قلم ثرثار .... وعمود يحب الإختصار.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قلم ثرثار .... وعمود يحب الإختصار..

مقال

  نشر في 26 ماي 2015 .

قلم ثرثار .... وعمود يحب الإختصار..

كان بودي أن أقبل كل واحد منكم فردا فردا، لتهنئتي بمولود عمود احتضنه موقع عزيز علي وقريب إلى أفكاري وطموحاتي. أشكر وأضم كل منوه أو شامت لمصيري...

أحاول أن أسطّر كلاما يليق بحجم هذه المناسبة... لقد زاحمتني الأفكار وحضرني سؤال.. حتى بدا الأمر تحديا يجبر القلم على العناء وعدم الإنصياع لتأثير الحرف والفكرة.

كان السؤال... لـمـن أكـتـب...؟

لمن أكتب إذن... هل أكتب لزملاء اليوم وأصدقاء افتراضيين، حيث لا مجال للنسيان؟... أدركت مسرعا أنهم ليسوا بحاجة لشهادتي أو بالأحرى قراءة مقالي... لئن صفحاتهم الفيسبوكيه -ما شاء الله- ضجت بصورهم وكتباتهم وتعاليقهم المرتبطة بمناسبات الوطن الجاحد... فغلبت صورهم أصواتهم، وأذابت حروفهم المكتوبة عبق معاناة ومتاهة السعادة...

لـمـن أكـتـب؟؟... إذن...

أأكتب للبحر... أم لزرقة العين في موجة عابرة …أم أكتب لإعتكاف الليل في الجدائل الشاردة… أم أكتب لورد الربيع الذي غفا على وجنة شعب حالم... أم على ضفاف الحزن المترامي الأطراف...

أأكتب عنك يا وطني ... أأكتب حرقتي وشجني... أم على أماني الآلاف التي دفنت بلا كفن... أأكتب عن الصابرين عن الذل، الذين حملوا خطايا السنين بجوعٍ وعريٍ ودمعٍ ودم... لا وطن ولا أب ولا أم ولا ملجأ غير ذلِّ جارت عليهم السنين وخذلهم ساسة وتجار الانتخابات...

أكتبت لوطن غالي... أكتبت لنقرأ... ما عــاد الحــزن يكفي... ما عادت الدمــوع تكفي... قد أزالوا مــلامح كل شيء... تـباً لهذا وذاك... قد قتلونـا ونحن أحياء جعـلونـا نتحسر على وطن ينزف من كثـرة الوعود واللصوص...

يفيض السؤال تلو السؤال…

يؤخذ عليّ الإسهاب والتطويل في كتابة مقالاتي، مع الأخذ في الاعتبار أن الكتابة ثرثرة. حيث يتحدث الكاتب إلى نفسه، كما لو كان يتحدث إلى أصدقائه ومعارفه وقرائه... فما عساي أن أفعل وأنا أحب الثرثرة والسخرية؟.

دوافع هذا الحب نابعة لكوني أعيش ضمن مجتمع لم يتبق له إلا الثرثرة في كل شيء دون أن يمد يديه إلى جيبه ليدفع مقابلها، وعلى فكرة أصحاب الموقع بخلاء....

الثرثرة هي الشيء الوحيد المتاح لي دون أن أسدد عليه رسوما جمركية، ولا ضريبة قيمة مضافة، ولا تحتاج إلى العملة الصعبة لفتح خطاب اعتماد مصرفي لاستيرادها... كما فعل صاحب "ديالي كبير"...

المشكلة التي تواجه أمثالي، ليس القدرة على الإيجاز، بل عدم القدرة على تتبع الإيقاع السريع للأحداث والشائعات في بلادنا... مع أنه أجمل بلد في العالم...

عندما أكتب، لا أكتب ما يفضله القارئ أو رئيس الموقع... وإنما أكتب ما أفضله أنا... أكتب ما أتنفسه... يمكن أن يكون صرخة... دمعة... ضحكة... همسة...

