لو آمنا على سبيل الخيال أن ما يجري الآن هو حال الأمة الدائم و مآلها الأبدي ، و أنه ما من سبيل للتغيير .. أو دعنا من الخيال و لنسأل أنفسنا لبرهة : هل بإمكاننا تقديم ما هو خير من الدعاء للأمة ؟ أظن أن الإجابة على مستوى العامة سيكون فحواها لا !
مع كل حدث يجري حولنا ينقسم الشعب إلى فئتين : أولاهما فئة تستنكر ما حدث ، تتفاعل مع ما يجري بالصوت و الصورة ، تجعل من حروف تغريداتها و منشوراتها صوتاً مبحوحاً لا يكاد يسمع و لكنه يدل على وجود نبض في ذلك الإنسان الجريح . و ثانيهما فئة تستنكر فعل الأولى ، و تستهزئ من فعلها ضاحكة : هل هذا أقصى ما تملكين ؟ شجب و استنكار و تعليق صورة و بعدها صمت مطبق متخذة من كل قضية حائط مبكى ، للنواح و العويل فقط .
و بين الفريقين ننقسم نحن ، و لكني أراني أميل للأولى بدافع يحركه السؤال القائل : أيهما أفضل أن نرقب كل ما يجري بصمت قاتل ، نسمع الفواجع من هنا و هناك و نكمل طعامنا و شرابنا و حياتنا كأن شيئا لم يكن ، فالصمت أولى من كلام بلا عمل ، فما الكلام إلا شاهد يدين المرء إن لم يلتزم به ؟ أم أن نختار أضعف الإيمان ، ندعو و نتكلم و ننشر و نجعل ما يجري محور حديثنا لنثبت أنه لا زال فينا قلب يحيا ، تزداد خفقاته ألما لما يجري ، و ينقبض حزنا على ما لا يملك تغييره ؟
إن قتلنا العمل فلا يجب أيضا أن نقتل الصوت و الكلام ، فبقايا الحياة خير من بوادر الموت ، و وجود الخير أفضل من العدم .
-
بيان النابلسيطالب علم أسير على درب الشبكات ، و لي في الأدب مآرب أخرى