الميتالغة في نص معَ تموّج الشفق

للشاعرة - د - سجال الركابي

قراءة - صدام غازي محسن

----------------------

تعريف

ما بعد أو ميتا هي كلمة يونانية الأصل تعني (بعد) أو (وراء), وهي بادئة لفظية تستخدم في تكوين اشتقاقات وتعني بعد شيء ما, أو انتقال إلى شيء آخر.

النص

معَ تموّج الشفق ) / د سجال الركابي

سأهمسُكَ ... مع تموّج الشفقِ

كُنتَ دوماً في خيالي

ذاك الذي

ماتعلّم يوماً

المشي على الأرض

ترجرجَ بكَ

شهقة صمتٍ

في تغريدة كروان

دُعاءً في عيونٍ خرساء

وأنّكَ كُنتَ لقلبي المتعَبُ شعاعاً

لن تَنسَاني

ستذكرني وأنتَ ...ترتشفُ الماء

تسللتُ إلى

حنجرتكَ ... عطركَ

غمّازةُ فرحٍ سأنقرُ خديّك

في غدٍ

ذاكَ الذي ... بدوني

يخطو الى الوراء

تبتدئ الشاعرة بلفظة سأهمسك ... وهنا أتت الكلمة أصطلاحيا بمعنى الصوت المنخفض أي الصوت الذي لا يراد به أن يسمع .

وأتت الميتالغة أي ما بعد الهمس , فتكمل الشاعرة التسلسل في هذه اللغة فتقول

سأهمسُكَ ... مع تموّج الشفقِ

والشفق هو الذي اللون الذي يتكون غالبا من الحمرة , يبتدء بداية الغروب الى العشاء ، أو هو ايضا الالوان التي تتكون في أقطاب القطب الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية .

وهنا تداخلت كلمة الهمس مع الألوان أو اللون لتكمل مابعد الهمس وتموج الشفق . مزجت الشاعرة بين الملموس وهو فعل الهمس , وبين المحسوس وهو رؤية الشفق فتتسلسل الشاعرة .

كُنتَ دوماً في خيالي

ذاك الذي

ماتعلّم يوماً

المشي على الأرض

عكست هنا الهمس والذي أكدت أنه محسوسا روحيا ذات بعد تأملي فهو كان يسكن في الخيال اي في خيال الشاعرة , وهو ذاك الذي يشبه تموج لون الشفق في تدرجه والذي ما تعلم يوما المشي على الأرض , ك لغة ماورائية .

كتشبيه له بتموج الشفق الذي لم يلمس الارض يوما , وأتت هنا الارض في الميتالغة وتقصد بها في كينونيتها هي الارض ذاتها وهو الشفق الذي يسكن السماء

لتتسلسل لما بعد لغة النص

ترجرجَ بكَ

شهقة صمتٍ

في تغريدة كروان

دُعاءً في عيونٍ خرساء

وأنّكَ كُنتَ لقلبي المتعَبُ شعاعاً

أتى الربط بين الرجرجة وتغريدة الكروان , لتكون هي أي شهقة صمت هي الربط بين العبارتين , فالترجرج هو الأضطراب وتغريدة الكروان هو الصوت ، فاتت شهقة صمت لتربط بين الأثنين في تعبير مؤكد وغير مؤكد بذات الوقت , فالترجرج موجود والتغريدة ذكرت لكن أخذت شهقة صمت في حالة تشكيكية بين الاثنين فهي مؤكدة الصمت ومؤكدة صوت الكروان في دمج لغة ما بعد التصور والإستنتاج ايضا , لكنها أي التغريدة (( دُعاءً في عيونٍ خرساء )) لغة الشاعرة مارست دور التداعي ، لتربط الدعاء في العيون الخرساء بصورة الشفق , فكانت الصورة صورية تخيلية ولم تكن ملموسة بالفعل .

تكملة النص ...

لن تَنسَاني

ستذكرني وأنتَ ...ترتشفُ الماء

تسللتُ إلى

حنجرتكَ ... عطركَ

غمّازةُ فرحٍ سأنقرُ خديّك

في غدٍ

ذاكَ الذي ... بدوني

يخطو الى الوراء

تسللتُ إلى حنجرتكَ ... صورة شعرية لما بعد أي الكلام , أو التكلم عن الشخص كحالة إخبارية بأن الحديث عنها وصل بطريقة وأخرى .

غمّازةُ فرحٍ سأنقرُ خديّك

في غدٍ

هنا اتى الوصف عن الأبتسامة المستقبلية عند أول لقاء , وهو أي الوصف أتى كميتالغة تنبوئية مستقبلية ..

وفي الولوج الى النص نرى إن الشاعرة تكلمت الميتالغة , فانتقلت الى ماورائيات النص لتخبرنا عن الغد الذي سيبتسم لها في لغة شفافة تعتبر .

أجادت فيها الشاعرة الربط في الصور ، ما بين الهمس والشفق لتستخدم ما بعد اللغة وتربطه بالتداعي , فربطت الافكار بعضها مع البعض الاخر كما في الدعاء أي التأمل خيرا , والعيون الخرساء اي الصمت… لغة أجادتها الشاعرة لتكمل بلغة إخبارية عن الغد الذي لن يكون مبتسما الا بوجودها . ويعد الخطاب الذي استخدمته الشاعرة خطابا ذاتويا يغلب عليه التخيل الذهني مختلطا بالملموس القليل والملموس المستقبلي ، فأتت كلمات ( الهمس - الخيال - عيون خرساء - الشعاع - الغد ) يعتبر من المحسوسات السايكولوجية وأتت العبارات البيولوجية مقابل تلك العبارات ( المشي على الأرض - ترجرجَ بكَ - شهقة - تغريدة كروان - ترتشفُ الماء - تسللتُ - أنقرُ - يخطو الى الوراء ) في وصف حالة الحاضر والمستقبل , تبطنت تلك المفردات بميتالغة شفافة وبجمالية ألوان الشفق التي رسمت بالسماء .