تتعدد وسائل نشر الإبداع ،وتتنوع وسائطه الرقمية والورقية،وينتقل المبدع كيفما كان مستواه الإبداعي من وسيلة إلى أخرى،ومن وسيط إلى آخر،بغية توسيع دائرة الاطلاع على أعماله الفنية وإبداعاته،شعرية كانت أو تشكيلية وغيرها،وإتاحة الفرصة أمامها لتنتشر أكثر،وتلقى الإقبال المتزايد من لدن المتلقين العاديين،أوالملاحظين المنتقدين والمعلقين،حتى تعم الفائدة الإبداعية،ويتحقق الإشعاع الثقافي المنشود...
مع أن هناك جدلاً محتدماً ينصب على قيمة كل من الوسيلة الرقمية والورقية،ويحاول هؤلاء المتحورون ترجيح إحداهما على الأخرى،كما يتسائل البعض عن سر انتقال شعراء الفيسبوك وشواعره من النشر الرقمي إلى الورقي،فهل هذا يعني أن الشاعر الفيسبوكي ملزم بأن يتقيد في إشاعة إبداعه وإطلاع غيره عليه بالوسيلة الرقمية فقط؟أو ليست له الحرية في أن ينتقل بإبداعه الشعري عبر وسائط مختلفة ليصل إلى كل القراء،و خاصة المهتمين بمجال الشعر على أوسع نطاق؟...
والأكثر من هذا كله،أن الممارسة الإبداعية لا تعتد بالوسيلة،بل ترتبط على العكس من ذلك بقريحة المبدع الشاعر وموهبته الفنية من جهة،وبطريقة تأمل ذاته الشاعرة في الحياة،والوجود المرئي والورائي،إضافة إلى الإحساس بهموم الواقع وقيمه،وما يثيره من أسئلة محيرة حول قضايا ظاهرة وخفية من جهة أخرى.
فالإبداع الشعري مثل كل الفنون الإبداعية الخلاقة،يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى إحباط الحواجز،والانطلاق من قيود الثوابت والطابوهات من أجل إثارة المخيلة الشاعرية،والتحليق بالخيال المبدع إلى عوالم واقعية أو متخيلة من خلال مساحة واسعة ورحبة للتفكير الحر،والإبداع الصادق بالكلمة الموزونة،والحس المرهف الشفاف بمتعة الذات وتجلي مكوناتها،وبمشاركة الآخرين على المدى الواسع رقمياً أو ورقياً في كل ما تبوح به من خلجات وجدانية،وحقائق واقعية عن المعيش اليومي،ورؤى الإنسانية ومثلها العليا.