التقنية والتوفير

كتب المقال المفوض أمره إلى الله – الصارمي - استخدام تقنية المعلومات بالشكل المدروس وبالطريقة المثالية دائما ما يساهم في توفير النفقات على المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء، غير أنه مازال هناك من يخلق المبررات ويختلق المحظورات في سبيل الاستمرار في استخدام الطرق القديمة في أداء وإنجاز الأعمال اليومية، ومن بين هذه المبررات سرية البيانات وتصنيفها بين سري وسري للغاية وعاجل و عاجل جدا وغيرها من التصنيفات التي تسبب الرعب أثناء محاولة ارسال البيانات باستخدام الأنظمة الحديثة أو اقتراح ذلك، مع أن التقنية الحديثة أكثر سرية وتحوي العديد من طرق تشفير إرسال البيانات، كما يتعلل البعض بصعوبة استخدام أجهزة الحاسب الآلي في العمل وبالذات أولئك الذين اعتادوا على الطرق التقليدية في أداء أعمالهم، على أن إتقان استخدام الحاسب الآلي يعد أمر يسير ويحتاج إلى القليل من الممارسة والجهد، كما أن هناك آخرين يخشون من أن تقوم التقنية بعمل إحلال للكوادر البشرية وذلك لوجود أدوات تسرع العمل وتسهله، غير أن هذا غير صحيح حيث تحتاج التقنية إلى كوادر تديرها وتشغلها وتدعمها.

في هذا المقال سنتطرق للأدوات والتقنيات الأكثر استخداما ومدى فعاليتها في تسريع الأداء ورفع مستوى الإنتاجية، كما سنذكر أكثر الطرق تطبيقا في مجموعة من دول العالم والتي ساهمت وبشكل ملموس في زيادة كفاءة تنفيذ العمل وتقليل الأخطاء البشرية وتوفير الاستهلاك بشتى الطرق، ومحاولة الإستفادة من هذه التجارب وإلقاء نظرة على كيفية تطبيقها ومدى ذلك.

يقترح براتيك دولاكيا في مقاله (4 طرق للتوفير باستخدام التقنية) ضرورة عمل أتمتة حيثما كان هناك إمكانية، أتمتة الأعمال أمر في غاية الأهمية فهو بجانب التوفير يسهل تنفيذ العمل ويقلل من الأخطاء البشرية والتدخلات، ويوجد العديد من الأدوات والوسائل والبرمجيات التي تدعم هذا الجانب منها ما هو موجود على شكل حزم يمكن استخدامها مباشرة او عمل تعديلات فيها بما يتناسب مع بيئات العمل المختلفة، ومنها ما يتم برمجته من قبل المختصين وعمل ربط للأنظمة بقاعدة بيانات واحدة مما يسهل التواصل بين مختلف الأقسام والإدارات بحسب بيئة العمل.

ومن بين الطرق التي تسهم في التوفير وبشكل كبير استخدام تقنية الكلاود (Cloud) لتخزين البيانات الأمر الذي يوفر نفقة شراء الخوادم (Servers) سواء لتخزين البيانات أو لعمل قواعد بيانات، بالطبع هذه التقنية قد تكون غير مناسبة خصوصا للجهات الحكومية والتي توجد بها بيانات سرية وحساسة، ولكنها جدا مفيدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

الاستثمار في التقنية الخضراء يعد من الأمور الحديثة والتي تسهم في توفير الكثير من الأموال للأشخاص والمؤسسات والحكومات ومثال على مثل هذه التقنيات الصديقة للبيئة (CFL and LED lights) هذا النوع من الإنارة يوفر 75% من الطاقة، كما يمكن استخدام مفاتيح حساسة للضوء بحيث تنطفأ الانارة بشكل تلقائي عند مغادرة المكان، ولا ننسى ضرورة استغلال الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية وبالذات في المؤسسات الحكومية.

كما يمكن الاستفادة من التقنيات والأدوات المجانية قدر المستطاع فهي وإن كانت مجانية غير أن بعضها يعد ذو كفاءة عالية ويمكن الاستفادة منه وبالأخص للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما اشار ميجيان سوليفيان إلى ضرورة التأكد من إلغاء كافة التطبيقات التي لا يستفاد منها وذلك لتوفير النفقات المدفوعة لصيانتها.

تقديم الخدمات عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية يعد من الطرق التي توفر الكثير من التكاليف، حيث بالإمكان الإكتفاء بمكاتب أو صالات بسيطة ومشتركة مع جهات أخرى لتوفير تكاليف بناء مراكز للخدمة واعدادها وتزويدها بالأجهزة المختلفة، حيث يمكن للدول أن تنشأ صالات للخدمة مشتركة بين جهات خدمية مختلفة مما يسهل الحصول على عدة خدمات في وقت واحد ومن موقع واحد، وهذا الخيار يعد أوفر من أن تقدم كل جهة خدماتها في صالة خاصة بها مما يخلق صعوبات وتكاليف كثيرة ومشقة في التنقل من جهة إلى أخرى، كما يمكن وبكل بساطة تقديم الخدمات عبر استخدام ماكينات خاصة لتجديد الوثائق ومثل هذا الماكينات لا تحتاج إلى كادر كبير بل الاكتفاء بالفنيين لصيانتها في فترات مجدولة.

تجارب بعض الدول:

في اليابان توجد محلات لبيع بعض المواد الاستهلاكية والاساسية تعمل على مدار الساعة يوميا بنظام (24\7)، وهذه المحلات تستهلك الكثير من الطاقة خصوصا في فترة الليل مع قلة المستفيدين منها، ولذلك تم دراسة الوضع وتم حل مشكلة استهلاك الكهرباء عبر استغلال الطاقة البديلة والتي تخزن الطاقة الكهربائية حيث تستخدم في فترة الليل.

ومن بين المشاريع الضخمة التي تتبناها اليابان ما يسمى بمجتمع خالي من الاستخدام الورقي (Paperless society)، حيث يتم دراسة عمل ورق إلكتروني بالإمكان إعادة استخدامه بعد قراءة محتواه بكل سهولة ويسر. وليس هذا فحسب بل إن الأمر يفوق مجرد إعادة استخدام الورق إلى كون الورق مدعم بشريحة للطاقة البديلة حيث لا يحتاج إلى شحن أو ربطه بمصدر للطاقة.

تتوقع الدراسات بأنه في غضون 35 عاما سيكون سكن ومحل إقامة ثلثا سكان الكرة الأرضية في المدن، لذلك يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية لجنة مختصة بتحليل المدن وتقييم أكثر المدن استخداما للتقنيات الحديثة في التوفير، حيث تعطى الولاية الأكثر استخداما للتقنية المراتب المتقدمة الأولى.

في استراليا يوجد ما يسمى بالمركز الأسترالي للتكنولوجيا الفائقة لمكافحة الجريمة (Australian High Tech Crime Centre (AHTCC) )، وهو يخدم في مكافحة الجرائم الخطيرة والمعقدة والمتعددة الاختصاصات القائمة على الإنترنت، ولا سيما تلك التي تتجاوز قدرة أجهزة الشرطة في أستراليا. كما يتكفل المركز بحماية البنية التحتية للمعلومات في أستراليا، وتوفير المعلومات إلى أجهزة إنفاذ القانون الأخرى للمساعدة في مكافحة الجريمة عبر الإنترنت.

يقول آلن في مقال له عن (لماذا كوريا الجنوبية ستكون المحور العالمي التالي للشركات الناشئة التقنية؟) بأن كوريا الجنوبية تمتلك نصيب الأسد في تقنيات ألعاب الكمبيوتر وتعد الأولى عالميا في توفير سيرفيرات للألعاب الالكترونية على مستوى العالم.

وفي سلطنة عمان يتم العمل على مشروع توليد الطاقة باستخدام أحدث خلايا الطاقة الشمسية في مشروع يعد الأول على مستوى العالم، حيث تحدث مثنى حزيّن في مقاله (سلطنة عمان تبني أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم) عن انشاء محطة مرآة بين شركة تنمية نفط عمان وشركة غلاس بوينت سولار، وتستمد سلطنة عمان فكرها وتخطيطها في مجال الطاقة البديلة من حكمة السلطان قابوس سلطان البلاد الحكيم والذي وجه في خطابه أمام مجلس عمان لعام 2008م بضرورة استغلال الطاقة البديلة حيث قال: "ونحن نؤكد في هذا الصدد على استمرار سياسات التنمية والبناء وفقا للخطط المعتمدة كما نؤكد على ضرورة تنويع مصادر الدخل وبذل المزيد من الجهد في هذا المضمار وكذلك النظر في كيفية الاستفادة من البدائل المولدة للطاقة والسعي لتحقيق الامن الغذائي قدر الامكان وفي هذا الشأن فقد اصدرنا اوامرنا الى الجهات المختصة لوضع الخطط المناسبة لذلك".

وتعد هذه خطوة رائدة في مجال استغلال الطاقة البديلة واستغلال الموقع الجغرافي للبلد، تعد عمان البلد الأول الذي تشرق عليه الشمس في الخليج العربي، وهي تتمتع بطقس مشمس أغلب أيام السنة مما يجعل استغلال هذه الطاقة أمر غاية في الذكاء والأهمية.

الخاتمة:

في الختام لا بد من الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ودعم الإختراعات الشبابية من أجل تشجيعهم على الإبتكار وبالأخص في الجانب التقني، كما أنه لابد من التنويه إلى أهمية الدراسة المتأنية في كيفية استغلال التقنيات المتطورة في توفير النفقات في كافة مجالات الحياة.

المراجع:

Dholakiya, Pratik, "4 Ways to Cut Costs Using Technology", 2015, (https://www.entrepreneur.com/article/247577).

McGlade, Alan., (2014), "Why South Korea Will Be The Next Global Hub For Tech Startups", (https://www.forbes.com/sites/alanmcglade/2014/02/06/why-south-korea-will-be-the-next-global-hub-for-tech-startups/#d21b16e26702).

Sullivan, Megan. (2016), "8 Ways to Reduce Operating Costs", (https://quickbooks.intuit.com/r/expenses/8-ways-reduce-operating-costs/).

مثنى حزيّن، "سلطنة عمان تبني أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم"