كما إن البذور الطيبة لا يمكن أن تنمو في تربة مالحة سبخة ؛ كذلك الوعي والتعقل لا تجده في بيئة الحمقى او بين اوساط البلهاء , و يبدو أنَ ظاهرة انتشار الحمقى والبلهاء والجهلة بين الشيعة ولاسيما العرب والعراقيين منهم قديمة جداً ؛ ولهذه الظاهرة اسباب عديدة ومنها : اتصاف الشيعة بالطيبة الزائدة ( الفطارية ) والسذاجة ( من اهل الله كما يقول العراقيون ) , وابتعادهم عن مراكز القرار الحكومي وبالتالي حرمانهم من فرص التعلم والتطور , ومطاردة واقصاء وتهميش الحكومات الظالمة لهم , وتعرض مناطقهم للاضطرابات والغزوات والفيضانات والنكبات المستمرة مما ولد بيئة غير مستقرة لاسيما في ظل الاحتلالات الاجنبية ... الخ ؛ وهذا لا يعني ان الحماقة وقلة الوعي السياسي محصورا بالشيعة او الاغلبية العراقية بل لعله في غيرهم اكثر انتشارا واوسع نطاقا الا ان الحكم ستار العيوب والسلطة تخفي مثالب اتباعها على خلاف الشيعة المعارضين والاغلبية المهمشين ؛ وكلنا يتذكر ( النكات ) التي كانت تطلقها اجهزة النظام البائد للاستنقاص من ذكاء الاكراد والدليم – على سبيل المثال وليس الحصر - .

نعم وردت بعض الروايات القليلة والتي سلطت الاضواء على هذه الظاهرة ومنها : ما أوردَه الطبرسيّ في كتابِه الاحتجاج (ج2/ص288) في ذمِّ جهلةِ الشيعةِ، اذ جاءَ : (( وممّا خرجَ عن صاحبِ الزمانِ صلواتُ اللهِ عليه، ردّاً على الغلاةِ منَ التوقيعِ جواباً لكتابٍ كُتبَ إليه على يدي محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ هلالٍ الكرخي: يا محمّدُ بنُ عليّ تعالى اللهُ وجلَّ عمّا يصفون، سبحانَه وبحمدِه ، ليسَ نحنُ شركاؤه في علمِه ولا في قُدرتِه ، بل لا يعلمُ الغيبَ غيرُه، كما قالَ في مُحكمِ كتابِه تباركَت أسماؤه: (قل لا يعلمُ مَن في السماواتِ والأرضِ الغيبَ إلّا الله ) ... ؛ يا محمّدُ بنُ علي قد آذانا جهلاءُ الشيعةِ وحمقاؤهم ، وَمَن دينُه جناحُ البعوضةِ أرجحُ منه ... ))

وايضا وردت روايات عن ال البيت تصف رجال الدين الجهلة والدجالين والمغالين والمرتزقة ؛ فقد جاء عن الإمامِ الصادقِ في وصف علماءِ السّوءِ : ((…هُم أضرُّ على ضعفاءِ شيعتِنا مِن جيشِ يزيد على الحُسينِ بنِ عليّ (عليهما السّلام) وأصحابِه، فإنّهم يسلبونَهم الأرواحَ والأموالَ، وهؤلاءِ علماءُ السّوءِ الناصبونَ المُتشبّهونَ بأنّهم لنا موالون، ولأعدائِنا معادون، ويُدخِلونَ الشكَّ والشبهةَ على ضعفاءِ شيعتِنا فيضلّونَهم ويمنعونَهم عَن قصدِ الحقِّ المُصيب...) (1)

وما ورد عن الامام محمد الباقر: (لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكاً والربع الاخر أحمق) , مما لاشك فيه ؛ ان بعض الروايات التي وردت بحق هذه الطائفة او ذاك المذهب او هذه القومية او تلك الفئة سواء كانت مضامينها ايجابية ام سلبية ؛ روايات سياسية مدسوسة الغرض منها الاستنقاص من هذه المجموعة او رفع القيمة الاجتماعية والدينية لتلك الطائفة ؛ وقد عليكم مثال الاكراد والدليم في عهد حكم صدام التكريتي انفا ... ؛ والبعض الاخر منها مكذوب الا انه قد يكشف لنا عن ظواهر اجتماعية وحقائق تاريخية نستطيع التعرف عليها من خلال السطور وما وراها ... , وعليه قد اشكل بعض رجال الدين على تلك الروايات وابطلوها واليكم مثال على ذلك : (( ولإيضاح هذه الرواية نقول : أولاً: هذه الرواية ضعيفة السند، فإن من جملة رواتها سلام بن سعيد الجمحي، وهو مجهول الحال، لم يوثَّق في كتب الرجال.

قال المامقاني: سلام بن سعيد الجمحي قد وقع في طريق الكشي في الخبر المتقدم في ترجمة أسلم القواس المكي، روى عنه فيه عاصم بن حميد، وروى هو عن أسلم مولى محمد بن الحنفية، وهو مهمل في كتب الرجال، لم أقف فيه بمدح ولا قدح

ومن جملة الرواة أسلم مولى محمد بن الحنفية، وهو أيضاً مجهول الحال، لم يوثَّق في كتب الرجال... ؛ وعليه فالرواية لا تصح، ولا يجوز الاحتجاج بها.

وثانياً: بعد الغض عن سندها نقول: إن كلمة (لو) حرف امتناع لامتناع، وهو يدل على امتناع شيء لامتناع غيره، ففي الخبر امتنع أن يكون ثلاثة أرباع الشيعة شُكَّاكاً والربع الباقي حمقى، لامتناع كون كل الناس لهم عليهم السلام شيعة... ؛ وبهذا لا يكون في الحديث أي إشكال على الشيعة والحمد لله، ولا يدل الحديث على أي ذم في البين.

ولهذا لا نرى من يقول بتعدد الآلهة، وبفساد السماوات والأرض، مستدلاً بقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ ، وذلك لأن (لو) حرف امتناع لامتناع، وهو يدل على امتناع فساد السماوات والأرض لامتناع تعدد الآلهة.

ولعل السبب في أن الناس لو كانوا كلهم شيعة لكان ثلاثة أرباعهم شُكَّاكاً وربعهم الباقي حمقى، هو أن الناس لو كانوا كلهم شيعة لكانوا يتلقون عقائدهم تقليداً، ولا يجدون في الناس من يخالفهم ويدعوهم لإثبات ما هم عليه، فيؤول أمرهم في نهاية الأمر إلى عروض الشك عليهم في ما هم فيه من الحق. بخلاف ما إذا تعدَّدت المذاهب، فإن صاحب الحق يتيقن بحقه إذا رأى أن حجته تدحض حجج خصومه ومخالفيه... ؛ وأما الربع الباقي فهم الذين لا يفقهون ولا يميِّزون، فهؤلاء الذين ينعقون مع كل ناعق.

وهذا الربع موجود في الناس في جميع الأعصار، ولو كان الناس كلهم شيعة لكانوا من جملتهم، وأما مع اختلاف المذاهب فسيكون هذا الربع الأحمق موزَّعاً في الطوائف، وسيكون أكثره في غير الشيعة بحمد الله وفضله، لقلة الشيعة وكثرة غيرهم)) .(2)

وبغض النظر عن هذه الروايات وصحتها سندا او دلالة ؛ هذه الظاهرة موجودة وفي اغلب المجتمعات ؛ اذ ما من مجتمع يخلو من هؤلاء ولكن النسب تختلف من مجتمع الى اخر ؛ وكلما ازداد عدد الجهلة والحمقى والبلهاء زادت النسبة والعكس صحيح ... ؛ والاغلبية العراقية لا تختلف عن باقي المجتمعات والفئات ؛ ولعله بسبب نشاطات الخط المنكوس والاعداء وحكومات الفئة الهجينة الظالمة والطائفية ضد الاغلبية العراقية ازدادت نسب الجهل والسذاجة والحمق والتخلف والامية والتعصب والانغلاق والتوقع على الذات والانكفاء والماضوية والهشاشة الفكرية وانعدام الوعي السياسي واللياقات الاجتماعية بين ابناء الوسط والجنوب ... .

فقد نشا شباب الاغلبية العراقية في بيئات موبوءة ومليئة بالأزمات والقلاقل والاختناقات ؛ بالإضافة الى انهم تأثروا بوسائل الاعلام المنكوسة والمعادية ؛ مما اوجب دخول الشك والزيغ والريب في قلوبهم , وانتشار الاشاعات والدعايات والتفاهات بينهم ... , ومن أخطر ألوان الانحراف هو الانحراف الفكري والعقائدي ، لاسيّما إذا صدر بإيحاء أنه من الصميم الداخلي ومن نفس الطائفة والمجموعة ، أو قام على أساس إصلاح في الرؤية الفكرية او الهوية الوطنية ، كبعض الجهلة من رجال الدين ممَّن يرتدي ويتمظهر بزي أهل الدين وطلاب المعارف الدينية ، لاسيما اذا طُليت الفكرة المنحرفة بغطاء القداسة ، كما قام المدعو المنحرف فاقد الموسوي بمدح العوجة ( الشجرة الخبيثة ) في قصيدة منكوسة بتراء يدعي انها ( لطمية حسينية ) وادعى ان اهلها من خدمة المواكب الحسينية ... , ومما زاد في الطنبور نغمة ؛ تبرير الجاهل التافه المدعو الشيخ شهيد العتابي لهذا المنكوس , ومدحه اياه , وصدق من قال : ان الطيور على اشكالها تقع , وادعى الجاهل العتابي ان هذه القصيدة تدعو الى الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية ... ؛ ومن انت ايها الابله كي تحدد مفهوم الوحدة ومصاديق الطائفية , وهل الاشادة بالمناطق الارهابية والتي شهدت سفك دماء المسلمين من الشيعة والسنة على حد سواء , والادعاء الكاذب بكون تلك المناطق اقامت مواكب العزاء باسم الامام الحسين وهي في الحقيقة والواقع تقيم الاحتفالات وتسهر الليالي على اغنام (الجوبي ) والرقص و(الجيلات) والاطلاقات النارية فرحا وسرورا بالتزامن مع ايام عاشوراء ؛ يعد من مصاديق الوحدة ونبذ الطائفية ؟؟!!

توجد مئات الامثلة الواقعية الاخرى والتي تؤكد مظاهر الوحدة الاسلامية والتلاحم الوطني والاخوة العراقية ونبذ الطائفية ؛ غير مثال موكب العوجة الارهابي وموكب الفلوجة الدموي ؛ ولعل المدعو فاقد الموسوي والمدعو شهيد العتابي ومن لف لفهما من سقط المتاع وحثالة الاغلبية في قادم الايام ؛ ينشد قصيدة دينية ويؤدي ( لطمية حسينية ) يمتدح فيها النواصب الذباحة وحركة طالبان الارهابية بحجة الوحدة الاسلامية ونبذ الطائفية ...!! .

هؤلاء المنحرفون المرتزقة حياتهم تسير بين محور الافراط ومحور التفريط ؛ ولن يسلكوا جادة الاعتدال والواقعية والتعقل والوطنية الاصيلة ؛ لذا اضحوا مثارا للسخرية والاستهانة والاستهزاء وموردا للطعن والسب والشتم من قبل اغلب العراقيين الاصلاء ومن مختلف الطوائف والجماعات ؛ فمن سب الصحابة الى مدح العوجة والاشادة بالموكب الحسيني الافتراضي .

ومن الطبيعي ان الناس في كل مجتمع يصنفون الى عدة اصناف ؛ وهذه قضية بديهية وجدانية ؛ فهناك طائفة السُذّج : وهم بسيطو الفكر، إذ ليس لهم بضاعة فكرية يلجُون بها ساحات الفكر، وهؤلاء هم الذين قصدهم الامام علي واسماهم بالهمج الرعاع في حديثه هذا : (الناس ثلاثة: عالم ربّاني، ومتعلّم على سبيل النجاة، وهمج رعاع، أتباع كلّ ناعق...) ؛ و طائفة الحمقى : وهم الذين يظنّون أنَّهم يحسنون صنعاً، فحركاتهم العملية والعلمية ليست قائمة على أسس ومناهج عقلائية، بل هم إلى النهج السفهي والقشري أقرب، فإنَّهم فضلاً عن عدم استجلاب ربح ؛ يستجلبون ضرراً عليهم أو على غيرهم من بني قومهم ، وقد حذر الامام محمد الباقر اتباعه الخلص من الاستماع لهم ؛ اذ قال لابن عطاء : (يا عبد الله بن عطاء قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى -( أي شرعت تفتح وتبسط أذنيك للحمقى تسمع منهم ) - ... ؛ وطائفة أصحاب الجهل المركب : وهم الذين يكثرون في قطوعاتهم الدوغمائية غير المصيبة للواقع، فيرون أنفسَهم أنَّهم تزيّوا بزيّ العلم وهم أقرب إلى الجهل والخطأ منه إلى الواقع، ولا يرتضون لأنفسهم أنَّهم قد أخطأوا، بل تأخذهم العزّة بالإثم كما يقال ، لأنَّه لازم لا ينفك عن هذه الطائفة ، فتكون حركتهم العملية الخارجية على وفق ما هو المحفوظ في أذهانهم من الجهل... ؛ وامثال هؤلاء ذكرهم كتاب القران الكريم : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ * وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِْثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) –البقرة : اية ٢٠٥ و٢٠٦ -.. ؛ و طائفة المستضعفين : وهم المسلّمون للواقع الاجتماعي الخارجي الفاسد، وينعقون مع كلّ ناعق، ويصفقون مع كلّ مذهب، فنهجهم التسليم للآخر من دون الوقوف على حقيقته ... ؛ و طائفة التقليديين المتعصبين : وهم الذين انقادوا لتعصّبهم وولائهم الأعمى للآخرين المقتضي لتقليدهم والترويج لهم والذوبان فيهم ، والعبودية الكاملة لكبرائهم ، أعمّ من أن تكون نكتة التقليد تعصّب العشيرة أو التعصّبات القبلية والقومية والفئوية والحزبية والشخصية ونحو ذلك، فعن الامام علي :((ألا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَكُبَرَائِكُمْ الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ ... )) , و طائفة المعاندين وأصحاب اللجّة : ممَّن لا يُجدي الإنذار معهم، فليس لهم همٌّ إلاَّ مخالفة الآخر، ولم يكن مقصودهم كشف الحقّ قط بل شعارهم خالف تعرف بل خالف حتى وان لم تعرف ، فهؤلاء ليس لهم منافع سوى إرادة الظهور او المخالفة لأجل المخالفة ليس الا ...!! ؛ وطائفة الماديين والشهوانيين وطلاّب المصالح : ممَّن لم يكن لهم غرض إلاَّ النفعية الحيوانية الدنيوية والمادية ، وهم لأجل الوصول إلى هذا المقصد مستعدّون ليسلكوا أيّ سبيل كان ، فلا تحكمهم المعايير الاخلاقية ولا تضبطهم المقاييس الوطنية والانسانية ، و طائفة الاُحادية والاستحواذ الفكري، وتهميش وإلغاء فكر الآخر : فهم لا يأذنون للآخر في الحديث، ويسدّون الأبواب عن الحوارات العلمية , ويرفضون النقد البناء والحوار الهادف ، ويرون لأنفسهم أنَّهم يملكون كلّ شيء بما في ذلك فكر الآخر، بل يسعون لرسم مفردات فكر الآخر وكيف يفكّر، ويلزمونهم بأن لا يتعدّوا ولا يتجاوزوا ذلك، وطائفة المنافقين : وهم الذين يحملون المعايير المزدوجة، فخطابهم غيرُ واقعهم، ويضمرون في قلوبهم غيرَ ما يظهرونه على ألسنتهم، و طائفة المتخبّطين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء : وهم المتذبذبون، فكلّ يوم يصطفّون في معسكر، فلم يكن لهم مسيرة محدّدة فضلاً عن أن تكون لهم بداية معيّنة ونهاية معلومة، وبهذا لم يكن لهم ميزان في المتابعة والملاحقة فلم يستضيؤوا بعلم ولم يسيروا على منهج، فيزدادون ضلالاً كلَّما مشوا ... ؛و طائفة الإيغال الفكري العبثي : الذين لا يحملون هاجساً وهمّاً إلاَّ الفكر، فلم يدرسوا الفكر لأجل الواقع، وإنَّما درسوا الفكر للفكر، فهمّهم المصطلحُ والعنوانُ لا الواقع والمعنون، فيفترضون فروضاً علمية وذهنية هي أقرب إلى الخيال الموهوم منه إلى الحقيقة والصواب، فليس مقصودهم بيان المعالجات وحلّ المشكلات، وإنَّما مقصودهم زيادة الشكوك والفروض، والإكثار في بيان الفكر الفارغ المنطلق من الذهن البارد ذي الجسد الخالي من الروح ،و طائفة السوفسطائيين : وهم الذين لا يرون وجود واقع وثبات قيم أو أنَّ الحقّ عندهم أن يكون الحقّ متغيّراً، فلا حقيقة ولا صواب ولا واقع، فواقعيّة الواقع عندهم أن لا واقع له، فالذي لا يرى أن يكون لنفسه حقّ وواقع فبطريق أولى أن لا يرى لفكره حقّاً وواقعاً ... ؛ فهم مجرد اعتبارات نظرية بحتة ووهم وظلّ وخيال ، و طائفة العبيد، وهم الذين يرون كمالهم أن يكونوا خدماً وأذرعاً للآخرين، فهم الأسوء في نوعهم، إذ أنَّ محرّكيتهم وباعثيتهم في أفعالهم الخارجية عبوديتهم لغيرهم، فصاروا محرقة ومطحنة ووقوداً لدنيا غيرهم ...(3) .

