العدالة الإلهية
بين الحقيقة و الخيال
نشر في 16 أبريل 2017 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
عزيزي القارئ \ عزيزتي القارئة , كثيرا ما نسمع عن العدالة الإلهية و كثيرا ما كنّا واثقين أن العدل هو صفة من صفات الإله , و بمجرد سماع تلك الكلمات تتوارى في أدهاننا العديد من القصص فحواها أن الإله دائما ما يساعد العبد و يكافئه في نهاية القصّة , و لكنّ العدل على أرض الواقع شيئ أخر و كأنّه خرافة من خرافات بني البشر , و كأن ذلك الإله لم يعد قادرا على السيطرة على خلقه و فقد قوّته لفرض العدل ! .
دعونا نأخذ الموضوع بكلّ سلاسة و مرونة , إن كان الإله عادلا فعلا فلماذا يقف متفرّجا أمام كل الجرائم الفظيعة و الشنيعة التي تحصل في العالم ؟ حسنا فلنفرض أن نصف العالم ( ملحد ) غير مؤمن بوجود الإله , فأين هو لم نر منه العدل و الرحمة إتّجاه النّصف الأخر المؤمن به ؟ أين العدل الإلهي في مجازر سوريا ؟ أطفال و نساء و شيوخ و عجائز تموت بالعشرات كلّ يوم و هم ليسوا بطرف في تلك الحرب ؟ أين عدل الإله عندما قصف بشّار الأسد مدينة خان شيخون و جعل منها مختبر حرب كيمايئّة ؟ أين عدل الإله عندما أسقطت قنبلة هيروشيما ؟ أين عدل الإله و أطفال و نساء الصّومال يموتون من الجوع كلّ يوم ؟ أين عدل الإله و المسلمين يموتون بالمئات كلّ يوم ؟ هل الإله فقير لا يستطيع إطعامهم ؟ هل الإله ضعيف لا يستطيع حمايتهم ؟ أليس الإسلام هو الدين عند الإله ؟ أين هو لا نراه يدافع عن دينه ؟ أين معجزاته ؟ أين قوّته و جبروته ؟ هل خلق الإله البشر و خانهم ؟ هل البشر أقوى من الإله ؟ أم أنه راضِ بما يجري على هذا الكوكب ؟ أم يا ترى صنع البشر حتّى يسلّي نفسه و يشاهدنا نتقاتل و نتصارع و هوا مستمتع بهذا و كأنّه يشاهد أحد البرامج الواقعيّة على شاشة التلفاز ؟ أين أنت أيّها الإله؟ ألم يحن الوقت المناسب لإظهار نفسك بعد ؟ ألم تحن اللحظة الّتي تساعد فيها من أمن بك ؟ أم ستبقى مشاهدا بصمتِ هكذا ؟ أين و كيف و لماذا ! و تظل سلسلة التساؤلات حلقة مفتوحة تتبع بعضها البعض إلا مالا نهاية .
دعوني اخبركم شيئا , البعض منّا يولد بالفطرة مؤمناَ فيجد نفسه مضطرّا في الإستمرار فيما وجد نفسه عليه منذ نعومة أظافره , فيؤمن بالإله و بالعدل و بكل شيئ , ليس خوفا و ليس حبّا في الإيمان أو حبّا في الله بل يفعل ذلك فقط لإنّه ولد في عائلة مؤمنة و كلّ من حوله من الناس مؤمنون فيضطّر بدوره التّماشي مع التيّار و الإيمان مثلهم , و هناك النوع الثاني و هو الّذي يؤمن بحقِّ بوجوده الإله و بالكتب السماويّة و بالعدل الإلهي إيمانا حقيقيّا , لماذا ؟ لا أدري ربّما يجد السكينة و راحة البال في ذلك , او ربّما لديه أسباب خاصّة به أو ربّما تأمّل و تأمّل فإختار ذلك الشّيئ حتّى إن لم يرى ذلك العدل قط في حياته , و أخيرا هناك النّوع الثّالث و هو المؤمن من الخوف , المؤمن من الخوف و بسبب الهلع و الرّعب , هذا النوع من البشر ليس مؤمنا بشيئ في حقيقة الأمر بل يوهم النّاس و يوهم نفسه بالإيمان و العدل و الخشوع و في حقيقة الأمر ما هو إلّا بخائف من قصص ما بعد الموت , فتجده بينه و بين نفسه يفكّر ما إذا إنتهت حياتي الأن هل سيكون هناك أخرة فعلا ؟ هل هناك جنّة و نار فعلا ؟ هل سوف يصفعني و يضربني الثّعبان في قبري ؟ هل سيأخدني يسوع معه إلى الجنّة ؟ , كل تلك الأسئلة تجعله مؤمنا بسبب الخوف من تلك الأشياء و ليس لأنّه مقتنع بالعدل أو الإله أو غيره .
يظلّ الإنسان كائنا ضعيفا في بعض الأحيان و دائما ما يحتاج إلى غداء لتلك الرّوح حتّى يستطيع الصّمود و البقاء على قيد الحياة , البعض يجعل من الفن و الموسيقى غداء لروحه و البعض الأخر يؤمن بالكتب السّماويِّة و البعض و البعض و البعض , فكلّ واحد منّا يفكّر بطريقته الخاصّة , كل إنسان له عقل مختلف عن الأخر و روح لا تشابه روحاَ أخرى , فالتنوّع سبب من أسباب الحياة على هذا الكوكب ...
أتمنّى أن تكون المقالة قد أعجبتكم ...
-
Nezar Alazzabiإسمي هو نزار العزابي من مدينة زواره \ ليبيا , عمري 27 سنة , مهنتي الرئيسية هي تطوير البرمجيات و ادارة قواعد البيانات , و الكتابة هي هواية عندي و شغف ...