيناه يشطب كلمة مخففة من الإشتراكية ورأيناه يفتح الباب أمام القطاع الخاص والإقتصاد الحر لينقذ البلاد من الإنهيار الإقتصادي..يظل أسلوب د.مصطفى محمود مدعما بالحجج والبراهين الشرعية والمنطقية وبأسلوب سلس ويسير تفهمه كافة الفئات والمستويات الثقافية والفكرية.



  • علاء صلاح الرفاعي
    كاتب إذاعي ومعد برامج بقناة أراك ميديا بالعربي على اليوتيوب ،المنسق الإعلامي لمبادرة دعم المحتوى العربي على الإنترنت برعاية إتحاد أراك "سابقا" ،،، كاتب إذاعي بإذاعة البرنامج العام ،كاتب في موقع مقال كلاود
   نشر في 22 نونبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا