يعد التنمر من المشكلات الشائعة في منظومة الحياة...إذ هو ظاهرة عدوانية غير مرغوب بها تنطوي على ممارسة العنف والسلوك العدواني، فقد عرفه كل ووك وودزو ستانفرد وسجلز أنّ التنمر هو تعرض فرد ما بشكل متكرر إلى سلوك سلبي من طرف أو أكثر، حيث يكون هذا السلوك متعمدا ويسبب ألم للضحيّة  سواء في مجال جسمي أو لفظي أو عاطفي وحتى نفسي.

ومما لا شك فيه أنّ هذا التنمر يدخل ضمن مصطلح العنصرية، بحيث نجد الشخص المتنمر يمارس سلوك التسليط على من هو أدنى منه، أو ضعيف، أو مختلف عنه ويقوم بأذيته وممارسة العنف عليه. وهذا راجع لظروف وعوامل نفسية مر بها المتنمر مما جعله شخص عدواني يفرض قوته وسيطرته المتنمرة.

فقد ذهب عدّة باحثين لدراسة هذه الحالة والظاهرة القاسية الطاغية في مجال الحياة من كلّ جوانبها: أسبابها و النتائج الوخيمة الصادرة عنه،  والدراسات التي قاموا بها رجحوها لعوامل نفسية وإجتماعية حادّة، إذ فسرتها كل من النظريات التحليلية والتطورية والسلوكية، البيولوجية وغيرها من النظريات.

فمثلا النظريات التحليلية ترجح هذه الحالة ومنهم آدلر أنّ هناك قوة دافعة مستقلة لهذا السلوك توجد باللاشعور وتوجه السلوك، ويحدث ذلك إذا ماتواجد فردا أو أكثر في موقف عدائي أو استفزازي...، أما المدرسة التطورية فهي تعتمد على تفسير التنمر ضمن تطور نمو الطفل، وأن علاقته تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة عندما يأخذ الأفراد بالدفاع عن أنفسهم على حساب الآخرين من أجل فرض سيطرتهم الاجتماعية، في حين نجد النظرية البيولوجية ترجح هذه الحالة إلى السلوك الإنحرافي ولاسيما التنمر يرجع لعوامل بيولوجية في تكوين الشخص،، وهو تعبير طبيعي عن عدد من الغرائز العدوانية المكبوتة لديه، وهو لازم لاستمرار المجتمع الإنساني، فكل العلاقات الإنسانية ونظم المجتمع يحركها من الداخل هذا الشعور بالعنف.

فزيادة هرمون الذكورة يأثر على الدافعية نحو التنمر،،،فالشخص المتنمر يرتبط سلوكه بأسباب شخصية وإجتماعية مردها الملل والاحباط والفشل، أو مشاكل أسرية فالعنف يولد العنف وهكذا...إلى جانب أسباب مدرسية كالعقاب والعنف الذي يمارسه المعلم على الطلبة، وهنا لن يقف إذعان الطالب على السمع والطاعة بل يتجه إلى إظهار قوته، وقد يكون هذا التنمر جسمي أو لفظي، أو جنسي حتى...

نجد الأشخاص الذين تم التنمر عليهم يدخلون في حالة هسيريا الخوف والهرب من الواقع، حالة نفسية حادّة تجعلهم لايستطيعون الدفاع عن أنفسهم ولا حتى بتقدير ذاتهم، تهزهم ثقتهم ويفقدون ايمانهم بالحياة مما يجعل فكرهم ينطوي على كره هذا العالم والحياة ككل لأنهم مختلفون ولولا اختلافهم هذا لما تعرضوا لهذا التصرف الأناني والمميت نفسيا والقاسي عليهم..، فهنا يركز عقلهم فقط على التخلص من حياتهم فلاجدوى من بقائهم بها وهكذا ينالون الراحة، فجلهم يرفضون التخالط ويحبذون العزلة والوحدة والبقاء لوحدهم قابعين في غرفتهم خوفا من خروجهم وتعرضهم للأذية، والكثير منهم يتجه نحو الانتحار فهو يراه الحل الأنسب من كل هذا؛وقد سجلت عدّة حالات الانتحار راجع لهذا السبب ألا وهو التنمر، إذ أن هذه التظاهرة واصلت زحفها وانتشرت بسرعة سواء بالعالم الافتراضي كالفيسبوك والتويتر..إلخ أو العالم الواقعي، ففي الآونة الأخيرة شاهدنا عدّة فيديوهات تتحدث عن هذه الحالة وتطلب منا التفكر بعقلانية للتخلص منه والمتجلي بين الحياة الاجتماعيه والعلاقات الإنسانية. وللاسف لو كان التفكير عقلاني لما تجهنا نحو هذا، ولو فكرنا بكل مانخلفه من تصرفنا الأناني لما خلفنا كل هذه النتائج السلبية.

كلنا بني آدم وآدم من تراب، ولهذا وجب علينا التحكم في تصرفاتنا والتفكير السليم في كلّ مانتفوه به أو نقوم به حتى لانؤذي غيرنا ونكون نحن سبب حالاتهم النفسية، إذ هناك منظمات حقوق الانسان تنشر التوعية بين الأفراد لتجنب هذه الظاهرة_فمثلا نجد الدكتورة عزة العشماوي وبرونو مايس والدكتور طارق شوقي يتحدثون عنه ويركزون أبحاثه عن طريق نشر التوعية بفكرة مفادها: "أنا ضد التنمر" والصادرة بجريدة التنمر وأطفالنا يونيسيف2018، ولابد من مراعاة شعور الآخرين لنتجنب هذا الصراع النفسي بين الشخص المتنمر والشخص الذي يمارس عليه التنمر بإضافة مراكز تنهى عن هذا المنكر الشنيع، أو فتح المزيد من المنظمات والتي تهدف بدورها لحماية الفرد طفلا كان أو شابا من التنمر.

حنان سلامة/ الجزائر