سألني أحدهم عن وصف معاناتي مع الاكتئاب بعد ما قام بتعنيفي على أنني السبب في جعل حياتي بهذا السواد وقال لي بنظرة بها شيء من الاستهزاء: "صلى وقربي من ربنا ومشاكلك هتتحل" .. ومن بعدها كدنا ان نتشجار من حدة النقاش هو لا يعلم أن الصلاة والقرب من الله ليس من الضروري أن تحل مشاكلك بهم ،ولا يعلم أيضا أنني أدعو الله في كل صلاة بأن يزيح ذلك الهم من قلبي ويبعد عني هذا المرض اللعين .. الاكتئاب مرض مثله كمثل اي مرض عضوي آخر ولكن هو مرض الروح؛ مرض ينهش في روحك حتى تتآكل جميعها فتصبح بلا روح..

سئمت من توضيحي بكل ما أشعر به، سئمت من الرد على جميع التساؤلات السخيفة التي يطرحها البعض، سئمت من كوني غريبة لبعضهم.. كل ما في الأمر أنني لم أستطع تحمل ما حدث وليس بالضروي انا اشرح لكم ما حدث ف هذا يخصني وحدي لا علاقة لك به أيها الأحمق الفضولي.

جاءوا لي أصدقائي ذات مرة ليخبرونني ان مدرس اللغة العربية سأل عني في الحصة السابقة ؛ليشرح على جملة كمثال شعرت بالفخر تخيلت أنه سيمدح في وفي هدوئي المبالغ فيه ولكن الحقيقة هو كان يشرح جملة "مقطب الجبين" وسأل عني ليريهم ما معنى هذه الجملة ..حزنت لما سمعت وقررت أن أعدل جبيني بيدي كلما ألاحظ تقطيبه .للأسف لا يعلمون أنني أكره نفسي بشدة ،وأكره ذاك الشعور الغبي بأن العالم لم يحبني ويرفض وجودي، أكره عندما يسألني أحدهم عن سبب حزني الدائم ويخبرني بثقة: "مفيش حاجة في حياتك تستاهل دا أحمدي ربنا انتي احسن من غيرك" أعلم جيدا أنني افضل حالا من غيري ولكن كل منا له طاقة تحمل وانا ليس لدي ما يكفي من الطاقة حتى أتقبل العيش معكم..

لم يكن لدي أصدقاء أو بمعنى صحيح أن كل أصدقائي تركوني بمفردي دون حتى أن يسألوا عن المشكلة ف جميعهم هربوا اولهم هرب بسبب سكوتي الغير مبرر واخرهم هرب أنني تحدثت وبوحت بكل ما في جوفي حتى وثقت بأن لن يرحلوا ولكن رحلوا .. كنت أشعر باليُتم حتى تأقلمت وأصبحت وحيدة بل وأشعر بالوحدة دائما حتى وإن لم أكن كذلك، أصبح هذا الشعور صديقي دائما ولا أظنه يتغير...

أول تجربة انتحار كانت صادقة حد الفشل من بعدها تعلمت أن الذي ينتحر لا يخبر احد ولا ينتحر ببعض حبوب الصداع مثلا ف أنها ستصيبك ببعض الألم في معدتك لا أكثر.