فى قراءة نقدية لنماذج العلمنة التى تتم على قدم وساق فى كل مدن الشرق العربى المسلم وخاصة ان بعض المدن طابعها تاريخى كمدينة مكة المكرمة التى شهدت ظهور دعوة النبى صلاة الله عليه وسلم

وحجم قداسة هذة المدينة لاى مسلم على وجه الارض فهناك دعى النبى (ص) قومه الى رفع راية التوحيد لله وترك ما يعبد من دون الله وانتشرت دعوته حتى وصلت الى اغلب قواعد الكرة الارضية

ولكن فى عصورنا الحديثة ومع ظهور التطور التكنولوجى الحداثى ومع اعتبار ان الحداثة هى مظهر من مظاهر العلمانية بمفهومها الشامل الذى يضيع كل ما هو انسانى او اخلاقى او اجتماعى ويستبدل مفاهيم اخرى مفاهيم مادية تؤثر بالضرورة على عالم الروحانيات الكامن فى نفس كل مؤمن فى علاقته بربه على الاخص ..

ففى يومنا هذا نجد ان السلطات السعودية الحاكمة قد حولت هذا المكان الى مكان استثمارى يغلب عليه عالم الثورة والبيزنس على حساب كل ما هو اخلاقى وانسانى

فقد تم تدمير اغلب الرواق العثمانى الذى تم بناءه فى القرن السادس عشر الميلادى وكان له اجزاء ترجع لزمن الدولة العباسية والذى كان يحيط الحرم النبوى لتوسيع الحرم المكى بحجة استيعاب عدد من الحجاج اكثر ولا احد يفكر فى مدى خطورة تدمير ثلثى التراث الاسلامى فى هذا المكان الطاهر فقد هدمت مساجد كثيرة ترجع لزمن النبى صلاة الله عليه وسلم لبناء ساعة كبيرة تعتبر اكبر ثانى ساعة فى العالم ولكن ما يهم تلك السلطات هو بناء مدينة اسطورية هوليودية تحاوطها الفنادق و الاستثمارات على حساب التراث والتاريخ ..

ان مكة المكرمة ليست ملك لاى سلطة حتى ولو كانت شرعية وانما ملك لكل مسلم يؤمن بالله وبرسوله نبى الهدى

فقد كتب المعمارى الشهير فى كتابه " التعلم من لاس فيجاس "

لقد حاولت مدن كثيرة في العالم تقليد لاس فيجاس على أمل أن تضمن لنفسها موقعا على المسرح العالمي، ومن أهم المدن العربية التي رأت في لاس فيجاس الإبهار نموذجا؛ مدينة دبي. ملامح الإبهار تتعدد وأهمها: المقياس العملاق والقصة الأسطورية والتركيبة الأيقونية وتزييف الصادق وصدق المزيف. تأمل فنادق مدينة لاس فيجاس فترى مستوى من الضخامة والعملقة تستدعي من ذاكرتك صورا لوحوش أسطورية ومباني ألف ليلة وليلة وحمامات روما وساحات أثينا. وحينما توجه نظرك من صحن الكعبة إلى العمران المحيط بك فلا يدهشك تطابق المشاعر وثبات التجربة البصرية، فأنت مرة أخرى محاط ومحاصر بالعمالقة التي تتناسى تماما بمن تحيط وما هي قداسة وروحانية من تتطاول عليه بمكعباتها الخرسانية القبيحة. مدينة لاس فيجاس أيضا، مدينة الخطيئة تتفوق في التلاعب بالصادق والمزيف فتبني الهرم الأكبر وتضع أمامه أبو الهول شامخا، ثم تحفر النيل وتسمح بتدفق مياهه في مداخل الفندق وساحاته المختلفة. في مكة أيضا انشغلنا بالمزيف والأسطوري فساعة أبراج البيت يجب أن تحطم أسطورة ساعة بيج بن الشهيرة بالعاصمة الانجليزية لندن،

ان النظرة الامبريالية الحداثية التوسعية فى الجانب المعمارى فى تلك الاماكن المقدسة تعتبر التاريخ عدوا لها والتراث هو شىء لا قداسة له بالنسبة لهم فهم يتحدثون عن الارقام والنماذج والتخطيطات والتحليلات اكثر مما يتحدثون عن الاضرار بالمنظر الجمالى التقليدى الفطرى والبصرى ايضا

وان كانت مدينة دبى هى المدينة الشرقية الاهم التى وضعت هذا النموذج الغربى الفاضح فى بنيتها المعمارية رغم ان تراثها التاريخى بدوى وقبلى اكثر منه حداثى

فهى مدينة لا تعنى المسلمين كثيرا مثل مكة وقداستها .. فقد تكون سعيدا انتا واسرتك فى التسوق فى مدينة دبى او الجلوس فى مطعم او مقهى

ولكن كيف تكون سعيدا وانتا بين يدى الله فى اقدس مكان على وجه الارض وانتا تحاوطك مئات الفنادق المكيفة والمبانى الفارهة التى تعبر عن كل ما هو مادى ونفعى

كيف تشعر ان لا فرق بين عربى واعجمى الا بالتقوى فى تلك اللحظة الروحانية وانتا ترى على بعد خطوات منك فنادق لا يقدر فقير على الجلوس حتى على ابوابها ..!