وتألق الحق من صلب اليأس - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وتألق الحق من صلب اليأس

سميرة بيطام

  نشر في 20 ديسمبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

وتألق الحق من صلب اليأس

سميرة بيطام

ان طبيعة الحياة تحتم علينا أن نتأقلم مع مستجداتها بصعبها وبيسرها ، ليس لأن الخطر يفرض نفسه علينا سلبا وانما لأن استمرارية الحياة تستوجب منا الكفاح والمقاومة والصبر وتحمل الألم، أما الأذى فصراعه يحتاج الى ايمان وعدة تقوى نستخلصها من بذور حبنا لله عز وجل.

كثيرون يعتقدون أن نصرة الحق هي مجرد كلام أو صراع لاستظهار القوة أمام الخصم والدفاع عن المكاسب التي خسرناها بسبب تعدي الغير علينا ، ولكن في حقيقة الأمر أن معالجة الضرر لا تكون الا بالنقيض من الأمر بمعنى عدم التسرع في الرد الا ما استوجب الرد السريع لدفع خطر مهلك للنفس فهنا الدفاع واجب ومشروع ولا يحتاج لتفاصيل أدق، أما الصراعات التي يوجد فيها أطراف آخرون لهم الحق من تواجدنا كمواطنين فهنا علينا التصرف بحكمة والأخذ بعين الاعتبار ردة فعل من يشبهوننا في المظالم والمصير ،فنحن لا نعيش على هذا الكوكب بانفراد وبالتالي يجب أن نتصرف كما يمليه علينا ضميرنا ،و يجب أن نحتاط لمشاعر الآخرين من لم يكونوا طرفا في النزاع ولكننا نمثل جزء من جراحهم وأمانيهم وطموحاتهم ولو بجزء يسير من التمثيل ، صحيح أن لكل واحد منا شخصية مستقلة و لا أحد ينوب عن الآخر في عيش الحياة ولكن عندما تجمعنا قواسم مشتركة مثل حب الوطن وتمني ازدهاره بأقل الخسائر في الأرواح والهياكل القاعدية للدولة فهنا علينا أن ننظر لذاك الصراع بنظرة شخص يزن مستقبلنا بميزان ويزن مستقبل تصرفاتنا ككيان سيطمح للمزيد من التشريفات ولا بد له أن يتصرف تصرفا لائقا موزونا بعيدا عن الطيش ونزعة الانتقام وانحطاط الأخلاق ،فما نمثله نحن كنخبة تعرضت للكثير من الأذى وهي تتجاوب مع الميدان علها ترقع فيه ما يمكن ترقيعه ليس بالمهمة السهلة ،اذ تفضل غالبية النخب أن تبقى بعيدة عن حلبة الصراع وبالتالي تحفظ نفسها من شرور الأذية و منهكات الصحة ومنغصات الأمان، لكني أرى في هذه النخبة أنها أنانية هي ترسم التغيير على المقاس الذي يرضي أنانيتها فقط دون أن تحتسب مع أنانيتها حق الغير فيها و أن تواجه الرداءة بمحاولة الاصلاح، فالغير ينظر للنخبة على أنها القدوة التي تستوضح له ما غاب عنه من حقائق وتدله على كيفية اتباع المنهج الوسطي الذي يوصله لبر الأمان بعقلانية وبغير ازدواجية مصالح ،بمعنى تغلب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة وكذا السعي للظفر بالمنصب والمال والفرصة دون التفكير في الغير من هو مستضعف ولا يملك مقومات القوة ليدافع عن حقوقه، ومن منطلق التكافل الاجتماعي تبدو حضارة التعبير عن الحق الضائع بأنه كيل مسلوب من الامتيازات التي هي ملك لنا حُزنا عليها بتعبنا ودراستنا وسهرنا وابتعادنا عن كل مفسدة من شأنها أن تضيع علينا فرصة النجاح، وللأسف فأعداء النجاح يترصدون لكل من يريد أن يفضحهم و يكشف خططهم المدمرة لكل ما هو جميل سواء في بناء الفرد المستقيم أو في سبيل تصحيح مسار قيام الدولة القوية التي هي عنوان النضال لجموع من المخلصين ينتشرون في كل مكان ويتواجدون حيث يوجد الظلم والتهميش والاقصاء والفساد، فحتى لا نعتبر أن الدولة الحالية هي وهن علينا أن نعي كلنا أن الدولة قائمة ولو بسلبيات بعض مواطنيها الذين يحتكمون لأوامر مجموعة جاءت بسبب فساد و استولت على السلطة فتصرفت وكأن الوطن ميراث لها لوحدها ضاربة عرض الحائط حقوق الغير هم الشعب بكل فئاته وأطيافه ، وحيث عانت الديمقراطية لتحقيق ذاك التوازن في المجتمع الا أن مساعي الخيرين مازالت تبذل هنا وهناك ، فعلى كل من تعرض للظلم عليه أن لا يقتصر النظر الى مشكلته الخاصة به فقط و يراها منهكة و متعبة له لوحده ،فهو أنموذج لمجموعة وعدد كبير من المظالم التي طالت أناسا أبرياء ، و يبقى النضال السلمي و المتحضر هو السبيل لافتكاك الحق حين تكون أجهزة العدالة هشة أو مستغلة من طرف قلة قليلة لا توظف معيار الشرعية القانونية كحق دستوري بغض النظر عن الجهوية والأيديولوجيا التي شتتت أكثر مما جمعت، فنحن اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن نوظف أزماتنا بما يخدم وطننا في خضم عملية التصحيح لبعض الآليات التي لم تنجح في صناعة مجتمع متوازن أخلاقيا ومتشبع بروح الوطنية والقيم الدينية التي أراها اليوم تتأرجح بين أن تبدو باهتة وبين أن تثبت حتى تنتصر لأصحابها الذين عانوا التهميش والحقرة بسبب مخاوف بالدرجة الأولى من الفصل الحاسم للقرار الذي هو من سيصنع اللحظة الفارقة في تقويم الاعوجاج لمن أرادوا أن يمتلكوا كل شيء ويحرموا الغير الذي يرون فيه المخاصم لنزواتهم وهواهم المفرط الذي لا يحتكم لشرع الله ،فما كان سلوكا لا يستمد مبادئه من شرع الله يعتبر سلاحا فتاكا دخيلا على قيم المجتمع ووجب مقارعته باستمرار من غير كلل أو ملل حتى يتجلى النصر، فالأفكار السلبية التي اعتادها أصحاب البطون المنتفخة والعقول الخاوية لا بد من محاربتها واستبدالها بأفكار إيجابية تصنع من المواطن الأساس المتين لحماية البلد وتطويق حدوده بالأمان وهذا لا يتحقق الا بالتشبع والاكتفاء من رزنامة الوعي الذي لابد وأن يؤدي دوره في عملية التصحيح وبالتالي التغيير نحو الأفضل..

