السيمائية في لغة الشاعرة جولان عزوز

قراءة - صدام غازي محسن

------------------------------

تعريفات

السيمياء في معجم المعاني الجامع

-

السِّيمِياءُ : السِّحر ، وحاصلُه إِحداث مثالات خياليّة لا وجود لها في الحسِّ

السِّيمياء : الكيمياء القديمة وكانت غايتها تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب ، واكتشاف علاج كلّي للمرض ووسيلة لإطالة الحياة

سِيمِياءُ الشَّيْءِ : عَلامَتُهُ

سِيمِياءُ الوَجْهِ : حُسْنُهُ

: عِلْمٌ يَبْحَثُ دَلالَة الإِشاراتِ في الحَياةِ الاجْتِماعِيَّةِ وَأَنْظِمَتِها اللُّغَوِيَّةِ

-----

اما السيميائيات مصطلَح كما عرف في الأدب

يدلّ على نظرِيّة لدراسَة العلامات ،

وتُعنى السيميائياتُ بكلّ العلامات و الرموز والصّور والمفاهيم والأفكار ، خلافاً لباقي المستوياتِ .

وتنقسم العلامات إلى أيقونات ورموز واشارات كما كتب في تعريفات السيمائية .

وفي هذه النص للشاعرة جولان عزوز نتناوله في هذا البحث في ربط النص بما يشتمله هذا المصطلح ، ففي هذا النص تقول الشاعرة

لتكن...خارطةً

بلون غربتك

..سأغمضُ أنفاسي

وأتبعُ...حنينكَ

أرسم حدودك..وجوداً لي

وكم أخشى...أصحو على حين غفلة!

والمكان ذاته... يحاصرني!!

الدلالة السيمائية للنص

لتكن ... وهي أشارة عن الكينونة التي ستكون قطعية عاجلا أم آجلا ، لتربط بأيقونة الخارطة وهي كنية عن تبديل الوطن فما هو الوطن في النص ؟

هل هو الوطن الأم الذي ولدت فيه ؟

ام هو الوطن الحبيبة ؟

أو الزوجة ؟

لتكمل الشاعرة في سيمائية لغتها المعتادة في أغلب نصوصها ( بلون غربتك ) ، الرمز هو اللون والذي يؤول الى معان عديدة ، كلون البشرة ، أو الشعر ، أو لون الأعين وخاصة وفي سياق النص يتبين إن المقصود بالغربة هي امرأة أخرى ، والأيقونة هي الغربة كناية عن الأنزياح الذي حدث ، لتكمل من خلال النص في دلالات صورية

سأغمضُ أنفاسي

وأتبعُ...حنينكَ

( سأغمضُ أنفاسي ) ، دلالة صورية ترمز الى إغماض العين ظاهرا ، لكن في الباطن حين نرجعها الى مذهب السيمائية هي علامة لشيء ما ، أما تحمل أيقونة أو رمزا لشيء م ، أو إشارة وهي ولا تُعرف الا ما بعد معنى كلمة ( سأغمض ) لتتابع ( أنفاسي ) إذن هي اشارة أتت في كتم الأنفاس وخاصة تتوضح حين يكمل القارئ النص في التتابع ( وأتبعُ...حنينكَ ) ليكون الرمز جاهزا للمتلقي ، فإغماض الأنفاس واتباع الحنين صورة أصبحت مكتملة ، فالحنين هو الإشتياق لغائب ما غيب جبريا او قصريا ، ليكتمل الحدث بعد مزج الصور ببعضها البعض . تستمر الشاعر جولان ففي المقطع الأخير من نصها القصير تقول

أرسم حدودك... وجوداً لي

وكم أخشى...أصحو على حين غفلة!

والمكان ذاته.....يحاصرني!!

هنا استحضرت مصطلح الإحداث ، وهو فضفاض لغويا لكن أرادت به سبق الزمن ورسم الحدث المسبوق بالماضي الى حدث مستقبليا لتكمل

( أرسم حدودك..وجوداً لي )

أرسم أيضا هي اشارة سيمائية ربطتها بنفس أيقونة الخارطة ، لكن هنا إحداثية حين أتت الخارطة أُستبدِلت برمز العلامة المستقبلية .

فحدود الخارطة هي رسمتها والحدود هي وجودها ، لكن لم تكتمل الفكرة عن ماهية هذه الحدود وعن عرضها وطولها الى آخر تفسير العلامة .

فالحدود والوجود الذاتوي للمتكلمة هو الصورة التي رسمت ضمن سيمائية النص

وكم أخشى...أصحو على حين غفلة!

والمكان ذاته.....يحاصرني!!

إسترجاع تنبؤي أتت به الشاعرة ، لترسم عن كل ما قيل في مستقبل ربما تكون الحدود هي نفسها ذاتها التي رسمت في الأيقونة الأولى ، وتكون جيولوجية الخارطة نفسها بتكوينها الجغرافي ، صورة رُسِمَتْ بنفس خلطة مكونات السيمائية ، لكن أتت بالمقطع الثاني متمنية أن تتغير هذه الوصفة علما انها تعرف مسبقا أن المكونات هي نفسها ونفس شكل الأيقونات والرموز والإشارات التي رسمت .

إن مصطلح السيمياء الذي اشتقت منه السيمائية له معان عديدة والذي اختلف في نشئة قدومه وجذره وخاصة بعد أن طبق في النقد الأدبي .

ولذا اختير هذا النص للشاعرة جولان عزوز كمثل بما يحمل في طياته من علامات تؤدي الى أيقونات ، ورموز ، وإشارات . لتكمل هذا المشهد في محاكاة ذاتوية بجمالية متقنة .

-------------------------------------

صدام غازي محسن