لا شك أن هناك فجوة كبيرة تتسع يوما بعد يوم بين هذا الوطن والأخلاق والقيم,وعندما نسلط الضوء على القضية الأخلاقية بالذات ونحن نفكر تفكيرا ناجحا,ونحلل تحليلا ناجعا,فإننا نعتبرها جوهرا أساسيا للحياة,يحقق السعادة البشرية,ويخلق جوا من التناغم والوئام بين المجتمعات وأفرادها.

عندما ينحرف الإنسان - كل إنسان - عن مسار الحياة الصحيح,الذي يقتضيه هذا الجوهر الأساسي للحياة,فإنه يتحول كل شيء إلى عالم فوضوي,وتعايش همجي وحشي,ومجتمع متفكك أناني,فتنقلب الأمور بكل معنى الكلمة رأسا على عقب,وتقسو الحياة كل قسوة كما يقسو زلل القدم على حجر أصم,وهذا هو شبح الفساد الأخلاقي الذي يمشي على قدميه ورجليه.

فالإنسان اليوم فينا - أي إنسان - مفتون في عقله وروحه ونفسه,إلا من رحم ربه,والفتنة هذه أخطر وأخطر بكثير من فتنة المذابح والمجازر,لِنَتَصَوَّرْ معا عندما تسود الأنانية حياة الإنسان,كيف يتم استحالة المجتمع البشري إلى قنبلة فتاكة,وكيف تتحول العدالة والقضاء إلى قوة تلتهم الأبرياء,وكيف يصبح الظالم فوق القانون ...تلك هي الحياة الميتة !!

عندما يصبح في أي مجتمع علماؤه الكوادر,وقياداته الساسة,ناهيك عن المثقفين المتفلسفين,أفسد الفاسدين,وأفسق الفاسقين,فمن باب أولى أن تضرب العامة بقضية الأخلاق والقيم عرض الحائط " لايستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون "

وأمام كل هذه الكارثة يتساءل الوجدان الواعي : أليس بأفضل التغير جذريا,ويتحلى الحكام والجميع بروح من المسئولية,ونستخلص العبر مما قد حصل,ونبحث عن الحل الشافي الكافي,حتى لا ننجرف نحو حافة الهاوية ؟! أليس الأحرى أن نكون واضحين وواقعيين,ونتماشى مع الحقائق في التفكير والتحليل حتى لا نعيش في فقاعات أوهام أو أحلام,حتى لا نركز فقط على الإيجابيات إلى درجة أننا مغفلون ؟! أليس الأجدى الانفتاح أكثر بعيدا عن انزواء كل في ركنه,و عن رروح التعصب والحزبية المتحمسة ؟! وهل يؤذينا أن نتخيل الحقائق كما هي,بحيث لا نبالغ فيها فوق ما ينبغي ؟! فمن الغلط أن نتصور أننا شعب الله المختار مثلما تدّعي اليهود,أو أن هذا الوطن بلد استثنائي في العالم .

بقلم/ شيخ محمد فال