أصحاب الحق مهما طال ظلمهم ومهما طال صبرهم سيقتصون تأشيرة النصر للانتقال الى الضفة الأخرى من البناء وإرساء قواعد العدل والمحبة والتضامن واقتسام الخير مع الغير وهذا الغير ليس شرطا أن يكون منا بل وجب أن يكون من غيرنا ممن يتقاسمون معنا مبادئ الهوية والدين والمصير المشترك ،وبالتالي فالحق سيتجلى وقت ما سيشعر أصحابه باليأس والتعب الشديد ،لأن البدن تنقص منه القوة والعقل يميل للفتور وللكسل بسبب تراكم زلات الغير انتهاكا وتعديا على حقوقنا، ولكنه سيتجلى في لحظة فارقة غير منتظرة لأن الله اذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، فاحسنوا الظن بالله ولا تيأسوا والقادم أحلى بانتضارنا وينتظر من سيتبعنا في المسار فلنحسن رسم خطواتنا ولنتركها جميلة بألوان زاهية لمن سيخلفنا لأن استمرارية الحياة مرهونة بمدى اتقاننا لرسم طريق النجاح ولو كلفنا غاليا، فالعبرة هي بالثبات على الصعب وتحمل الوعر لحين النصر الأكيد..قال تعالى :

"و كان حقا علينا نصر المؤمنين" الآية 47 من سورة الروم.



   نشر في 20 ديسمبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا