هؤلاء هم من سبقونا بالمطالبة بإلغاء اتفاقات خصخصة قطاع الكهرباء - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هؤلاء هم من سبقونا بالمطالبة بإلغاء اتفاقات خصخصة قطاع الكهرباء

فما هو موقف الحكومة الجديدة وكذلك مجلس النواب حيال هذا الملف المسكوت عنه كي لا يبقى في عداد المريبات.

  نشر في 12 ديسمبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

الدكتور جمال المصري

منذ صدور قانون الكهرباء العام المؤقت رقم 64 لعام 2002 وقطاع الكهرباء يشهد تغيرات في هيكلته استجابة لبرنامج الخصخصة بدعوى تحفيز الاستثمارين المحلي والاجنبي في القطاع لتوفـير الطاقة الكهربائية للمستهلكين بصورة كافية وموثوقة وبأسعار معقولة، وتعزيز دور هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن في تنمية القطاع، ما قاد لأن أصبح النظام الكهربائي في الأردن موزعا بشكل منفصل بين أنشطة التوليد والنقل والتوزيع والذي انتهى بخصخصة الشركات القائمة آنذاك.

ومن ذلك الحين والجدل يدور حول جدوى عملية تخصيص هذا القطاع الحيوي، وهل تحققت الأهداف الاقتصادية المتوخاة من ورائها، وليتسع هذا الجدل بعدها وما زال حتى يومنا هذا ليطال أسئلة معلقة لم تلقى بعد إجابات شافية من قبل مسؤولي الطاقة والمتابعين. وتدور هذه الأسئلة حول ارتفاع تكلفة الطاقة الكهربائية وفرق أسعار الوقود الذي يضاف إلى فواتير الكهرباء الذي يبرر بأنه الفرق بين سعر تكلفة انتاج الطاقة الكهربائية وسعر بيعها، وكذلك حول استمرار ارتفاع مديونية شركة الكهرباء الوطنية باضطراد حتى يومنا هذا بدلا من التخلص من هذه المديونية وإعادة الشركة الى وضع استعادة التكاليف والذي ضربت لها استراتيجية الحكومة موعدا بحلول نهاية عام 2017 قبل البدء بسلسلة رفع كبيرة على تعرفة الكهرباء بدأت مبكرا منذ أيار2012 والتي ساقت إلى ارتفاع كلفة الطاقة التي أعتبر "الدكتور المعشر" خلال جلسة حوار لمنتدى الاستراتيجيات الأردني حول مشروع قانون ضريبة الدخل يوم 23 أيلول الماضي أن أحد أسباب ارتفاعها "هي التعاقدات التي قامت بها شركة الكهرباء الوطنية مع مجموعة من شركات توليد الكهرباء بأسعار طاقة مرتفعة"، وذكر أن لديها اتفاقيات ملزمة بشراء الطاقة منها.

إن الإجابة على هذه الأسئلة قد تأتي من تقرير لجنة تقييم التخاصية التي تولى الدكتور عمر الرزاز رئاستها والتي لخص نتائجه خلال لقائه الصحفي مع وكالة الأنباء الأردنية يوم 3 حزيران 2014 والتي أقتبس منها " إن مراجعة تجربة خصخصة قطاع الكهرباء تظهر جلياً أن الخصخصة بحد ذاتها لم تنجح في تحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة، أكانت بتعظيم الاستثمار الاستراتيجي، أو بحماية الخزينة من تبعات زيادة كلفة الوقود، أو بزيادة كفاءة القطاع، أو تنويع مصادر الطاقة. ويعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل من بينها التوجه نحو مستثمر مالي بدلاً عن مستثمر استراتيجي في قطاع الإنتاج والتوزيع، والفرق كبير بين الإثنين حيث ترتبط الآثار المترتبة على خصخصة قطاع الكهرباء بهيكلية وآليات تنظيم القطاع وبفصل قطاع إنتاج الطاقة عن النقل والتوزيع. كما يتم تحديد أسعار بيع الكهرباء إلى شركة الكهرباء الوطنية بناء على اتفاقيات ثنائية تبرم بينها وبين شركات التوليد، وتتولى هيئة تنظيم قطاع الكهرباء عملية تحديد أسعار بيع الكهرباء من شركة الكهرباء الوطنية إلى شركات التوزيع، وأيضاً عملية تحديد تعرفة الكهرباء للمستهلكين. وبالتالي فإن شركة الكهرباء الوطنية هي في المحصلة الجهة الوحيدة التي تتحمل المخاطر المالية". وكذلك من مقال للمهندسة هالة الزواتي وزيرة الطاقة الحالية بتاريخ 6/4/2015 بجريدة الغد التي وصفت فيها نتائج عملية خصخصة قطاع الكهرباء بالمعادلة الصعبة التي تدفع ثمنها الحكومة و ’’أخي المواطن’’ حسب تعبيرها، وأقتبس منه " إن المضحك المبكي هو أننا في الأردن ’’خصخصنا’’ كلا من عمليات التوليد والتوزيع ولكن الحكومة لا تزال تدفع ثمن عجز أو ضعف تلك المحطات وتلك الشبكات، ذلك لأن من يدفع ثمن النفط المورد لشركات التوليد هي الحكومة (ممثلة ايضاً في شركة الكهرباء الوطنية) ، وإن من يدفع ثمن الفاقد في شبكات النقل والتوزيع هي ايضاً الحكومة (ممثلة في شركة الكهرباء الوطنية)".

إن الاقتباسين أعلاه يحددان سر المشكلة والحقائق وراء استمرار تحميل المستهلكين والصناعة، بشكل غير مبرر، عبئا أثقل قدرتهم على التحمل على مدى أكثر من عشر سنوات منذ أن تم خصخصة عمليات التوليد والتوزيع لقطاع الكهرباء، والتي كانت أسبابها الموجِبة المعلنة في حينه هي الاستفادة من خبرات الشريك الاستراتيجي في قطاع الكهرباء وزيادة كفاءة عمل شركات التوليد عبر إدارات ذات خبرة في قطاع الكهرباء بما يضمن معادلة عادلة تحدد سعر بيع الكهرباء المولدة منها الى شركة الكهرباء الوطنية. وقد كان تقرير لجنة تقييم التخاصية واضحا في وصف وتفنيد هذه العلاقة الاستراتيجية المدَّعاة التي لا تتعدى مجرد الشعارات؛ فقد أكد أن المستثمر كان ماليا لا استثماريا. وهو التقرير الذي دفع جلالة الملك لتوجيه الحكومة "بعدم وضع التقرير على الرف" وبسرعة تنفيذ توصياته والتي من أهمها "إعداد استراتيجيات عملية لقطاعات الكهرباء والطاقة والاتصالات والنقل الجوي والمياه لبلورة رؤية واضحة لها، وضمان التنافس العادل بين المشغلين، وكسر الاحتكار بما يخدم الصالح العام".

لقد أخلت شركات التوليد والتوزيع وشركة الكهرباء الوطنية على حد سواء بالأسباب الموجبة لخصخصة قطاع الكهرباء، وكذلك أخلت شركة الكهرباء الأردنية بالاتفاقات المعقودة بإعفاء الشركات المستثمرة من مهمة تطوير القطاع وتحمل شركة الكهرباء لتكلفة إدامة واستطاعة هذه الشركات وتوسعها في مجال التوزيع والتوليد ولفرق أسعار التكلفة عن أسعار البيع والذي يضمن للشركات المستثمرة تسجيل الأرباح بالملايين بفضل شروط تلك الاتفاقيات التي تضمن تحقيق هذه الشركات لأرباح لا تقل نسبتها عن 10% سنويا وهو ما تؤكده القوائم والبيانات المالية لهذه الشركات. إن هذا الإخلال من طرفي المعادلة هو أكثر من كاف للرد على كل من يدعي بإلزامية تلك التعاقدات التي تستدعي المراجعة والتقويم وتصويب الخطأ الذي نرى بأنه لم يكن مقصودا، لكن استمرار الارتهان لهذه الاتفاقات على حساب الصالح العام يبعث على الريبة والحيرة؛ ذلك أنها جعلت ’’ الغُرْم’’ كله للحكومة الذي يرحل للمواطن والاقتصاد بالتالي، بينما ’’ الغُنْم’’ غير ناقص لشركات الكهرباء المخصصة. كما شكلت هذه الاتفاقات والعقود المجحفة مع هذه الشركات نوعا من الاحتكار وقف عائقا أمام إعادة هيكلة هذا القطاع والدخول في عقود تشغيل تضمن التوسع والتطوير لأنشطة هذا القطاع والاستفادة من تكنولوجيا الطاقة المتقدمة، وتوسيع نطاق استغلال الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة الكهربائية بما بتجاوز السقوف المحددة لها في استراتيجية الطاقة.

إن هذه المراجعة المستحقة، وإن كانت متأخرة، ممكنة في ظل الانخفاض الحاد في تكاليف التوليد لاعتماده على الغاز وإنشاء ميناء الغاز وتوسع إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة البديلة وكذلك لنجاح استراتيجية قطاع الكهرباء في إعادة شركة الكهرباء الوطنية إلى وضع استرداد التكاليف بحلول أواخر عام 2015، قبل الموعد الذي كان متوقعا في عام 2017، وتحقيق فائض تشغيلي لأول مرة بحوالي 154 مليون دينار في عام 2016، وهو وضع ضمنت الشركة استمراره بعد تبني هيئة تنظيم الطاقة والمعادن لآلية تعديل التعريفات الكهربائية بشكل شهري. ومن المؤسف حقا أن يتم تحميل هذه التعديلات المستمرة للمواطن والصناعة وأن تترك الشركات المخصصة تجني الأرباح عاما بعد عام.

هؤلاء هم من سبقونا بالمطالبة بإلغاء اتفاقيات خصخصة قطاع الكهرباء المجحفة ولهم الشكر أن أرشدونا إلى مواطن الضعف وكيف أنها أي الاتفاقات أضرت بالاقتصاد والمواطن أخا كان أو بعيد، ومعهم كثير. لكن" المضحك المبكي"، وأستعير هذا التعبير من الكاتبة المهندسة الزواتي، أننا اليوم صرنا نطالب بهذا الأمر من ذات الأشخاص الذين طالبوا قبلنا بعد أن أصبحوا في مقاعد المسؤولية واصحاب القرار في هذا القطاع ومستقبلة.

فما هو موقف الحكومة الجديدة وكذلك مجلس النواب حيال هذا الملف المسكوت عنه كي لا يبقى في عداد المريبات. 


   نشر في 12 ديسمبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا