ابن العوجة .. سفير النوايا الخايسة (2) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ابن العوجة .. سفير النوايا الخايسة (2)

ابن العوجة .. سفير النوايا الخايسة (2)

  نشر في 20 أكتوبر 2023 .

لعل احدكم يسأل ويقول : لماذا نحن نستشهد بما قاله المجرمون والجلادون والبعثيون ومن لف لفهم ؛ فيما يخص الجرائم والمجازر والاخطاء الفادحة والقرارات السياسية الهوجاء وغيرها من السلبيات ؛ ولا نعير اية اهمية لما يتفهون به ؛ اذا كان الامر يتعلق بتمجيد النظام ورجاله وتبييض صفحاتهم ...؟

والاجابة على هذه الاشكالية ؛ تتلخص بالنقاط التالية :

اولا : الاقرار سيد الادلة , واقرار هؤلاء بالجرائم والمجازر , كاف لإدانتهم قانونيا وتاريخيا .

ثانيا : بما ان هؤلاء الزبانية كانوا في قلب الحدث بل هم صانعوا الحدث , ومن المقربين للنظام والعارفين بكل اسراره وخفاياه , فمن الطبيعي ان يعرفوا اسرار جرائمه وتفاصيل مجازره ؛ فاذا ما تكلموا في هذه المواضيع صدقناهم , وذلك لكونهم الشهود على ذلك , ولاحتفاء شهاداتهم بالقرائن والسياقات التاريخية المؤيدة .

ثالثا : من قرائن صدق الحادثة التاريخية , شهادة الاشخاص الذين تتقاطع مصالحهم مع الشهادة ؛ فمثلا لو امتدح الشيعي الشيعة لشكننا في ذلك بسبب اواصر القرابة والتحيز في امثال تلك الشهادات , وكذلك لو شهد الصداميون والبعثيون بخصوص النظام البائد وقاموا بمدحه والاشادة به , بينما لو انتقد الشيعي التشيع وكذلك فعل البعثي والصدامي بخصوص فضح جرائم النظام البائد ؛ لكانت هذه الشهادة اقرب للموضوعية والحيادية لأنها جاءت على خلاف المصلحة والدوافع العاطفية والمصلحة الشخصية .

رابعا : الكذاب قد يصدق احيانا لاسيما ان كان كلامه محفوف بالقرائن المؤيدة ؛ لذلك جاء في المثل الشعبي العراقي الشهير : (( يفوتك من الجذاب صدكن جثير )) وعلى الرغم من خلط البعثيون والصداميون والطائفيون الصدق بالكذب ، والغث بالسمين ، والصح بالخطأ ، والسليم بالسقيم ، الا اننا ومن خلال القرائن والاحداث والسياقات التاريخية والحقائق الناصعة ؛ نستطيع التمييز بين الحقيقة والوهم والحق والباطل واليقين والشكوك... .

فما قاله المدعو ( ابو وسام ) التكريتي وغيره من سقط المتاع وحثالة زبانية العوجة وتكريت ومن لف لفهما ؛ بخصوص الجرائم الصدامية والمجازر البعثية والموبقات والآثام الشنيعة التكريتية ؛ نصدقها بلا تردد , وذلك لوجود القرائن الاخرى المؤيدة ؛ فمثلا : لو جاء شخص من رجال ستالين وقال لنا : ان ستالين قتل 5 الاف مواطن في ساعة واحدة ؛ لصدقناه بلا تردد , لان هذا الفعل ينسجم مع طبيعة ستالين الاجرامية , بينما لو جاءنا هذا الشخص وادعى : ان ستالين اقام صلاة الجماعة في احدى مساجد الاتحاد السوفيتي وعفى عن مليون مواطن روسي متهم بالخيانة ؛ لكذبناه ؛ لان هذه السمات الاخلاقية تتقاطع مع طبيعته الشخصية والاخلاقية المعروفة .

واكمل شهادته قائلا : ((... اني اسميه فرعون العصر ..لو تسالني هو اقوى لو الحجاج اني اقول هو لان وصلت بيه الحالة يعدم بناته ...)) اما بخصوص تسمية فرعون العصر ؛ فهذه التسمية قديمة واطلقها عليها احرار العراق منذ عقد الثمانينات من القرن المنصرم ؛ واما بخصوص مقارنته بالحجاج ؛ فقد سبقتك اليها ؛ اذ ذكرت في احدى مقالاتي وابحاثي التاريخية ان أسوء ثلاثة حكام حكموا بلاد الرافدين بعد الفتح الاسلامي ؛ هم : زياد بن ابيه – والحجاج – وصدام ؛ وصدام أقذرهم واكثرهم اجراما ... ؛ فلا تردد ما قاله الاخرون وتنسبه اليك ؛ واما بخصوص دعواك اليتيمة بأنه اراد ان يعدم بناته فلا صحة عليها بتاتا ؛ فمن المعروف ان دائرة العقاب تختص بالأمة والاغلبية العراقية واما ابناء الفئة الهجينة فتشفع لهم المحسوبيات والواسطات فما بالك ب بنات الطاغية نفسه , ولعلك تستشهد ببعض الحالات النادرة والشاذة هنا وهناك ؛ كإعدام المجرم فاضل البراك وغيره ؛ فهذه الاحداث لا تشكل قاعدة انما هي من شواذ القاعدة , وقد تحدث بسبب عوامل معقدة تتعلق بتصرفات ونفسيات المرضى من ابناء العائلة الحاكمة القذرة وزبانية العوجة وأوغاد تكريت ؛ وصراعاتهم من اجل المناصب والامتيازات او للتقرب من الطاغية .