ككاتب أو بالأحرى مشروع كاتب، اعترف بأني ثرثار بامتياز، لأن كل شيء قابل لدي للشك والتمحيص والتخمين... طالما ليس هناك شيء مؤكد. فلا بد من أن أثرثر عسى أن تقع فيمن يدُلَّك على الحقيقة الغائبة...

الثرثرة مدخل رئيسي لحب الاستطلاع، والأخبار في بلادنا تستدعي الثرثرة مع من تعتقد أنه قريب من المطبخ السياسي وخبير ببواطن الأمور، فتتوسم فيه انفلات لسانه في لحظة تجلي... عندما يثرثر معك بما تعتقد أنه الخبر اليقين من شدة إيهامه لك بقربه من دائرة اتخاذ القرار، وفي النهاية تكتشف أن الأمر مجرد ثرثرة، وبعيد عن الحقيقة بعد الثرى من الثريا وليست كالتي تشبه ما لدى صاحبنا في منزله...

لنأخذ مثلاً أخر، فعادةً ما تستغرق الزيارات العائلية بين الزوجات، والمعروف عنهن الثرثرة، ما ليس أقل من ساعة، ولكن الثرثرة مابين الاستئذان بالانصراف، والانصراف الفعلي تستغرق ساعة ونصف أخرى، يكون مسرحها المسافة بين غرفة الجلوس وباب المنزل.

لـمـن أكـتـب إذن؟؟ نعم.. لقد قررت أن أسطر حروفي فقط... سأكتب لعناوين الوصول والإنطلاق...

نعم سأكتب لنفسي فقط، سأكتب لعبق الإنسان... للعنوان، حيث للحرف والكلمة أحكام وحكمة وحكّام وقضاة ومحاكم للتفتيش... بكم أدركت أن الحق يحتاج إلى صوت، بكم تعلمت أن الضوء الأحمر هو بداية لا توقف... بكم عرفت أن دقات الساعة لا تقل أهمية عن دقات قلبي وأن للثواني قيمة... والدقائق حكاية... والساعات رحلة. بكم وعلى مدار سنوات الخمس الإفتراضية، كبرت... عقلت... ونضجت... بكم آمنت أن الوطن أغلى من الرؤساء والوزراء والمدراء... بكم أيقنت أن المواطن صاحب حق وأنا لسان حاله... بكم تدربت وتتلمذت وتعلمت أن الإعلام مسؤولية والتزام... وأن الحرية حق مكفول بسقف سماء... بكم ضحكت.. وأحيانا بكيت... بكم نطقت بلغة الحب والوفاء... رغم أنني العاطل عن العمل وحب الوطن... لغة الولاء والانتماء بكم صدحت...

سأبقى أكتب عن وطني حتى تجف جميع أقلامي، وصرخة الآهات وسكب الدمعات تبلل أوراقي. وطني الغالي أنت حبي وأملي. أنـت جرح سكن في أوردتي. لن أكف بالكتابة عنك مدى حياتي... أنا بلسان جيل العدميين والسفهاء...

حروف وكلمات باتت تحرق قلوبنا في هذا الزمن المرير، لتعيد تلك اللوعة الجميلة إلى قلوبنا وتسر خاطرنا في بسمة إبداع... رغم أنها تكاد ترتسم في زمن قل فيه المبدعون... فالكلمة أرجوانة نهضت من بين كل الأشواك... لترفع وتصور وترسم أهات ومعانات الشرفاء...

سيضل القلم يكتب للوطن أروع الحروف... فالوطن أغلى ما نملك نكتب له ونناضل من اجله...

فلتكتب كل الأقلام أجمل وأرقى الحروف للإنسان... والإنسان ابن بيئته.. وأنا ابن البيئة... عاطل عن العمل وحب الوطن...

سعيد تيركيت

الخميسات - المغرب - 18 / 05 / 2015



   نشر في 26 ماي 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا