لن نَكْرَه الشِتَاءْ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لن نَكْرَه الشِتَاءْ

( لسان حال الأطفال ضحايا الشتاء-اكتوبر 2019)

  نشر في 20 نونبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

ذكروني أن عُدْتُ للحياة أن أكره الشتاء ليس لأنه يستحق الكُره بل لأن أُناساً من البشر بإهمالهم حولوه لقاتل لي ولأصحابي فقد كنت أنتظره كل عام وأجرى أنا وأصحابي تحت رذاذ المطر نستمتع به رغم صراخ أمهاتنا ونهيها لنا عن فِعْل ذلك " ستمرضون ويصيبكم البرد و. و "

كان ينصحنا أهلنا ولا يبالغون حتى لا نغضب لأنهم من داخلهم يشاركوننا محبته وربما كانوا في طفولتهم يفعلون نفس أفعالنا، ولكن مع تغير دورهم في الحياة من صغار إلى آباء .. كبار ومسئولين عنا فلابد أن يخافوا علينا وينصحونا..

تم إلغاء الدراسة بعد إعلان الأرصاد الجوية عن أمطار رعدية وبرق مخيف.. قمنا في الصباح كالمعتاد وخرجت أنا وأصحابي لنلعب أمام منازلنا ونستمتع بالرذاذ.. لم تمر سوى لحظات.. لم نعد نسمع صوت أمهاتنا فقد بعدنا قليلا وجرينا في الشارع إلا أن تلك المسافة التي ابتعدنا بها عن بيوتنا لم تعد قريبة كما ظننا ، فقد تحول رذاذ المطر لسيول غمرت الشارع واضطررنا لخلع أحذيتنا حتى ننطلق ولكننا لم نعد نستطيع الانطلاق فقد كُبِلَتْ أقدامنا مع إرتفاع المياه في الشارع وعدم وجود وحدات صرف كما كان يحكي لي أبي عن بلادنا في الماضي...!

من منزل الجيران المغلق يأتي صوت التليفزيون يحذر من خطورة الجو وناس تشكو لغرق أولادها وسياراتها في الشارع ويُعًقِبْ المسئول الكبير: "ليس في إمكانياتنا عمل أو إصلاح وحدات شبكة الصرف وتَحَمُلْ مليارات تكلفتها من أجل عدة أيام ممطرة كل عام...! "

تتعثر أقدامنا .. نحاول المقاومة ..نمشي بصعوبة .. نحاول العودة لبيوتنا فلا نستطيع فقد جرفتنا المياه بعيدا، وارتفعت لتغمر نصف أجسادنا أنظر لأصحابي قلقا ماذا سنفعل انبعث دخان من عمود الكهرباء بالشارع ارتعدت أجسادنا لم نعرف بعقولنا الصغيرة ماذا كان يحدث؟! هو شيء غير برودة المياه.. لقد كانت الكهرباء.. صعقنا تيارها وضيع صوت الرعد والسيول أصوات استغاثتنا أنا واصحابي وضيع صوت سيول المطر العنيفة صوت نصيحة أمهاتنا...!

صعدت أصواتنا تشكو لخالقها ظُلم من ظلمنا.. ربما لو عُدْنا للحياة مرة أخرى نستطيع أن نحاول مقاومة فضولنا وحبنا للشتاء ورذاذ المطر.. ربما نسمع نصائح أهلنا. ربما يمهلنا القدر أن نعود لبيوتنا.. ولكننا لن نكره الشتاء بل سنكره من طمس جماله بقُبْح جهله فظلمنا.. لن نكره الشتاء بل سنكره من جعله غادراً فقتلنا.. لن نكره الشتاء أو نترقب مغادرته بل سنترقب مغادرتهم.. لو عُدْنا للحياة لن نكره الشتاء فهو أيقونة عشقنا.

27 أكتوبر 2019


  • 11

  • Abdou Abdelgawad
    رحلتى الطويلة مع عشق الكلمات لسنوات هاويا، تحتوينى كلماتى أحيانا وفى أخرى أحتويها ، كفانى أراء وحب الأصدقاء كأوسمة ونياشين تفيض بها ذاكرة عمرى ، وسيظل عشقنا الكبير حتى يتوقف بنا قطار الحياة، وحينها ستبقى الكلمات شاهدا ...
   نشر في 20 نونبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

لا أجد من الكلمات ما يعبر عن مدي إعجابي بكل فقرة في المقال , دام قلمك أستاذنا .
1
Abdou Abdelgawad
شكرا جزيلا وأرجو ان اكون دائما عند حسن ظنكم.
§§§§ منذ 4 سنة
جميل أستاذ عبد الجواد...
المقطع الأول ذكرنا بالطفولة و جعلتنا نعيش مع الذكريات... كان ممتعا...
المقطع الثاني جعلتنا نعود للواقع المؤلم...لا حول و لا قوة إلا بالله
3
Abdou Abdelgawad
شكرا لمروركم الكريم ومتابعتكم المحفزة تحياتي لحضرتك
مقالة مؤثرة جدا ، لن نكره الشتاء ، بل نكره الظالمين المتجبرين ، لن نكره الشتاء بل نكره الغافلين المتكبرين ، اللهم حررنا من الظلم والاستبداد ، اللهم ارحم أطفالنا واربط على قلوب الامهات والآباء يارب
4
Abdou Abdelgawad
شكرا جزيلا لمروركم الكريم شرف كبير متابعتكم لنا شكرا لحضرتك
عزة عبد القادر
لا شكر على واجب يا أستاذنا
Dallash منذ 4 سنة
لرب العرش اشكو قريحتي..
اصبوا الى جليس يؤنس وحدتي..
بقر لعمران وبعض نسائه ..
وموائد الأنعام والأعراف كانت نديمتي
قارعة وزلزلة وكوثر فيهن حكمتي..
ثم السلام الطيب المتواصل ..
على خير الأنام وسيد الأشراف حبي منه شفاعتي
ماهر باكير
2
Abdou Abdelgawad
صلى الله عليه وسلم

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا