يسرى السيد يكتب ....يا بابا تواضروس : التطبيع ممنوع والزعل مرفوع!!

القاهرة 02 ديسمبر 2015 الساعة 12:03 م

فوجئت بزيارة البابا تواضروس بابا الكنيسة الأرثوزكسية إلى القدس بهدف الصلاة على الإنبا إبراهام بطريرك القدس كما أعلنت الكنيسة ...وأضافت الأخبار أن هناك علاقة إنسانية كانت تربط بين تواضروس وإبراهام منذ أيام الرهبنة واستقبال الأخير للبابا عند دخوله الدير لأول مرة ...المفاجأة كانت لها عدة أوجه بعيدا عن الجوانب الإنسانية والحل له عدة أوجه أيضا !!

البداية الصادمة أن ما فعله البابا تواضروس ضد ما أعلنه البابا شنودة بشكل واضح وقاطع لا لبس فيه وعاش مدافعا عنه ., ومنه كنا نستمد بعض القوة الروحية وهو :

"إن المسيحين المصريين لن يدخلوا القدس إلا فى أيد إخوانهم المسلمين المصريين وإن المسيحيين المصريين لن يكونوا شوكة خيانة فى ظهر العرب ..."

قالها البابا شنودة منذ سنوات وبسببها وبسبب مواقف وطنية أخرى استحق عنها لقب بابا العرب مسيحيه ومسلميه ...وكان موقف البابا السياسي متضامنا مع موقف جموع الشعب المصرى الرافضة لكافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيونى , ولم تنجح محاولات الإسرائيليين المستمرة فى كسر هذا الموقف وانطلق الموقف القبطى متشابها و مساندا لموقف نقابة الصحفيين ( بالمناسبة كان البابا شنودة عضوا فيها ) وموقف اتحاد الكتاب ومواقف المثقفين التى تتصدر كافة مؤتمراتهم وتجماعاتهم الأدبية والثقافية .

لذلك كانت زيارة تواضروس للقدس دون أن يدرى البابا زيارة كارثية وضربة فى عمق مشاعرنا الوطنية , واعتقد لو كان هناك مستشارا سياسيا لقدم له مشورة مختلفة حتى لا يجد البابا نفسه فى هذا المأزق !!

وأنا بصراحة لم أتفهم سبب هذه الزيارة التى قد تتعارض نتائجها مع مشاعر البابا الإنسانية, والسبب المشاعر الوطنية والكنسية فى آن واحد يا سيادة البابا ....لأن المشاعر الوطنية التى نعرفها جميعا لم تفلح كل المحاولات فى اختراقها ..أما الموقف الكنسى فقد خالفه البابا من عدة أوجه وليسمح لى البابا بمكانته الأثيرة فى نفسى بذكرها غضبا وانفعالا واختلافا ... مثلا :

أولا :خالفت يا سيادة البابا موقف المجمع البابوى فى الكنيسة الأرثوزكسية الذى كان وراءه موقف البابا شنودة برفض زيارة القدس إلا مع المسلمين المصريين واعتبار زيارة المسيحيين للقدس بمفردهم خيانة فى ظهر المسلمين العرب .

ثانيا :إذا كان ترسيم البطريرك بالنسبة للكنيسة المصرية أكثر أهمية من الناحية الدينية والبروتوكلية فقد تغلبت الكنيسة قبلك على هذه الإشكالية وهى غاية فى التعقيد , أقصد طبعا أن البطريرك لا يرسمه إلا البابا باعتبار منصبه هو الوحيد الأعلى عنه , لذلك قامت الكنيسة بإرسال وفد كبير من قادة الكنيسة المصرية إلى القدس لترسيم البطريك إبراهام منذ سنوات كبطريق للقدس والشرق حتى لا يسافر البابا شنودة إلى القدس ويكسر حصار عدم التطبيع مع إسرائيل .

ثانيا : ماذا سيفعل البابا تواضروس عند ترسيم بطريرك جديد بعد أيام أو أسابيع ...هل سيسافر بنفسه طبقا للتقاليد الكنسية للقدس مرة ثانية أم سيرسل وفد كنسى رفيع المستوى ويسير بذلك على درب البابا شنودة الذى خالفه منذ أيام بزيارة القدس؟!

ثالثا : البابا تواضروس قال بالحرف الواحد إنه سيسير على خطى البابا شنودة وتعاليمه ولكنه فى أول اختبار له سار بالأستيكة على أول خطوة منه !!

رابعا : وهذا شأن داخلى للإخوة الأقباط لايحق لنا أن نتتدخل فيه لكن السئوال مطروحا ...هل سيكون هناك شأنا جديدا فى كافة الأمور القبطية التى كان للبابا شنودة موقفا محددا منها على غرار زيارة القدس .

خامسا : ماذا سيفعل البابا مع المسيحيين الذين كسروا ويكسرون وسيكسرون تعاليم البابا شنودة ويزورون القدس؟.. وهل تستطيع الكنيسة أن تمارس ضدهم أية عقوبات كنسية بعد مخالفة البابا تواضروس للبابا شنودة الآن ؟!

سادسا : ألم تسأل ياسيادة البابا نفسك عن معنى ومغزى زيارتك فى هذا التوقيت لأراضى يحتلها كيان غاصب وتزداد ضراوته وشراسته هذه الأيام , واستشهد بسببها المئات واعتقل الآلاف ومازال الدم يجرى ساخنا فى القدس التى زرتها والمدن المحيطة بها ...وبالتالى تكون زيارتك طعنة أشد ألما من طعنات العدو فى ظهورنا ودعما معنويا لا محدود لعدو يأخذ هذه الزيارة فى سجلات استشراف الانتصارالمستقبلى !!

سابعا : رفض قبولك دعوة الرئيس الفلسطينى محمود عباس لزيارة رام الله لم تخفف من الأمر شيئا ,وكلامه وكلام بعض وزرائه بأن زيارة القدس والأراضى المحتلة زيارة للسجين وليس للسجان كلام فارغ ’ لإننا كشعوب نرفض التطبيع مع عدو يؤكد كل يوم قباحة وجهه , وفى نفس الوقت إذا كانت حكوماتنا ترى مبررا سياسيا لعقد اتفاقات مع العدو فالأمر ليس ملزما لنا لأن معركتنا معه معركة وجود لا حدود ’ ونؤمن بغد , النصر فيه آت آت حتى لو كان اليوم مشحونا بالتمزق والتشطى والضعف من كل لون ولون!!

المهم اعتراضى على زيارة البابا تواضروس لا يعنى انتقاص من إعجابى بشخصه وثقافته لكن الإعجاب

بالشخص شىء وبالمواقف السياسية والوطنية شىء آخر ..وعلى فكرة اعترضت فى هذا المكان وبشدة منذ فترة على زيارة د. على جمعة مفتى الجمهورية السابق للمسجد الأقصى حين فوجئنا بزيارته للقدس ... وكان هجومى أشد وأعنف على د. جمعة,...

وله وللبابا تواضروس أقول : لم نكن نتوقع أن يأتى السهم منكم ومع ذلك اطمئنكم أن جسد المقاومة أشد ويحتمل مثل سهمكما الملايين ومرفوض أية أسباب وهمية لاختراق جدار عدم التطبيع,