وجدته يحدّق إلى البعيد!
لا أدري ماذا جذبني لأخرج جوّالي وألتقط منه صورة؟!
ربّما رأيته متعبًا من ألم السّنين، هيئته تقول لي ذلك؛
دنوت منه وسلّمت عليه، حيّاني بـ (هله عمّي، كلّ الهله)،
تحيّة شعبيّة حميمة، تحسّ بها أنّها قريبة منك ...من مشاعرك.
- كيفك يا عمّ؟
-الحمد لله، الله ساترها.
-أين تعمل أو هل أنت متقاعد؟
- هه يا حسرة!
ولم أنتظره ليحكي لي معاناته، قرأتها حتّى نهايتها من حسرته وهيئته الحزينة.
لم أنتظره ليقول لي إنّه يقبض راتبًا من مؤسسة الإمداد ولا يتجاوز مقداره عشرين ألف تومان!
أدري أنّها لا تسدّ رمق بناته، ولا تكفي عوز عجوزه. بل أنّها لا تكفيهم ليقتاتوا بها ليوم واحد!
ولم أنتظره ليقول لي إنّه يتقبّل الصّدقة إذا تصّدق عليه أحد؛ لكنّه ونظرًا لعزّة نفسه لم ولن يشحذ في الشّوارع.
قرأت كلّ هذا من جسمه الهزيل وكوفيّته البالية و(دشداشته) ذات اللون الباهت.
ثم التفتُّ إلى الدّخان المتصاعد من إحدى عيون النّفط وبلعت ألمي وحسرتي ...وودعته.
سعيد مقدم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.