وكل هذه الاصناف والطوائف موجودة في اوساط الاغلبية والامة العراقية ؛ فوجود مثل هذه الطوائف قضيّة وجدانية فطرية لا يختلف فيها اثنان، إلاَّ إذا صار المبنى التنظير بالقيم المثالية، لئلاَّ نجرح عواطف أمّتنا ومجتمعنا، لكنّنا نريد أن نكون واقعيين ونعمل بالوقاية والعلاج قدر المستطاع، فنعالج ما يمكن علاجه من الانحرافات من خلال سد الثغرات، وإيجاد السبل للفهم الصحيح. وهذا يحتاج منا بذل الجهود الحثيثة في سبيل اصلاح ما يمكن اصلاحه من هذه المظاهر السلبية والرؤى والآراء الطوباوية والظلامية والماضوية والسلوكيات الهابطة والتصرفات المرضية ... .

ومن العجز والخطأ وسوء التدبير والتقدير الان ؛ اهمال هذه الاصناف من العراقيين الاصلاء وعدم الالتفات لهم وتصحيح مسيرتهم وتغيير سيرتهم بما ينسجم مع الاوضاع المعاصرة والتحديات الانية والتطورات العلمية والفكرية والثقافية , وعليه ان لم نأخذ على ايدي هؤلاء وتركناهم وشأنهم ؛ فأنهم لا محالة سوف يخرقون السفينة فيغرقون ونغرق معهم .

....................................................................

1- بحارُ الأنوارِ للمجلسيّ (ج2/ص89) نقلاً عن تفسيرِ العسكريّ .

2- .نُشرت هذه الإجابة في الموقع الرسمي لجناب الشيخ علي آل محسن.

3- العقيدة المهدوية إشكاليات ومعالجات / تأليف: السيّد أحمد الإشكوري / بتصرف .