عندما كنت صغيراً و كانت أظافري ملساء لا تعرف خشونة الحياة أعتدت أن أتربع و أتقرفص أمام التلفاز الخشبي ذو "الأريل" منتظراً بشوق المسلسلات و البرامج لأشاهد الشخصيات التي لطالما أحببتها و عشقتها و تأسيت بها في حياتي رغم حداثتها .
مرت السنوات و كبرت و شاخت تلك الشخصيات معي و لم أكن أتوقع أو أصدق يوما أن ألتقي بها لشدة ذهولي و إعجابي بها ، و لكن شاءت الأقدار أن أدخل هذا المجال الواسع الكبير و أخوض غمار هذه التجربة الفريدة في الإعلام لأعيش عن قرب مع هذه الشخصيات و أعايشها و أتعرف عليها و أكون صديقاً للبعض منها .
منذ ذلك الحين و حتى هذه اللحظة التي أخط فيها هذه الكلمات استوطنتني الصدمة و خيبة الأمل مما شاهدت ، فبعض الذين كنت أظنهم أبطالاً أسطوريين ليسوا سوى دمى تحركهم النصوص و يأرجحهم المخرجون أما في الواقع فهم لا يمتلكون أدنى مقومات الثقافة و المعرفة التي يجب أن يمتلكها المثقف أو من ينتمي إلى هذه الطبقة التي كنت أظنها النخبة في ما مضى ، و أما المنظومة الأخلاقية للمثقف فهم بعيدون عنها و لا يمتون لها بصلة البتة و لا يعرفون إليها سبيلا ، و هنالك وباءٌ مستشرٍ في هذا الوسط و هو مرض الغيبة و النميمة الذي من النادر أن أرى أشخاصاً يمتلكون مناعةً ضده أو حتى مصلاً لعلاجه .
و يبقى السؤال الذي يفرض نفسه بقوة ، كيف لهؤلاء أن يشكلوا الرأي العام في المجتمع و كيف لهم أن يُعَلِمونا ما لا يعلمون و يدركون؟
يعرف الباحثون و المختصون في مجال الإعلام بأن الإعلام ينقسم في تعريفه إلى شقين أساسيين هما أن أَعْلَمَ أولاً ثم أُعَلِمَ و هذا ما لا ينطبق على هؤلاء .
و أخيرا أود التنويه للقارئ بأن هذه مجرد قصة من نسج الخيال و يمنع تداولها لمن هم دون الثامنة عشر .
-
إبراهيم بن حاتمإماراتي الأصل رافديني الهوى عاشق على ذمة بغداد