واكمل شهادته قائلا : (( ... ؛ 60 بالمية او اكثر من 70 بالمية من اهالي العوجة ما يعرفون هاي القصص ... , اهل العوجة بس يداوم بالجهاز بالمخابرات بالأمن ... ؛ بس ما شايف صدام ... )) صاحبنا ابو وسام (راد يكحلها عماها ) فهو من باب يريد ان يبرئ اهالي العوجة الجلادين من كل قصص الرعب والارهاب والاجرام التي يعرفها العراقيون بل والعالم اجمع , وكأنهم يعيشون في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه ؛ ويعزو سبب عدم معرفتهم بهذه القصص الرهيبة ؛ بأنهم كانوا من اعضاء الاجهزة الامنية القمعية كالمخابرات وجهاز الامن الخاص وغيرهما من غرف الظلام والعذاب التكريتية المرعبة واجهزة القمع الصدامية , ومن خلال ما تقدم نعرف ان 70 بالمئة من اهالي العوجة من المنتسبين للأجهزة الاجرامية القمعية , و الباقين ال 30 بالمئة من المنتسبين للمؤسسة العسكرية كالحرس الجمهوري والحمايات الخاصة وغيرهما من الاجهزة العسكرية الحساسة , والشيء بالشيء يذكر ؛ في احدى المرات سكر المدعو ( حجي عبد التكريتي ) في منطقة الدورة وبالتحديد في بستانين منطقة هور رجب , وتبجح قائلا امام الحضور : (( يا ول احن 400 زلمه شنصير , وكل عراقي يرادله شرطي يوكف على راسوه ... )) فهؤلاء يعترفون بأنهم عماد الدولة ورجال النظام , واركان الحكومة , وعيون صدام على الشعب , فما من صغيرة ولا كبيرة الا واحصوها وعرفوها .

وكيف لا يعرفون بتلك القصص الرهيبة والاحداث الاجرامية والمجازر البشعة وهم ابطالها ... ؛ فهل من المعقول ان لا يعرف الجلاد الضحية و ان لا يعرف القاتل المقتول والذباح المذبوح ...!؟

الذي يستمع الى ابي وسام التكريتي ؛ يعتقد ان اهالي العوجة الجلادين ؛ كانوا يعملون في روضات الاطفال او في المدارس الابتدائية او في دور العجزة والايتام ... ؛ الا يعلم ابو وسام بحقيقة تلك الاجهزة الاجرامية وما كان يفعل بها من مجازر وجرائر وجرائم يندى لها جبين الانسانية ؛ الا يعلم ابو وسام بماذا كان يجري في اقبية تلك الاجهزة الاجرامية ؟

فقد كانت العوائل تعتقل لأتفه الاسباب ؛ أطفالاً ونساءً , وكانت العراقيات يعتقلن بشكل تعسفي ، ويتعرَّضن للركل والصقع بالكهرباء وتعليقهن من رؤوسهن ولشتى أنواع التعذيب وصولاً إلى الاغتصاب، وقد يجري ذلك أحياناً أمام أفراد من عائلاتهن ، وتُحتجز آلاف العراقيات لأشهر أو حتى لسنوات ، وقد يُحكَم عليهن بالإعدام في بعض الأحيان استناداً إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب ، وتشير التقارير إلى أن حوادث الاغتصاب التي أعلن عنها في معتقلات وسجون البعث لا تشكل إلا 1 % من حجم جرائم الاغتصاب التي تعرّضت لها المعتقلات العراقيات، وتشتد حملات الاحتجاز والاعتقال للنساء في المراحل التي يتعرض فيها نظام البعث التكريتي لهزات وتحديات ، إذ أن جدران السجون والمعتقلات ضاقت بالأعداد الكبيرة من السجينات المحتجزات، وفي أحيان كثيرة لا يتم الفصل بين المعتقلات والمعتقلين (1) ... ؛ فكل هذه الاجهزة كانت عبارة عن ماكنة عذاب مستدام ؛ يشرف عليها صدام شخصيا , وهدفها الوحيد حماية النظام وارهاب الشعب وتخويف الامة العراقية , اذ لم تكن تلك الاجهزة الارهابية التكريتية الحاقدة معنية بحماية الشعب او العراق ... ؛ إنما وجدت لحماية صدام و ارهاب الشعب, من خلال السياسة التي انتهجوها وعملوا على توثيقها عبر جرائم قطع اليد أو قطع اللسان , أو كوي اللسان, وغيرها من الجرائم الاخرى, فتوثيقها الإعلامي يأتي ضمن سياسة الخوف وبث الرعب التي اعتمدها رجال النظام البائد في جرائمهم , وهذه السياسة أي سياسة الرعب كانت حاضرة حتى في المجازر التي ارتكبت بعد 2003م, ولا سيما مجزرة سبايكر, التي حرص منفذو الجريمة على نشرها وهو أسلوب فدائيي صدام نفسه ( 2) ؛ وهذا يدل على ان مجرم الامس هو نفسه مجرم اليوم .

..........................................................

1- حزب البعث وانتهاك الأعراض – الجرائم المسكوت عنها / أ.د. حسين الزيادي .

2- جرائم فدائيي صدام في وثائق مركز تسجيلات الصراع (CRRC) / د. قيس ناصر / بتصرف . 



  • رياض سعد
    كاتب وباحث مهتم في شؤون الامة العراقية ومعني بالدفاع عن الاغلبية العراقية وحقوق الانسان
   نشر في 20 أكتوبر 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا